حريات

غيطان القاهرة

رفعت رشاد - rrashad41@hotmail.com‬
رفعت رشاد - [email protected]

تلتبس فى أذهاننا معانى الكلمات والعبارات ومدلولاتها، خاصة لو كانت منقولة عن لغات أو نظم أجنبية. فالبيروقراطية، مثلا، تعبير إدارى وتنظيمى له مكانته المقدرة لدى علماء الإدارة والتنظيم يعنى ببساطة المنظومة الإدارية الواجب التزام خطواتها لضبط أداء العمل. فى مصر نفهم البيروقراطية على أنها التعقيدات التى يضعها الموظفون لتسيير مصالح المواطنين. مثال آخر وهو الحكم المحلى أو الإدارة المحلية، ورغم وجود اختلاف فى المعنى والهدف بين العبارتين إلا أنهما يؤديان دورا متقاربا أو متشابها فى دولة مثل مصر. الحكم المحلى يصلح أكثر فى الدول الفيدرالية أو الكونفيدرالية لكن مصر وهى دولة عتيقة فى المركزية ترى حكوماتها أن الإدارة المحلية أنسب للتطبيق من الحكم المحلى. الحكم المحلى يتيح الفرصة كاملة للسلطات لتطبيق السياسات التى يرونها صالحة لمجتمعاتهم طالما أن المواطنين راضون عن هذه السياسات ويتم ذلك بعيدا عن سلطة الحكومة المركزية. أما الإدارة المحلية فهى تكون جزءا من السلطة التنفيذية، أى الحكومة، ولذلك سحب القانون منها أدوات الرقابة الفعالة مثل الاستجواب واكتفى بمنح عضو المجلس المحلى أداتين هما السؤال وطلب الإحاطة بجانب أدوات أخرى تتطلب إجراءات أكثر تعقيدا عند استخدامها مثل لجان تقصى الحقائق وغير ذلك. هذا يعنى أن المحليات بمعناها الحقيقى ليست مصدرا للفساد، إنما الأشخاص هم الفاسدون.


الحديث عن المحليات بشقيها التنفيذى وهى التى تشمل الموظفين فى المحافظات والمدن والأحياء وغيرها، والشعبى التى تشمل المجلس المحلية بكل مستوياتها وتضم أعضاء منتخبين، هو حديث عن لب المشاكل فى مصر، فإذا صلحت المحليات صلح الشارع المصرى الذى هو وجه الحياة وإذا فسدت المحليات فسد الشارع وفسدت معه حياة الناس وصاروا يعانون من المنغصات فى كل مكان وزمان. المحليات بشقيها تعنى التراخيص أو الترخيص بكل شيء، فلو غضت المحليات البصر عن الشارع لسبب أو لآخر لوجدنا ما نراه ونعايشه يوميا فى بلادنا. ولأننى أعيش فى القاهرة فيمكننى أن أصف حالة شوارعها بما لا يرضى أحدا، فالقاهرة وهى من أقدم المدن نخجل من أن نتحدث عنها بفخر، فلم يعد فى إمكان أحدنا أن يذهب إلى مكان بسهولة بسبب الزحام والميكروباص والتوك توك وصار «ركن» السيارة مشكلة المشاكل بعدما صار الشارع تحت سطوة السايس الذى يتمتع بالحماية.


تحولت المسألة إلى أزمة معقدة، وأرى أن المشكلة فى عقول القائمين على المحليات بدءًا من المحافظ وما يليه فى التسلسل الوظيفى. لا عمل لموظفى المحليات إلا التساهل مع محلات معينة لتحتل الرصيف وجزءا كبيرا من الشارع أو تنظيم حملات وهمية كل فترة لتسجل الدفاتر أنهم متيقظون، مثلهم مثل شرطة المرور الذين بمجرد تعرضهم للنقد، نجدهم يردون بحماس أنهم حرروا مليار مخالفة!!


لماذا لا تعود أدوات الرقابة للمجالس الشعبية المحلية فى القانون الجديد؟. أسير فى شوارع القاهرة مترجلا أو راكبا وكأننى فى غيطان بلدنا فى الريف يمكن أن أقف فى أى وقت أو أتجه يمينا أو يسارا فى أى وقت وربما تصدمنى جاموسة أو حمار فى أى لحظة، فالغيط لا رقيب عليه.