إنها مصر

الإبداع الذى نفتقده !

كرم جبر
كرم جبر

الجماعة الإرهابية تعلم جيداً أن الولاء للوطن، كان مسماراً فى نعش خلافتهم المزعومة، وأنه عندما هتف المصريون باسم بلدهم، تبددت فى الهواء أطماعهم العدوانية، بعد أن زعموا كذباً أن عشق الأوطان ضد الأديان، وأن أرض المسلمين لجميع المسلمين، وأن حاكم مصر ليس ضرورياً أن يكون مصرياً، بل مسلم حتى لو كان من الهند أو باكستان أو ماليزيا.
من هنا تأتى أهمية إيقاظ الوعى وتصحيح المفاهيم والمعاني، وأهمها أن الوطن هو الولاء والانتماء والغاية الكبرى، نفتديه بأرواحنا، ونسعد برفعته ونشقى بآلامه وأوجاعه، ونسعى أن نسلمه لأبنائنا المخلصين، مثل الأب الذى ينام قرير العين، إذا كان أبناؤه أوفياء.
>>>
شهدت مصر فى سنوات قليلة أحداثاً تحتاج قروناً، وتغيرت الأمزجة وتعددت الولاءات، وتجمع الحصاد المر فى أحداث 25 يناير، حيث قفزت جماعة الشر فوق المشاعر الوطنية، واختارت لها علما غير العلم ونشيداً غير النشيد، واختلطت الدفوف الصاخبة بالإيقاعات الحالمة.. وظهر بيننا من يدعى أن حب الأوطان ضد الأديان، ومن يصوب رصاص الغدر فى صدر أخيه المصرى المسلم والمسيحي، ومن يقتل صائماً، ويحرق مسجداً وكنيسة.
واستدعت قوى الشر مخزون الوقيعة، لتفتيت الكتلة الصلبة على أساس دينى وطائفي، دون أن يدركوا أن مصر ليست قبائل تتنازع على آبار المياه فى الصحراء، ولكنها نيل عظيم يفيض خيراً فى المشاعر والوجدان، ولا يمكن لرياح الصحراء الساخنة، أن تقهر نسائم الأرض الطيبة.
>>>
تعودت الأسر المصرية زمان أن تسهر فى شتاء ليلة الخميس، للاستماع إلى حفلات أم كلثوم، وكانت مهرجاناً كبيراً حول الراديو، واكتست كلمات الأغانى فى هذه الفترة بريقاً من ذهب، وعاشت مصر أفضل سنوات الإبداع، لأن المصريين أحبوا بلدهم، ومن يحب يتحمل الصعاب ويغفر الأخطاء.
وشهدت تلك السنوات ازدهاراً رائعاً للأغانى الوطنية، فغنى المصريون للسد العالى والوحدة العربية والصورة المشرفة التى تجمع المصريين، وفاضت المشاعر الجميلة فى الكلمات الحماسية والألحان الرائعة، وخلقت نماذج للإبداع المصرى العظيم الذى نفتقده اليوم، رغم عظمة الإنجازات الحالية التى تفوق ما كان يحدث فى تلك الفترة.
وجاءت «حرب يونيو» بمؤامرة متعددة الأطراف، ولكنها تصب فى مجرى واحد هو كسر إرادة مصر، ولكن الشعب استدعى رصيده الوطنى الكامن فى الأعماق، وقرر أن يتحدى الهزيمة، واستيقظت قوى الشر والتطرف من كمونها، وقادت حرب التشكيك فى الهوية الوطنية، واشتعلت معارك الكر والفر، بين أبناء جيل الثورة، ولوبى أعداء الثورة.
>>>
نحتاج إيقاظ الشدو القادم من أعماق الأغانى الوطنية الخالدة، فمازلنا نشعر بالحنين للألحان التى أوقدت فى النفوس الحماس.. ليس مهماً أن نستدعيها فى أيام الذكرى، ولكن أن نؤمن أننا شعب كان يتوج أفراحه بالألحان، وكلمات ليست كلمات، ونجوم عاشوا فى زمن الإبداع.