الـحـقــــائق الــغـــــائبـــــــة عـــــن ينـــايــــر

الـحـقــــائق الــغـــــائبـــــــة عـــــن ينـــايــــر
الـحـقــــائق الــغـــــائبـــــــة عـــــن ينـــايــــر

إيهاب فتحي

 مرت تسع سنوات على أحداث يناير والحراك الجماهيرى الذى صاحبها، يمكن لهذه السنوات وبفعل التاريخ أن تصفى الحدث من الشوائب وتظهر حقيقته، لكن التاريخ فى حقيقته عمل يصنعه البشر وبعضهم يستخدم فى صنعته أدوات شريرة من خداع وزيف لأجل مصادرة الحدث لصالح وجهة نظره المغلوطة ولايكتفى بما أنتجه بل يريد أيضا فرضه على عقل المتلقى ويوهمنا بأنه الحقيقة الوحيدة لما حدث.


تغيب الحقيقة وسط ركام صنعة الزيف وتنقلب الأحداث التى مرت علينا وأمامنا بفعل الصانع المخادع الى أحداث أخرى معطية نتائج مختلقة...فى بعض الأحيان يعمل الزمن لصالح الخداع ضد الحقيقة خاصة إذا كان شهود و صناع الأحداث لا يملكون جرأة الصانع المخادع فى إنتاج الزيف.


تعرض الحراك الجماهيرى فى يناير لعملية فك وتركيب على يد الجماعة الفاشية الإخوانية التى تجيد بمهارة صنعة الزيف وهذه الإجادة ليست غريبة عليها لأن الجماعة الفاشية ماهى إلا ابن مكتمل الشرعية للخداع نفسه، تم فك هذا الحراك من أصله وانتزاعه من أسبابه التى أدت إليه وتغييب حقائقه ثم إعادة تركيبه بصنعة الزيف وفق وجهة نظر مغلوطة وكانت الجماعة الفاشية ومن ورائها ومن ولاها وراء هذه العملية المتقنة فى تمزيق التاريخ وطمس الحقائق وهل هذا غريب عن عصابة الشر الإخوانية؟ .. تاريخها المشين يفضح أفعالها. 


تأتى بنية الجماعة الفاشية منذ نشأتها الأولى لترسخ أسلوبها فى صنعة الخداع فهى تخرج للعلن من داخل أقبية أجهزة المخابرات الغربية من وراء أستار الدين لإخفاء وجهها القبيح، تدعى أنها جماعة وطنية وهى الخنجر الذى أستله المستعمر لضرب الوطنية المصرية فى ظهرها، تروج بأنها تريد إقامة دولة العدل وهى معول هدم الدولة،تنسج خطاب ركيك حول سلميتها وهى مبتدعة الإرهاب والحاضنة الرئيسية للتكفير والراعية والمحفزة لكل جماعة شيطانية تلقت منها هذا السم، تصر أنها لسان الصدق وهى ماكينة لا تتوقف عن إنتاج الأكاذيب.


لا تكتفى الجماعة الفاشية بما تمتلكه من خبرات الخداع لكنها تغزل شباكها لتضم إليها العملاء والبلهاء.


يسرع العملاء إليها ملقيين ضمائرهم فى سلال القمامة من أجل المال الحرام الذى تدخر منه الكثير فى خزائنها أما البلهاء فهم وقود ماكينة الخداع الإخوانية، بهذه الخبرة التاريخية الإجرامية فى الخداع وتغييب الحقائق وبمعاونة شبكة العملاء وبلاهة البلهاء عملت طوال تسع سنوات على حراك يناير لتخرجه من أصله وتغييب حقائقه لصالح أغراضها الشريرة.


قبل حراك يناير خرجت الجماعة تلهث وراء مشروع التوريث وتتمسح فى أقدام القائمين عليه متوسلة أن يلقوا لها ببقايا مائدة المشروع المنتظر عندما ينتهون من إعداده وجاء هذا اللهاث والتوسل على لسان زعيم العصابة الإخوانية مهدى عاكف الذى أعلن عن استعداد عصابته لأن تكون فى خدمة الوريث القادم.


كف الجشع بصر وبصيرة القائمين على مشروع التوريث الساذج عن كل ما حولهم من ثوابت داخلية وخارجية تتعلق بأمة فى حجم الأمة المصرية لا يستقيم معها مشروع بهذه السذاجة ولكنهم مضوا فى مشروعهم المؤسس على حتمية الفشل.


شبكة العملاء


عندما أدركت الجماعة الفاشية أنها خارج اللعبة القادمة تحول هنا لهاثها وتوسلها إلى نباح ضد القائمين على التوريث ليس رفضا له بل محاولة أخيرة فى الحصول على فتات المائدة كأن ما لا ينفع بالتمسح والتوسل سيأتى به النباح.


فى يناير عندما تحركت شرائح متعددة من الجماهير ضد هذا المشروع الفاشل أسرعت آلة دعاية الشر والخاصة بالجماعة الفاشية ومعها شبكة العملاء والبلهاء لتغييب واحدة من أولى حقائق حراك يناير. 


لقد خرجت الجماهير فى يناير ضد القائمين على هذا المشروع ومن وافقهم عليه وعلى رأسهم عصابة الإخوان الفاشية لكن العصابة الإخوانية بخبرتها التاريخية الإجرامية فى التزييف والخداع أسرعت بوضع نفسها فى صف الغاضبين والرافضين للمشروع.


على من يقع اللوم هنا فى عملية الخداع والتزييف على العصابة الإخوانية أم على شرائح الجماهير التى لم تفرز وقتها بين المخادعين والخائفين على صالح هذه البلد؟ لا يصلح توجيه اللوم الى العصابة الإخوانية لأن العصابات لا تلام بل تحاكم على أفعالها الشريرة أما الجماهير فقد تسبب تدافع الأحداث وسرعتها التى لاتتوقف وقلة خبرتها السياسية التى ستكتسب مع الوقت وتصل ذروة الاكتساب فى صيف يونيو 2013 إلى تعطل عملية الفرز تلك لتسير وراء دعاية شريرة ممنهجة غيبت عنها أولى الحقائق وبداية أسباب الخروج.


وجدت العصابة الإخوانية فى هذا التدافع الذى لا ينقطع ومستويات الخبرة السياسية المنخفضة فرصتها الذهبية لتأكيد عملية الخداع والتزييف التى بدأت ماكينتها تعمل فى سرعة لا تتوقف لأجل خلق واقع مغلوط لا يمت للحقيقة بصلة ليتوالى بعدها تغييب الحقائق من أجل بناء عالم شرير يستطيع استيعاب أغراض العصابة وأولها هدم الدولة لصالح التنظيم العصابى.


بمهارة المزيفين حولت العصابة الإخوانية سبب الحراك الرئيسى وهو رفض عبث القائمين على مشروع التوريث وأن حراك يناير كان هدفه الأول استعادة الدولة من عبث العابثين ووقف الترهل الذى وصل إلى درجة الانحلال فى النظام السياسى وقتها الى عداء مع الدولة ومؤسساتها وكانت البداية مع رجال الشرطة.


استهداف المؤسسات


لعبت العصابة الإخوانية هنا على قلة الخبرة السياسية المتوفرة عند الشرائح الشبابية المندفعة بطبيعتها العمرية والفرحة بالحالة الثورية المستجدة على الواقع المصرى الهادئ منذ عقود وصورت بسحر الخداع والزيف أن هذا الحراك موجه الى أحد أجهزة الدولة الرئيسية وهو جهاز الشرطة.


لم يكن غرض العصابة الإخوانية هنا تحطيم إحدى أجهزة الدولة بل هى تريد الدولة نفسها عن طريق ضرب مؤسساتها واحدة تلو الأخرى وتظهر فى الأيام الأولى من حراك يناير أفاقة أولى للوعى الجمعى المصرى وحقيقة ثانية أراد زيف الجماعة تغيبها.


طالبت الجماهير بكل طبقاتها سواء من تحرك منها فى يناير أو من أدرك من اللحظات الأولى وجود أمر ما غير مريح يقف وراء الأحداث ويتخفى وراء صدق دعوة استراد الدولة من العبث بعودة رجال الشرطة إلى مواقعهم وكان المعنى الضمنى الذى أراد زيف العصابة تغييب حقيقته أن الجماهير من الأيام الأولى فى يناير أرادت وصممت على وجود الدولة حتى استردتها بالكامل من إفك وإرهاب العصابة الإخوانية فى 30 يونيو وكان فى طليعة هذا الاسترداد رجال القوات المسلحة والشرطة بتفويض جماهيرى كامل غير منقوص لا يفرق بين الحراك فى يناير والثورة الشاملة فى يونيو.


بموازاة اندفاع حراك يناير فى أيامه الأولى ارتفعت ألسنة اللهب وغطى الدخان الأسود الكئيب سماء القاهرة وأمتدت يد التخريب الى العديد من منشآت الدولة وهنا تحولت العصابة الإخوانية من فاعل أصيل ووحيد وراء هذا التخريب إلى واعظ مخادع يحاول تلبيس عار الخراب الى الشرائح الجماهيرية التى أندفعت فى حراك يناير وتبرئ العصابة نفسها واستغلت العصابة الإخوانية هنا قلة الخبرة التى لم تكتسب بعد وضعف الذاكرة للمندفعين ليقارنوا بين حرائق يناير 2011 وحريق القاهرة فى يناير أيضا 1952 فبصمة المجرم الإخوانى كانت واضحة فى الأثنين وان اختلف الغرض الشرير ففى حريق 52 كان غرض العصابة الإخوانية خدمة الاستعمار ووقف أعمال المقاومة الوطنية ضده وتحقيق أغراض ملك فاسد.


دعاية زائفة


عملت آلة الزيف الإخوانية على تلبيس عار الخراب للمندفعين وتغييب الحقيقة بأن هتافات الصادقين فى حراك يناير كانت ترفض التخريب والمساس بالدولة ومنشآتها بل نفس هؤلاء المصدقين بدعوة الحراك هم من تولوا حماية المنشآت وشاركوا قواتهم المسلحة فى حمايتها فكيف يخربوها؟ لأن الزيف لا يستمر طويلا وهناك دولة مصرية عريقة لا تهزها الأحداث وتعمل فى دأب على الحقيقة وفى ظل الوجود الكئيب للعصابة الإخوانية كشفت التحقيقات الجنائية حقيقة ما حدث وعرت المجرم الإخوانى من براءته المزعومة لتتحمل العصابة الإخوانية وحدها عار الخراب هى وعملائها ومأجورى الخارج.


يعتبر الاعتراف سيد الأدلة وفق المبدأ القانونى وأمام زهو السلطة انطلقت ألسنة قيادات العصابة الاخوانية تتباهى بما أوقعته من خراب وتدمير باسم الثورة ولكن الكشف الكامل لحقيقة الخراب جاء من أفعال العصابة الإخوانية نفسها.


اختفى فى يونيو ويوليو 2013 وجه الواعظ البرئ وظهر الوجه القبيح الشيطانى للعصابة الإخوانية فأنطلق أتباعها وعملائها يحرقون ويخربون فى جنون كل ما أمامهم فى هذا البلد الطيب بعد أن أدركوا أن الجماهير التى حاولوا خداعها فى يناير استجمعت عزيمتها وصممت على استرداد دولتها من إرهابهم وخداعهم.


حاولت العصابة الاخوانية فى دأب بزيفها وخداعها المعتاد أن تغيب أهم الحقائق وهى التلاحم والوحدة المتجذرة فى عمق تاريخ الأمة المصرية بين شعبها وجيشها الذى هو جيش الشعب.


أرادت العصابة الأخوانية القيام بأكبر عملية إفك تاريخى وان تمحوا بالخداع والأكاذيب صور وأحداث التلاحم بين الشعب وجيشه فى يناير والتى رأها العالم أجمع وسجلها بوسائل إعلامه. 


الثورة الشاملة


هيئ للعصابة الإخوانية فى لحظة من البلاهة أنها نجحت فى سعيها الشرير وغيبت الحقائق الجلية ووصل غرور العصابة الإخوانية إلى ذروته فى تلك اللحظة مع تسللها إلى السلطة فى يوم مشئوم وظنت أنها صادرت إرادة حراك يناير لحسابها وامتطت بالخداع المطالب العادلة لتحقق أغراضها الخبيثة لصالح أسيادها فى الخارج من أرباب الاستعمار الجديد والأهم كما صورت لها نشوة الغرور وانفصالها عن روح هذه الأمة أنها نجحت فى صنع جفوة بين الشعب وجيشة.


استعدت العصابة الإخوانية لالتهام ثمرة عملها الحرام متوجهة للانقضاض على الدولة المصرية هدف العصابة الأول والوحيد ساخرة من حراك يناير الذى صدق بعض منه اكاذيبها ووثق فى عصابة دينها الإجرام.


لكن هذه العصابة المنفصلة والدخيلة على روح ووجدان الأمة المصرية لم ولن تدرك بسبب غبائها طبيعة هذه الأمة التى ظنت العصابة أنها خدعتها والحقيقة أن الأمة المصرية كانت تستدرج العصابة إلى كمين محكم لانجاة منه للعصابة وعملائها ليندمج حراك يناير داخل الثورة الشاملة فى الـ30 من يونيو وتصعق العصابة الإخوانية وتفر مذعورة أمام الجماهير التى ظنت أنها خدعتها حتى اخرجتها من هذه الأرض الطيبة وألقت بزعماء العصابة فى السجون ليدفعوا ثمن اجرامهم.


مع يناير من كل عام يرتفع نباح الفارين من العصابة الإخوانية فى الخارج عند أسيادهم متصورين بغبائهم أنه يمكن تغليب الزيف والخداع على الحقيقة.