كلمات عابرة

بذور الانحراف!!

حمدى حامد
حمدى حامد

أثارت حادثة التحرش الجماعى التى وقعت بمدينة المنصورة مؤخرًا العديد من ردود الفعل؛ بعضها أدان من قاموا بهذه الجريمة النكراء والبعض عاب على الفتاة ارتداء ملابس قصيرة تثير غرائز الشباب، وفريق ثالث ألقى باللائمة على المجتمع ككل وغياب التربية السليمة والالتزام بشكليات الدين دون جوهره الحقيقى والسكوت على حوادث التحرش حتى استفحلت وانتقلت من المرحلة الفردية إلى التحرش الجماعى.. وما بين هؤلاء الفرقاء المختلفين يبقى التساؤل: ما الذى يجعل (الانحراف) يتحول من سلوك فردى إلى ظاهرة جماعية؟ وكيف يمكن مواجهة ذلك الانحراف بطريقة تقوِّمه وترده إلى جادَّة الصواب؟
هذه القضية شغلت الصديق الكاتب الصحفى محمد الشرشابى الذى صدر له مؤخرا كتاب بعنوان (انحراف) يناقش الأمر من جميع جوانبه الدينية والنفسية والاجتماعية.. حيث يرى أن تعامل المجتمع مع مظاهر الانحراف فى بدايتها على أنها سلوكيات فردية لا خوف منها على المجتمع دون مواجهتها والتصدى لها يؤدى مع مرور الوقت إلى انتشارها ويجعل السيطرة عليها ومقاومتها من الصعوبة بمكان، ويعد التغافل عن مواجهة ظواهر الانحراف الفردية فى مهدها غرسا لبذور الانحراف الجماعى التى لا تلبث أن تستفحل ويصعب علاجها.. بل والأدهى أن تجد من يؤصل لها ويدافع عنها بل ويحارب كل من يقاومها باعتبارها أصبحت أمرًا واقعًا!!
ويؤكد الشرشابى فى كتابه القيم أنه لا يمكن لأحد أن يتصور أن مجتمعا قد يجتمع على الضلال مهما شاع وتعاظمت آثاره وكثُر مناصروه، لكننا فى الوقت ذاته لا يمكننا إنكار أن شيوعه قد يُشعر البعض بغياب الحق وهو إحساس طبيعى لكنه سرعان ما يختفى بالعثور مصادفة على من يقاومون الباطل أو حتى التنقيب عنهم.. ويشير إلى أن من الخطورة أن يشيع بين الأجيال أن الانحراف سلوك وأن القبح عادة وأن الفحش سلوك حياة وأن البذاءة طريقة تعامل..
الكتاب جدير بالقراءة، خاصة ونحن على أعتاب العُرس الثقافى الأكبر وهو معرض القاهرة الدولى للكتاب، والقضية جديرة بالاهتمام على كل المستويات فى ظل تنامى العديد من الظواهر السلبية فى المجتمع.