تقرير| الرياضة .. والصناديق السوداء

أرشيفية
أرشيفية

الأهلى والزمالك .. بين الديكتاتورية «المقنعة» والديكتاتورية «الجامحة»


حطب «كعب داير» منذ 4 سنوات بسبب «3» سيناريوهات شخصية


الجبلاية لـ «صلاح» : لا مانع من كراهية الاتحاد .. لكن لا تكره المنتخب


لجان تفتيش الوزارة تحت الاستدعاء فى المناسبات فقط وحسب النتائج


محمد إيهاب اعتزل اجبارا لا اختيارا .. لأنه صاحب «سوابق» فى المنشطات

 

الرياضة فى مصر ما هى إلا مجموعة صناديق سوداء مطلوب تفريغ ما فيها لتسهيل المقارنة بين ما نراه فى الظاهر وما يخفى علينا فى الباطن.. المشكلة الأكبر أن نعثر عليها ونفرغها ونعرف محتواها فى الظروف الطبيعية لنتخذ الإجراءات الوقائية لنكسات وانكسارات وإخفاقات على قائمة الانتظار.

 

أما المشكلة الأصغر أن نحصل عليها بسهولة عند وقوع الكوارث والفضائح ثم نقدمها بعد الفرز فنرتب أوراق الإدانة أو البراءة حسب مقتضيات عملية تصفية الحسابات أو توجيه قائمة الاتهامات على ضوء العلاقة مع المتهمين.. لتذهب إلى من نكره وتدخل المرمى وتتجنب من نحب فتمر بجوار القائم.. وإذا تشجع المدعى وسدد فى عرين مسئول رياضى قيادى فإن الاحتمالات الأكبر أن ترتد التسديدة من العارضة.


هى حكايات بين الثلاث خشبات تستحق الانفعال معها معبأة فى صناديق.. ونحاول فتح بعضها فى هذا التقرير.. لنواصل عملية الفتح تباعا فى تقارير تالية:


الصندوق الأول


> الأهلى والزمالك وجهان لعملة واحدة.. العملة هى الديكتاتورية.. رئيسان للناديين يمارسان الديكتاتورية بطريقتين مختلفتين.. الكابتن محمود الخطيب فى رئاسته للأهلى يعبر عن ديكتاتورية مقنعة لا تراها ولكن تشعر بآثارها.. ترى فيها المصباح مضيئا لكن لا ترى التيار الكهربائى.. والمستشار مرتضى منصور فى رئاسته للزمالك يعبر عن ديكتاتورية صريحة وجامحة تراها وتشعر بها ولا تبذل جهدا فى معرفة تفاصيلها.. فأنت ترى المصباح والتيار معا.. الاثنان يحذران: سمع هس.. لا أحد يتكلم ولا أحد يفكر ولا أحد يعترض.


الكابتن الخطيب بعد تجربة قاسية فى البداية واستطلاع لأنشطة العقول داخل مجلس الإدارة واشتباك المواقف والأفكار خاصة فيما تعلق بحكايات التمويل الخارجى ومشاكل طارئة على فريق الكرة والتراشقات المنفلتة مع خصوم محليين وغير محليين شرخت قلعة الحصانة.. رأيناه يمسك بالملفات ليس لإدارتها بالمشاركة مع المجلس، بل للاستحواذ عليها واحدة تلو الأخرى.

 

وحتى فى الظروف الصعبة أو المعقدة لم يفكر فى استعادة جماعية النقاش مع أعضاء المجلس الذين اضطروا للانصراف إلى بعضهم البعض.. وفضل التشاور مع الكابتن حسن حمدى الذى تردد أنه هو الآن الذى يدير.. لكن ليس ذلك صحيحا فى المطلق.. هو يستمع من الكابتن الخطيب ويطرح له حلولا من عدة بنود ثم يتلقى ارتياحا منه لهذه البنود لكن تأتى المفاجأة أن التنفيذ يفتقد الالتزام إما ألا يستخدم أيا من هذه البنود وإما أن يستخدم واحدا منها فقط.

 

ولأن الأعضاء يدركون أنه لا منافس قادما فى الطريق على مقعد الرئاسة فإنهم استسلموا للأمر الواقع وفضلوا السعى للبقاء عن السعى لاسترداد أدوارهم الإدارية.. ومنهم من يخشى على ضياع مقعده فى الدورة القادمة خاصة ذلك الذى نجح مع المجلس الحالى فى الانتخابات بعد قصة قصيرة من التمرد على القائمة تم احتواؤها فى حينها حتى لا تعود بالمنفعة الانتخابية على القائمة المنافسة بقيادة المهندس محمود طاهر.

 

وأيضا العضو الذى تهور وتسرع عقب الحديث الشهير عن الهدايا ونشر على صفحته ما يفيد أنه يحمد الله أنه لم يكن ضمن الحاصلين على الهدايا.. وهما مع غيرهما منصرفون فقط إلى التركيز على إصلاح تلك الأخطاء الشخصية التى لا ينساها الكابتن الخطيب.. هناك حالة غير مريحة داخل المجلس وأسئلة كثيرة بين الأعضاء عن الصورة الحالية المغايرة للصورة المبهرة إبان الانتخابات وبعدها بقليل.


والمستشار مرتضى منصور.. لا تخطئ العين حالة السيطرة الكاملة على كل أجواء الزمالك من أول باب الدخول فى ميت عقبة حتى باب الخروج من جامعة الدول.. ومن أول غرفة تحت الاستاد حتى غرفة مجلس الإدارة.. لا مشقة ولا تعب ولا جهد مطلوب للتدليل على ديكتاتورية الإدارة، وهو نفسه لن ينكر أية اتهامات فى هذا الشأن.. لا يستطيع شىء بين جدران النادى أن يتحرك إلا بمعرفته.. ولا ينتظر مجلس الإدارة الاجتماع لكى يصدر قرارات بل هو يأتى بالقرارات جاهزة ليستمع إليها المجلس. 

 

أصبحت مواقف الزمالك هى فى الحقيقة مواقف المستشار.. هو الفائز إذا فاز الفريق وهو الخاسر إذا خسر الفريق.. بمجرد أن يدخل من بوابة النادى يقف الجميع على أظافر الأقدام.. له ألف عين تطل على الصغيرة والكبيرة.. كل شبر فى النادى يخضع لإرادته.. لا توجد بينه وبين العاملين مشاكل لأن المبدأ راسخ فى السمع والطاعة.. ومن لا يسمع ولا يطيع عاجلا أو آجلا يذهب مع الريح.. هو الكادر الأساسى فى الصورة والجميع من خلفه ديكور.


الصندوق الثانى


> والصندوق الثانى غريب وطريف وخطير فى آن واحد لأن الجنازة حارة جدا والمبلغ المختلف عليه مائة ألف جنيه يزيد ألفين و800 جنيه!!.. نرى فيه المهندس هشام حطب رهينة أشهر وأطول كعب داير فى تاريخ الرياضة المصرية.. فمنذ عام 2016 عقب أوليمبياد ريو دى جانيرو تفجرت حكاية المخالفات المالية والإدارية لبعثة مصر فى الأوليمبياد.

 

وبعد إثارتها على أوسع مستوى رسمى وشعبى تمت التسوية وتم الرد على الملاحظات ودارت خلالها سجالات حول طبيعة سفر ممثلى البرلمان وأيضا طريقة سفر البعثة الإعلامية.. إلا أن السنوات الأربع الماضية شهدت جولات الكعب الداير مع حطب.. كل فترة يتم استدعاؤه وكان الاستدعاء الأخير مع بداية عام 2020 بنفس ظروف كل مرات الاستدعاء السابقة.. يذهب ويسألونه ويجيب وينتهى الأمر.. إلا أن أجواء الاستدعاء الأخير اختلفت لأنها جاءت فى إطار شبكة معقدة من العلاقات القديمة والحديثة.. أبرز السيناريوهات والأقوال فيها أن مسئولا رياضيا سابقا ترك منصبه عنوة هو وراء إدارة عملية اللعب الدائر بحكم طبيعة عمله.. كل فترة زمنية يدخل بورقة تتطلب استدعاء غريمه الذى يسعى لإزاحته ومن ثم العودة مكانه.


وثانى الأقوال أن العلاقة بين وزارة الرياضية واللجنة الأوليمبية غامضة والظاهر فيها لا يعبر عن الباطن.. وأن هناك مستمسكات من الطرفين على بعضهما البعض.. علاوة على تمسك الوزارة بأن تعيش فى الماضى ولا تتفرغ فقط للحاضر والمستقبل.. والنبش فى هذا الماضى مرتبط بالعلاقة القديمة مع المهندس خالد عبدالعزيز وزير الرياضة السابق المستهدف الأصلى من عملية «النبش» حتى لو عبر أشخاص آخرين إذا طالتهم الاتهامات فإنها تلقائيا تطول خالد عبدالعزيز.. وثالث الأقوال أن دورة طوكيو الأوليمبية اقتربت وهى الكعكة الكبيرة على كل الأصعدة.

 

وربما لكل من الوزارة واللجنة وجهة نظر فى قرار تشكيل البعثة خصوصا فيما يتعلق بالوفود المصاحبة وفى مقدمتها الوفد الإعلامى.. وفى ظل الاهتمام الوزارى الكبير بالشق الإعلامى وأهمية الارتباط بكل عناصره من خلال الدفع بهم فى عدد هائل من اللجان، فإن خشية هشام حطب من تكرار «وجع الدماغ» حول البعثة الإعلامية فى ريو دى جانيرو عند اتخاذ قرار السفر إلى طوكيو قد يصبح عائقا أمام الوزارة فى استمرار سياسة الحشد الإعلامى فى كل مناسبة.

 

رغم أن تجربة اللجنة الأوليمبية الأخيرة فى دورة الألعاب الأفريقية كانت ناجحة بامتياز فى التغطية الإعلامية عندما وفرت على الدولة الأموال ووفرت على الوسط الصحفى الصراع واعتمدت على لجنتها الإعلامية الخاصة فى تغطية الدورة لكل الصحف ووضعت حدا للقيل والقال.


الصندوق الثالث


> والصندوق الثالث.. بطله محمد صلاح.. فمنذ اندلاع الأزمة معه عقب وضع صوره على الطائرة لا تتوقف إشارات سوء العلاقة بينه وبين اتحاد الكرة حتى بلغ مداه خلال وعقب حفل الأفضل فى الغردقة.. ولم يتمالك صلاح نفسه كما فعل فى مواقف سابقة وأبدى صراحة ضيقه من الاتحاد رغم استبدال إدارته.

 

ورغم الجهود الحقيقية التى يبذلها عمرو الجناينى رئيس اللجنة الخماسية إلا أن الشرخ لم يصلح معه كل محاولات الترميم.. والاتحاد الآن تحول من فكرة المصالحة بين صلاح والجبلاية إلى فكرة الفصل بين علاقة صلاح مع الاتحاد وعلاقته مع المنتخب.. لا مانع أن يظل كارها للاتحاد وهو يرى بوادر عودة الحرس القديم، لكن لا مجال أبدا أن يكره المنتخب.. هذا ممنوع.. حتى لو لم يكشف صلاح عن مشاعره لا مباشرة ولا بالايحاء خصوصا مع أصعب أزمة تعلقت بتحديد كابتن الفريق والتراجع عن الوعد والتعهد له بحمل الشارة ثم التراجع تحت ضغط أحمد فتحى.

 

هذا الصندوق بالتحديد صعب وبداخله مخاطر حقيقية على المنتخب بصرف النظر عن صحة أو خطأ مواقف الطرفين.. ولا يظهر فى الصورة إلى الآن سيناريو للمعالجة فى المستقبل فى يوم قد يعود فيه المهندس هانى أبوريدة وبعض رفاقه.. فى الوقت الذى يقف فيه المعنيون بالكرة المصرية حائرين بين مقتضيات عودة الحرس القديم وعودة صلاح بكامل عواطفه للمنتخب.


الصندوق الرابع


> والصندوق الرابع.. يخص بواقى وهوامش فضيحة منشطات الأثقال.. وهى استوفت كل الكلام ولا يبقى منها إلا أن الجهل الذى استعدى علينا الاتحاد الدولى مازال حاضرا.. مثلا صدقنا أن البطل الأوليمبى محمد إيهاب اعتزل بمحض إرادته لأن ايقاف الاتحاد المصرى يسرى على كل الأبطال.

 

مع أن قوانين اللعبة تسمح للبطل الذى لم يثبت عليه تعاطى المنشطات بالمشاركة فى الأوليمبياد القادمة تحت العلم الأوليمبى وفى مظلته كما سمعنا عن حالة روسيا حيث سيتم السماح لأبطالها غير المتورطين فى المنشطات بالمشاركة رغم ايقاف الرياضة الروسية كلها.

 

وكما نعرف لم يثبت على محمد إيهاب التعاطى وكان بمقدوره المشاركة فى طوكيو إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون ويعرفه اللاعب فقط أنه لا يستطيع المشاركة رغم عدم تورطه لأن القانون أيضا يشترط ألا يكون له سابقة إيقاف بسبب المنشطات وإيهاب له سابقة وتم ايقافه لفترة طويلة وبعد انقضاء العقوبة عاد للعبة.. لكنه الآن اضطر للاعتزال ولم يعلنه طواعية وانتهت علاقته بالرياضة.


الصندوق الخامس


> والصندوق الخامس ربما يكون للبعض مضحكا.. فبعد كل بطولة يخفق فيها أحد فرقنا.. تتسارع وتيرة الحساب والعقاب.. وتبادر الوزارة بإرسال لجنة تفتيش التى فى التو واللحظة تثبت وجود مخالفات مالية وإدارية تتطلب على الفور الإقالة وتغيير مجلس الإدارة والدخول فى دائرة التحقيقات.

 

هذا معناه أن الوزارة لا تقوم بدورها على مدار الساعة وهذا الدور معروف وهو مراقبة المؤسسات الرياضية ماليا.. هى تنتظر فقط نتيجة المشاركة فى بطولة.. إذا نجح الاتحاد يبقى يا دار ما دخلك شر.. لا توجد مخالفات ولا لجان تفتيش ولا يحزنون ولا مانع من حفل تكريم.. وإذا فشل الاتحاد فى بطولة فهو فاسد ومتورط فى مخالفات ويا دار دخلك كل شر.. هذا حدث مع كل البطولات التى انتهت بالفشل بداية من اتحاد الكرة إلى اتحاد الأثقال إلى اتحاد الطائرة.. هل قال أحد للوزارة.. بتعملى إيه؟.. لا أحد سأل لماذا تعمل بالقطعة.. الناجح يمر والراسب يتم احتجازه .