لمواجهة «طوفان المستورد».. العلماء: شراء المنتج الأجنبي دون ضرورة خيانة للانتماء الوطني

لمواجهة «طوفان المستورد».. العلماء: شراء المنتج الأجنبي دون ضرورة خيانة للانتماء الوطني
لمواجهة «طوفان المستورد».. العلماء: شراء المنتج الأجنبي دون ضرورة خيانة للانتماء الوطني

دعا علماء المسلمين قديماً بأن كل سلعة يحتاج إليها الناس فرض كفاية «على الأمة» تعلم صناعتها، فاندفع الناس لتعلم الحرف والمهن حتى أطلق على المجتمع الإسلامي مجتمع الوفرة «الصناعية»، ومن هذا المنطلق وضعت الدولة على رأس أولوياتها لتنمية الاهتمام بالتصنيع، ومن ثم الدعوة «لمبادرة» تشجيع المنتج المحلي أمام منافسه المستورد حتى لا تكون مصر سوقاً لتصريف منتجات الخارج بل قلعة «صناعية» تحقق الاكتفاء الذاتي، وتصدر للخارج إنتاج ما تملكه مصر من إمكانات بشرية وفكرية ومهارية.

وبدأت بوادر هذا التعبير لدعم مصانعنا على مواقع التواصل الاجتماعي، بتبادل عبارة «نعم لشراء المنتج المصري»، ووضعت بعض المحال لافتات «جميع بضائعنا مصرية الصنع ونفخر»، وهذه رؤية واعية من رجال الدين وحماية المستهلك لنجاح هذه المبادرة الوطنية.

ما أغلى الوطن.. عبارة بدأ بها الحديث د. عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر، مستكملاً: حينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة تحت ضغط الكفار وقف على بابها يدمع، ويقول: «والله إنك لأحب بلاد الله الى الله وأحب بلاد الله إلى قلب رسول الله، والله لولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت»، وعلى نهج الرسول صلى الله عليه وسلم فإن حب الوطن والمحافظة عليه واجب دينى ووطنى ضد كل غزو خارجى ومن هنا جاءت دعوة الدولة بمبادرة تشجيع المنتج المحلى ليكون المنافس الأقوى امام طوفان المستورد حماية لانتاجنا الوطنى أحد أهم اعمدة بناء الدولة اقتصادياً، ويؤكد أن التاريخ يدون تفوق الصناعة المحلية على مختلف العصور.

ضوابط للصناع

ويضيف د. الاطرش: قيد الاسلام الحركة الصناعية بجملة من الضوابط والآداب تضفى على الصناعة بعداً دينياً وأخلاقياً مستوحى من وصايا النبوة للصناع وأصحاب العمل وعند الالتزام بها تعد من أهم عوامل نجاح انتاج سلع تلقى إقبالاً من المستهلك المصرى أمام منافسه المستورد من ذلك إتقان الصنعة  فلا يربط الصانع إخلاصه بمقدار ما يتقاضاه من الآجر بل بما تقتضيه الصنعة من إتقان قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»، ويرتبط بالاتقان مراقبة المنتج ليخرج فى افضل صورة يستحقها المستهلك، وبالصنعة للصانع والمبتكر، وعدم ظلم الأجراء وهو باب يتفنن فيه بعض أرباب الصناعة فيدخلون على أموالهم ما ينبغى أن يرد على اجرائهم فيقعون فى الشبهة والحرام قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أعطوا الاجير أجره قبل ان يجف عرقه»، واتقاء الله فى الربح بعدم المغالاة أو الغش لتقليل نفقات الإنتاج على حساب المستهلك الذى يميل بطبيعته الى الأقل ثمناً وخاصة فى الطبقات محدودة الدخل فيقع فريسة منتجات قليلة أو عديمة الجودة.

وفاء للانتماء

ويضيف: اهتمام الدولة بالتعليم الفنى لبناء كوادر مهنية وحرفية دعا إليه علماء الاسلام فى الماضى قائلين ان كل صناعة يحتاج اليها الناس فإن تعلمها فرض كفاية على الأمة فاندفع الناس لتعلم الصناعات المهنية والحرف اليدوية طلباً لمرضاة الله وتكسباً للرزق، ولنصل بمجتمعنا الى هذه المكانة نحتاج توجها قوميا لتعزيز الانتاج الوطنى بنشر الوعى الجماهيرى لتشجيع المنتج المحلى ومكاسب ذلك عند بناء عقد اجتماعى واقتصادى جديد بين رجال الصناعة والشعب يمحو اعتقاد أن المستورد أفضل من المصرى ولذا أنصح كل مستهلك يرغب فى شراء سلعة مستوردة أن يكون مضطراً لذلك وليس من باب عقدة الخواجة والمباهاة وعند وجود بديل مصرى يشترى الانتاج المحلى تعبيراً عن حبه لوطنه وانتمائه إليه وإن جنح للمستورد فهو خائن لوطنيته لعدم صدقه فى هذا الانتماء ففاتورة الاستيراد باهظة تتكبدها الدولة والمواطن دون استثناء.

المصداقية والقدوة

وتقول سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك يرجع عزوف بعض المصريين عن شراء المنتج المصرى إلى عدة اسباب منها موروث قديم ان المنتج الاجنبى أميز صناعة ولو كان الاغلى ثمنا وهذه الفكرة جاءت منذ عشرات السنين عندما كان يذهب المصرى فى عمل بالخارج ويعود محملا بالمنتجات المستوردة أو يقوم بشرائها من السوق الحرة واثبتت الايام جودتها وصلاحية بقائها مدة طويلة دون صيانة.

بل كان عند ظهور تلف بها أو عيب فى بعض السلع المعمرة ذات العلامات التجارية الكبيرة الاتصال بفرع الشركة فى مصر أو المصنع الام فى بلد المنشأ للابلاغ عن هذا يتحمل المصنع تغييرها أو صيانتها دون مقابل أو بمقابل بسيط فى مدة محددة حفاظاً على سمعة المنتج وبلده وتضيف: رغم صدور قانون حماية المستهلك عام 2018 الذى يعطى ضماناً عامين عند شراء المنتج المصرى وحق استبداله خلال 14 يوماً أو استرداد ثمنه فى نفس يوم الشراء أو رجوعه إذا وجد به عيباً فنياً خلال 30 يوماً من الشراء الا أن المستهلك مازال يعانى من صعوبات مع اصحاب المحلات تظهر فى المماطلة والتسويف.

هذا بالاضافة الى عدم جودة التشطيب النهائى للمنتج ومغالاة بعض التجار والمصنعين فى رفع الاسعار بحجة ارتفاع سعر الدولار وتحميله مسئولية هذا الارتفاع يجعل المستهلك يشعر بالاستفزاز والعزوف عن الشراء.. كما ان اخفاء عيوب السلع وبيعها على أنها درجة أولى.. أيضاً عدم المصداقية فتجد السعر مرتفعا جداً أثناء موسم بيع السلعة كالملابس مثلاً ثم انخفاض السعر أثناء الاوكازيون مما يجعل المشترى اما الانتظار إلى موعد التخفيضات أو عدم الشراء وللاسف بعض المحلات اثناء فترة التخفيضات تعرض السلع المعيبة دون تصنيفها أو بيع السلع الراكدة.. كما ان نقص الدعاية للمنتجات من اصحاب المصانع والشركات الا الشركات الكبرى مما يجعل بعض السلع لا تجد حظها فى البيع.

وأنا أرى أنه لابد من وجود القدوة فالكبار والصغار يحرصون على ارتداء واستخدام المنتج المصرى.. وأخيراً أقول: لابد ان يعرض فى السوق المنتج المصرى. الذى يعرض فى اسواق الخارج لأنه أكثر من ممتاز وتستطيع ان تفخر به حتى يعود للمصرى ثقته فى منتجات بلاده. وإحقاقاً للحق أقول ان هناك بعض المنتجات والسلع المصرية الان تفوق جودتها المستورد لذا لابد من الرقابة الصناعية الدائمة لمتابعة اسواق البيع وتطبيق القانون على المخالفين.