فى الصميم

نوايا برلين وتحديات الواقع

جـلال عـارف
جـلال عـارف

لم يكن الهدف من مؤتمر برلين أن يتم التوصل إلى الحل الشامل للأزمة الليبية فى بعض ساعات، وإنما كان المطلوب هو بلورة اتفاق يلزم كل الأطراف الدولية بأن تمهد الطريق أمام الأطراف الليبية للتوصل الى التسوية المطلوبة للأزمة التى كبدت شعب ليبيا أثمانا باهظة، والتى تهدد بالأسوأ إذا لم يقف العالم بحسم أمام المحاولة اليائسة من قوى الشر والإرهاب لاستنساخ تجربتها البشعة فى سوريا على أرض ليبيا.
توصيات المؤتمر عكست الكثير من النوايا الحسنة، لكن الطريق إلى الحل الشامل للأزمة مازال طويلا، وهو مرتبط أساسا بالتوافقات التى سيبدأ التفاوض حولها بين الأطراف الليبية من ناحية، وبالالتزام الكامل من أعضاء المؤتمر بما تم الاتفاق عليه فى برلين.
الرؤية المصرية كانت واضحة وحاسمة قبل المؤتمر وبعده حيث كانت تؤكد على ضرورة أن يكون الحل شاملا حتى لا تتكرر مأساة الاتفاقات بالتجزئة التى كانت تتخذ وسيلة لاستمرار الحرب حتى أوصلت ليبيا إلى المأزق الحالى. وحيث كانت القاهرة على الدوام مع إعطاء الأولوية لحل الميليشيات ولدعم الجيش الوطنى الليبى، ولوضع حد للتدخلات الأجنبية التى بلغت أوجها مع الاتفاقات الباطلة بين إردوغان وحكومة السراج، وإعلان تركيا عن مخططاتها للتواجد العسكرى الى جانب عصابات الإرهاب التى أضافت إليها الآلاف من فلول الإخوان والدواعش المهزومين فى سوريا.
أهم ما أكده مؤتمر برلين هو إدراك المجتمع الدولى لخطورة الموقف، وتوافق الجميع على أن الحل لابد أن يكون شاملا مع وضع خريطة طريق.. وتوفير مظلة دولية تخلق الظروف الملائمة لكى تتوصل الأطراف الليبية إلى الاتفاق الذى يعكس إرادة شعب ليبيا وليس الأطراف الاجنبية المشاركة على أرض ليبيا لاكتساب النفوذ أو لاقتسام الثروات.
الأسابيع القادمة حاسمة. والتجارب علمتنا أن الميليشيات لاتستسلم بسهولة، وأن الإرهاب والمهاويس الذين يدعمونه من أمثال أردوغان سوف يقاومون لأنهم يدركون جيدا أن ثمن هزيمتهم فى ليبيا سيكون فادحا.