مشوار

«الصواريخ».. عودة إلى التوازن

خالد رزق
خالد رزق

من بين كل أسلحة الحرب الحديثة يبدو أن الصواريخ بنوعيها الدفاعى والهجومى سيكون لها كلمة الفصل فى تحديد آفاق النزاعات العسكرية بين الدول، ففى سباق التسلح الجارى حالياً والذى أنطلق ما بعد عملية غزو العراق واحتلاله، وما أكتسب خلالها وبعدها فى النزاعات الإقليمية والدولية من خبرات ميدانية لم تحظ أى نوعية أخرى من السلاح بأهمية كتلك التى حصلت عليها الصواريخ، إذ كشفت الحروب القائمة عن أنه ليس أنجع منها فى الوصول إلى أهداف العمليات العسكرية للدول المهاجمة ولا أهم منها فى منع تحقيق هذه الأهداف أو التقليل من تأثيرها دفاعاً.
خلال السنوات التى تلت حرب تموز ٢٠٠٦ ما بين لبنان والعدو الصهيونى ومع تدارس نتائجها الاستراتيجية على ضوء الفرق المهول ما بين القوة العسكرية لجيش الاحتلال العدوانى والقوة المحدودة للمقاومة اللبنانية ( حزب الله ) التى تعتمد فقط على عناصرها من الأفراد المقاومين بتسليحهم الفردى المضاد للأفراد والدروع ونوعيات بدائية من الصواريخ محدودة التأثير، ثبت أنه وبعيداً عن الفارق الشخصى فى نوعية المقاتل والتى يتفوق فيها رجال المقاومة، فإن صواريخهم البسيطة كانت بالغة التأثير وإلى حد ينسب لها الفضل فى ردع العدو بحراً بإصابة البارجة ساعر، وإجبار المستوطنين فى شمال ووسط الأراضى المحتلة على اللجوء إلى المخابئ.
ولست أظننى مبالغاً إذ أقول بأن هذه الحرب تموز كانت وراء الدفع بعمليات التطوير الواسعة لصواريخ الدفاع والهجوم عالمياً وفى المنطقة، وهو ما كشفت عنه العمليات العسكرية الروسية التى أديرت من بحر قزوين واستهدفت بصواريخ كاليبر مناطق احتلها الدواعش فى سورية، وأخيراً فى العملية الهجومية التى نفذتها قوات الحرس الثورى الإيرانى واستهدفتا قاعدتى عين الأسد وأربيل الأمريكيتين بالعراق، وكشفت عن أنه حتى أحدث منظومات الدفاع الجوى التى تفاخر بها أمريكا العالم، ليست ذات جدوى فى التصدى لصواريخ إيرانية وهو ما ينسحب على أى صواريخ مماثلة تمتلكها جيوش لبلاد أخرى. وهذا ما يرسم أولويات التسلح الاستراتيجى عالمياً فى المنظور القريب.