قصص وعبر | «القناوي».. أبو قلب جاحد

أرشيفية
أرشيفية

ماتت عواطفه جميعًا، وجرى في عروقه دم يحمل غضبًا وحنقًا، فأصبح مغلق الفهم والضمير، متحجر المشاعر، وتجرد من كل معاني الإنسانية والرحمة، وأذاق زوجته كأس الموت مرًا وعلقمًا، ولم يرأف بحالها  وهى تنظر إليه بنظرات سقيم يرى الحياة من وراء نقاب الموت.
السطور التالية تفيض أسى و تقطر دمًا.
حمل الزوج زوجته في كفنها الأبيض إلى مثواها الأخير، تنساب على وجنتيه دموع التماسيح، معتقدًا الهرب من عدالة السماء، ومن جريمته غير الإنسانية، وأثناء سير الجنازة، تعاظمت الدهشة على وجوه الجميع، وتوقفت الدموع في الأعين، وكأن الزوجة أبت أن تدفن إلا بعد فضح أمره، حيث فوجئوا بالمقدم حاتم حفني وكيل فرع البحث الجنائي، والنقيب محمد عبد القادر معاون أول مباحث دشنا، بمصاحبة مفتش الصحة، بعد تلقيهم بلاغ من إحدى السيدات أن هناك شبهة جنائية وراء موت الزوجة، ارتعدت أطراف الزوج، وتملكته قشعريرة عندما فاجئه مفتش المباحث عن تصريح الدفن، ازدادت دقات قلبه بالخفقان، وتلعثمت الكلمات بين شفتيه، واصطحبه وجثة الزوجة إلى المستشفى، وما أن قام طبيب الصحة بتوقيع الكشف الطبي عليها، اكتشف وجود نزيف داخلي، وكدمات بأعلى العين، وسحجة بالصدر، وجروح قطعية متفرقة بالساقين.
ادعى الزوج بسقوطها من أعلى سلم المنزل، وبتضييق الخناق عليه استبد به اليأس ولم يجد أمامه سوى الاعتراف بجريمته الشنعاء، وأنه قام منذ عام بإلقاءها من الطابق الثاني بعد مشادة نشبت بينهما، لكنها حفاظًا على العشرة، وخوفها من لقب مطلقة لم تقم بالإبلاغ عنه.
انهار الزوج الجاحد، وبصوت يشوبه غلظة وتهكم قائلًا: "كانت مبتسمعش الكلام"، ونشبت بينه وبينها مشادة كلامية اشتاط على إثرها غيظًا، وانقض عليها كالوحش يسدد لها اللكمات والركلات دون رحمة أو شفقة، وأمسك "بالكوريك" وسدد لها ضربة قوية على رأسها، وسحبها كالشاه داخل إحدى غرف المنزل، وتركها دون طعام أو شراب، معتقدًا بذلك تأديبها، وبعد عودته فوجئ بوفاتها، فخشي أن يفتضح أمره، فقام بتغسيلها بنفسه، وتكفينها، ولم يخبر طبيب الصحة، وحملها إلى المسجد لإقامة صلاة الجنازة وسط المشيعين ودفنها بمقابر الأسرة.
وأرشد عن الأداة  المستخدمة في الجريمة "الكوريك"، وتم تحرير المحضر اللازم، وأحيل إلى النيابة التي قررت حبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات، وصرحت بدفن جثة الزوجة بعد العرض على الطب الشرعي.