نقطة نظام

مؤامرة «بالتلاتة»

مديحة عزب
مديحة عزب

بقلم/ مديحة عزب

«أتابعك منذ سنوات عديدة وأحرص على قراءة مقالك الأسبوعى مهما كانت ظروف وقتى المتاحة للقراءة، وقد لاحظت تغير موقفك من ثورة يناير تماما، فقد كنت تسمينها «المجيدة».. والآن تسمينها «المؤامرة».. ألا يُسمّى ذلك تذبذبا ولا أقول نفاقا أربأ بكاتبة تحب وطنها مثلك على أن تتصف به، والسؤال ونحن على أبواب الذكرى التاسعة لها هى كانت مجيدة ولا مؤامرة»..

كانت هذه السطور ملخص رسالة بعث لى بها إلكترونيا المهندس مصطفى عبد الرحمن من كاليفورنيا.. وفى الحقيقة سعدت جدا بهذه الرسالة أولا لأن هناك من يتابعنى أسبوعيا ولو على بعد آلاف الأميال، ثانيا لأنه مهتم ويريد أن يعرف سر تحولى مما حدث فى يناير ولأنك عايز تعرف فأنا حاقوللك يا مصطفى على السر.. وقبل أن أفسر موقفى فيجب التنويه أولا إلى أن تغيير المواقف من الأشياء هو سمة إنسانية عادية جدا خلقها الله فينا عندما تكشف لنا الأيام الصح من الغلط والحق من الزيف وترفع عن أعيننا الغشاوة التى كانت تمنعنا من رؤية الأشياء على حقيقتها لتحمينا من مواصلة الانخداع فيها..

نعم يا مصطفى، لقد خُدعنا فيما حدث فى يناير منذ تسع سنوات، الملايين من جموع الشعب المصرى نزلت إلى الشوارع تطالب بإسقاط النظام، بما فيهم الفقراء والأغنياء، المتعلمون وغير المتعلمين، المثقفون والجهلة، الجميع انخدع فيمن دعوا إلى الثورة وفى نواياهم الحقيقية، وحسبناها ثورة بيضاء نظيفة تهدف بالفعل إلى التغيير إلى الأفضل وصدقنا شعارها والذى كان العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. ولأن الله سبحانه وتعالى كان مع هذه الملايين المخدوعة فقد أراد أن يتحقق لها بعض ما كانت تصبو إليه وكان بالفعل يدخل فى حيز المستحيلات مثل تنحى مبارك عن الحكم والقضاء تماما على حلم التوريث لابنه وسقوط البرلمان المزيف والإطاحة بامبراطورية صفوت الشريف وأحمد عز.. وأعترف أن هذه الإنجازات ما كان ليتحقق شىء منها لولا نزول الملايين المخدوعة إلى الشوارع وقتها، أما الحقيقة التى كشفتها لنا الأيام يا مصطفى فقد كانت شيئا آخر تماما.. مؤامرة كبرى اشتركت فيها قوى خارجية عديدة وأجهزة استخبارات عالمية وأياد داخلية خائنة وعميلة مثل الشباب الذين اعترفوا لاحقا بأنهم قد تدربوا فى الخارج على كيفية إسقاط النظام الحاكم فى مصر توطئة لإسقاط الدولة نفسها والذى كان هو الهدف الحقيقى لما تم التدبير له فى الخارج، كذلك الدور القذر الذى لعبته الجمعيات غير الحكومية فى مصر والتمويل الذى كانت تتلقاه من الخارج مقابل تهييج الملايين للنزول إلى الشوارع تحت مسميات جذابة مثل حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية وغير ذلك من التعبيرات المدغدغة للمشاعر، أيضا السوشيال ميديا والمنصات الإعلامية الإخوانية وما كانت تذيعه وتبثه على الشعب من أكاذيب وشائعات وافتراءات ما أنزل الله بها من سلطان وكنا نصدقها فى غمار الرغبة فى إسقاط النظام والتغيير إلى الأفضل، ولعلنا مازلنا نذكر ولم ننس بعد ما كانت تبثه قناة الخنزيرة ليل نهار عن ثروة مبارك والتى زعموا أنها قد تعدت السبعين مليارا من الدولارات وكانت كبريات الصحف البريطانية الممولة من قطر تكرر نشر تلك الأخبار الكاذبة كنوع من التأكيد افتراء وبهتانا، وكيف كانت هذه الأخبار تشعل الشوارع والميادين نارا مؤججة..
ولعلنا لم ننس أيضا السيارات التى خرجت من السفارة الأمريكية فى محيط ميدان التحرير لتدهس المتظاهرين ثم الادعاء بأن أجهزة وزارة الداخلية المصرية هى التى دهستهم ولا ننس أيضا كيف كانت عناصر من حركة حماس الفلسطينية والتى اخترقت البلاد عن طريق الأنفاق كيف كانت تعتلى المبانى والمنشآت فى ميدان التحرير وتطلق النار على المتظاهرين ثم يتم بعد ذلك إلصاق التهمة برجال وزارة الداخلية..

حنتكلم عن إيه ولاّ إيه يا مصطفى، المساحة لا تتسع أصلا لكل البلاوى اللى حصلت ولكن فى النهاية ستظل مصر محفوظة ومحروسة تحت ظل عرش الرحمن.
 ما قل ودل: خير لك أن تقضى وقتك بالسعى لإدخال نفسك الجنة على السعى فى إثبات أن غيرك سيدخل النار.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي