عمرو الخياط يكتب: الالتفـــــاف حــــول مصـــــر

عمرو الخياط يكتب: الالتفـــــاف حــــول مصـــــر
عمرو الخياط يكتب: الالتفـــــاف حــــول مصـــــر

فى برلين ظهرت الصورة الحاسمة عنوانا لما جرى، الرئيس السيسى ومن حوله الرؤساء تكسو ملامح الجدية قسمات وجوههم بينما هم يناقشون تفاصيل الأزمة الليبية.

الالتفاف حول مصر ممثلة برئيسها والذى أظهرته الصورة يعبر بوضوح عن ثقلها وتموضعها على خريطة الجغرافيا السياسية، لكن هذا الالتفاف هو فى حقيقته التفاف حول منطق الحق المبين الذى تتعامل به مصر وتدفع ثمنا لشرف هذا التعامل فى عالم السياسة الذى لا يعرف سوى المهاترات والمماطلات والمصالح الجافة، فى وقت جاء فيه السيسى متحدثا بصوت مصر وبصوت الإنسانية فأصبحت الآذان الدولية مصغية لرسول الحكمة الذى جاءهم حاملا مصالح وأمن وطنه على قدم المساواة مع حق الشعب الليبى فى الحياة وفى وطن آمن.

بينما جاءت الأطراف حاملة خريطة مصالحها، ومصر حملت خريطة مصالح الشعب الليبى لتجد لها ارتكازا طبيعيا فى تعقيدات الإقليم.

لقد كان حضور السيسى حاسما لهدفه منذ البداية والمتمثل فى حفظ وانقاذ كيان الدولة الليبية الوطنية بمنهج عمل ارتكز على مايلى:

- وحدة الأراضى الليبية والرفض القاطع لدعاوى التقسيم

- وحدة الجيش الليبى
- القضاء على الإرهاب والميليشيات
- تمكين الشعب الليبى من حق تقرير مصيره 
- إعادة الإعمار

في مواجهة منهج العدل المصرى جاء الرئيس التركى محاولا حجز كرسى لميليشيات الإرهاب على طاولة المفاوضات الدولية.

بينما مصر حضرت رسولا للسلام، فقد كان أردوغان رسولا للإرهاب الدولى يتلقى وحيه من داخل صفوف ميليشيات القتل الممولة قطريا من أجل تفكيك الدولة الليبية.

لا نبالغ إذا قلنا إن كل من حضر هو صاحب أسهم فيما جرى من الأزمة الليبية بداية من تورط أطراف الناتو فى انهيار الدولة الليبية وتركها فريسة لمجموعات الإرهاب مروراً بحرب المصالح وانتهاء  بالاحتلال التركى وعمليات نقل المقاتلين من سوريا إلى أرض ليبيا، لا نستثنى منهم أحدا إلا مصر التى لم تتراجع لحظة أو قيد أنملة فى الدفاع عن الدولة الوطنية الليبية، وقدمت مثلا لما يمكن أن يكون عليه النضال

عندما أهدت العالم ثورة ٣٠ يونيو وهى ثورة الدولة الوطنية التى قالت للشعوب إن مصر قد استطاعت وأنتم تستطيعون.

بمنطق الإنسانية وحق الشعب الليبى فى الحياة كانت مصر حاضرة ومتجردة من آفاق مصالحها الأحادية إلى رحاب الأمن القومى العربى.

الصورة التى جاءت معبرة عن عمق كواليس ما جرى فى برلين هى نفسها التى عبرت عن عمق الإخلاص المصرى للقضية العربية واستعدادها لدفع تكلفة هذا الإخلاص.

بينما التف الزعماء حول الكوكب المصرى الدرى، كان أردوغان قد استبق القمة بإطلاق التهديدات باجتياح الإرهاب لأوروبا حال إجباره على الانسحاب من ليبيا.

وبينما جاءت مصر لتدافع عن أمنها القومى الذى يبدأ باستقرار ليبيا، جاء أردوغان مرتكزا على قاعدة غير مشروعة ليعلن دفاعه عن حقوق تركيا فى السلب والنهب والرعاية العلنية للإرهاب والتى لن تتحقق إلا بانهيار ليبيا.

هكذا كانت المواجهة ما بين الحق المصرى والعربى المبين وما بين السلوك العصابى التركى.

خرج الرئيس من برلين حاملا هموم وطنه وهموم الأمن القومى لا تفارق مخيلته صورة محتملة لمئات الآلاف من الليبيين وهم يصارعون الموت على سواحل المتوسط فى اتجاههم إلى أوروبا إذا ما اضطروا إلى الهجرة هربا من الجرائم التى سيرتكبها مرتزقة أردوغان، خرج الرئيس من برلين متجها إلى لندن، إلى عاصمة الضباب لكن بصيرته السياسية كانت قادرة على إدراك الطريق المصرى نحو إفريقيا بوضوح.
وفى لندن تكرر حدث الالتفاف الثانى حول الرئيس من قادة وزعماء إفريقيا الذين كانوا فى استقباله فى قمة لحضور قمة بريطانيا - إفريقيا.

الالتفاف الإفريقى حول السيسى ليس من قبيل التظاهرة السياسية بل نتيجة منطقية لدبلوماسية التنمية والعطاء التى انتهجها السيسى منذ توليه مسئولية الرئاسة.

سياسة الإنسانية المصرية طغت على السلوك الدبلوماسى للرئيس فوصلت دفقات الإخلاص إلى وجدان مستقبلية من رؤساء وزعماء العالم فدفعت برئيس الوزراء البريطانى لاستقباله على قمة السجادة الحمراء خارج إطار البروتوكول الإنجليزى لمبنى ١٠ داوننج ستريت الشهير.

في كل محفل يتقدم السيسى حاملا ملفاته يعلوها ملف الدبلوماسية الإنسانية التى انتهجتها مصر منذ لحظة استعادة الدولة فى ٣٠ يونيو بل استعادة إنسانية مصر.