انتباه

القسوة العبثية!

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

ربما كانت أسوأ سبيكة يصادفها الإنسان!
قلوب أكثر قسوة من الحجارة، تجتمع مع أسباب تافهة، أو حتى مبررات تتجاوز حجمها الحقيقى، فيكون الناتج إزهاق روح، وينسى القاتل أنه بفعلته تلك، كأنما قتل الناس جميعا، وأن بانتظاره نارا يخلد فيها أبدا!
يقتل زوجته لأنها تطلب الانفصال،أو تقتله هى بدلا من خلعه!
يقتل أباه أو أمه بسبب رفض منحه ثمن شمة أو حقنة مخدرة!
أما ما يدفعه الأطفال، فأمر يتنافى مع العقل والضمير، ولا محل لإشارة عن القلب، وصفحات الحوادث تذخر بما يشيب له الوليد، فيدفع الملائكة الصغار ثمن أحقاد تفتك بقلوب الكبار، فيموت من فى عمر الزهور خنقا وحرقا وتعذيبا وذبحا دون أن يطرف جفن للقاتل، وقد يكون من ذوى القربى!!
وربما يقترن القتل بالسرقة أو الاغتصاب أو الخطف، وبمنتهى البساطة يقرر السارق أو المغتصب أو الخاطف أن يقضى على ضحيته، وكأنه عشماوى، أو جزار محترف يقوم بمهمته مع شاة!
كان بعض علماء النفس يذهبون إلى أن لحظة الإقدام على القتل يكون فيها العقل خارج الخدمة، لكن ما تكشف عنه التحقيقات أن معظم القتلة الآن، ومن غير محترفى الإجرام يقدمون على فعلتهم، وهم فى كامل قواهم العقلية، ولكن فى غيبة تامة للضمير، وبقلوب ماتت، واستبدلوها بما هو أكثر قسوة وصلابة من الحجر!
وتتجلى أبشع صور العبثية قسوة عندما يكون القاتل من يجب أن يحنو، وأن يرعى، أو أن يكون الداعم والسند!
المأساة الأكبر تتمثل فى أن تلك الحوادث التى تجمع بين القسوة والعبث، باتت أخبارا لا تهز مشاعر كثيرين، ولا تثير الدهشة عند المتلقى، ولاشك أن هذا التبلد المستشرى فى الأحاسيس والضمائر لابد أن يدق كل نواقيس الخطر، حتى لا يصبح الدم القانى اللون المحبب فى نطاق يتجاوز جمهور الترسو، الذى سار أسير أفلام الجريمة ونجومها،الذين يراكمون ملايينهم عبر عملية إفساد منظم تتجاوز الأذواق إلى الضمائر والعقول !
اتمنى تكون هذه السطور، الإنذارالأخير!