أخر الأخبار

رغم مخاطرها على الأم والجنين.. لهذه الأسباب «الولادة القيصرية» الوضع المفضَّل لـ«الحوامل»

لماذا تعد الولادة القيصرية المفضلة لدى الحوامل
لماذا تعد الولادة القيصرية المفضلة لدى الحوامل

- د.عمرو حسن:المفاهيم الخاطئة عن ألآم الوضع.. و«الأعمال الدرامية» سبب لانتشار الظاهرة 

 

- د.ياسمين أحمد: تقدم سن الزواج يؤدى إلى تفضيل السيدات «القيصري»


- د.محمد عبد العزيز: الولادة الطبيعية سبب رئيسي في اكتمال رئة الجنين 

 

تحقيق: هاجر زين العابدين 

 

أشارت الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة الولادة القيصرية في مصر طبقا لنتائج المسح السكاني في عام 2000 بلغت 10%، وزادت هذه النسبة إلى 27.6% في 2008، وأخذت في الازدياد حتى بلغت 51.8% عام 2014، ما يدل على أن أكثر من نصف مواليد مصر عن طريق الولادة القيصرية.

 

وأوضحت الإحصائيات أنه منذ عام 2000 إلى 2008، زادت الولادة القيصرية أكثر من الضعف أي «من 10% إلى حوالي 28%»، ومن عام 2000 إلى 2014، زادت الولادة القيصرية بمقدار 5 أضعاف أي «من 10% إلى حوالي 52%» فنسبة الولادة القيصرية في مصر طبقا لأخر مسح سكاني في 2014 والذي تم إعلان نتائجه في 5 مايو 2015 هى: 52٪.

 

وأشارت الإحصائيات إلى أن نسبة الولادة القيصرية في المستشفيات الحكومية بلغت 45%، بينما بلغت النسبة في المستشفيات الخاصة 66%، كما أوضحت الدراسة أن أعلى محافظة في نسبة الولادة القيصرية بمصر هى بورسعيد وبلغت النسبة فيها 77%، وأقل محافظة في نسبة الولادة القيصرية كانت مرسى مطروح وبلغت النسبة فيها 26%. 

 

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في 1985 أن المعدل الطبيعي للولادة القيصرية من 5 إلى 15%، وأن النسبة فوق الـ15% تعتبر غير مبررة طبياً.

 

«زيادة رهيبة»

 

 بداية أشار د.عمرو حسن، أستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بقصر العيني، إلى أنه بعد 30 سنة عاما اضطرت منظمة الصحة العالمية لمراجعة النسبة، حيث إن كل دول العالم تعدت نسبة الـ15%، وفي 2015 أعلنت عن عدم وجود نسبة معينة يمكن تحديدها كنسبة مقبولة والمهم أن الولادة القيصرية تتم للمريضة التي تحتاجها فقط.

 

وأضاف أن الأعوام الماضية شهدت زيادة رهيبة في أعداد الولادات القيصرية، وهذا الأمر لا يقتصر على مصر فقط، بل النسبة ارتفعت عالمياً، وهناك عدة عوامل ساهمت في زيادة معدلات الولادة القيصرية، مثل عدم ممارسة الرياضة، حيث إن الرياضة تساعد في توسيع الحوض وتقوية عضلات البطن ما يسهل عملية الولادة، بينما عدم ممارسة الرياضة يجعل الأم الحامل تجد نفسها في نهاية أشهر الحمل تشعر بآلام بالظهر ناتجة عن ضعف بفقراته وبالتالي تستعجل الولادة القيصرية للتخلص من الم الظهر ومع قلة الحركة، واعتماد المرأة على الأجهزة الكهربائية في تأدية واجباتها المنزلية، فقد أثرت سلبا تلك العادات على تكوين عظام وعضلات الحوض وإصابتها بالضيق والضعف، وهو ما صعب بدرجة كبيرة من إتمام عملية الولادة في صورتها الطبيعة، ويتطابق حديثي مع أقوال أمهاتنا اللائي ولدن أبنائهن وهن يعملن بالحقل.

 

«موروثات مغلوطة»


وتابع: «يجب ألا ننسى وجود بعض الموروثات القديمة وتم ترويجها من خلال الأعمال التليفزيونية والتي تركز على معاناة آلام الأم خلال ولادتها الطبيعية، ما يؤدي إلى طلب بعض السيدات إجراء القيصرية تجنبا لذلك المشهد أو اقتناع الأمهات والحموات أن حقنة "الأبيدورال" أو كما يسمونها بإبرة الظهر تسبب الشلل وبالتالي ترفض الأمهات أن تحقن بناتهن بها لتخفيف ألم الولادة وبالتالي تطلب الحامل الولادة القيصرية، إضافة إلى عدم توافر العديد من الجوانب الخاصة بالخدمة الطبية اللازم توصيلها للمرضى أثناء الولادة الطبيعية في بعض المستشفيات، ما جعل العديد من أصحاب الطبقة الوسطى بالمجتمع لديهم الخوف والرهبة من الدخول في الولادة الطبيعية وطلب القيصرية مسبقا».


«حسب ظروف الزوج»

 

وأضاف: «الولادة القيصرية يكون معدا لها مسبقاً ويتم الانتهاء منها في خلال نصف ساعة على الأكثر، غير الولادة الطبيعية وبذلك يفضلونها الأزواج  لظروف العمل، مع عدم تعود الرجل الشرقي على تقديم الدعم النفسي اللازم لزوجته أثناء ساعات الولادة الطبيعية يجعله يستسهل الولادة القيصرية، وعدم وجود رقابة على شروط إجراء العملية القيصرية وكذلك ضعف الثقافة الطبية عند الزوج والزوجة ما يترتب عدم معرفتهم بأهمية الولادة الطبيعية وانعكاس طريقة الولادة على نوع الرضاعة».
 


وأوضح أن انتشار هذه المفاهيم الخاطئة أدى إلى زيادة نسبة السيدات المطالبات من أطبائهن أن تكون الولادة قيصرية بحجة أن الألم يكون أقل عن الولادة الطبيعية، أو أن الولادة الطبيعية المتكررة تؤدي إلى ضعف عضلات «منطقة أسفل الحوض»، أو أن الولادة القيصرية تحافظ أكثر على شكل الجسم الخارجي وتناسقه.. ولكن معظم هذه المفاهيم مغلوطة.. فالألم الناتج عن الولادة الطبيعية أقل من ذلك الخاص بالولادة القيصرية، حسب السيدات اللاتي خضعن للتجربتين، حيث إن أوجاع المخاض الطبيعي هى آلام مؤقتة، يزول معظمها عقب الولادة مباشرة، باستثناء جرح العجان، الذي يلتئم في خلال أسبوع تقريبا.


 
أما في حالة الولادة القيصرية، فإن آلام عضلات البطن وجرح الجلد تستمر لعدة أسابيع. كما أن الطبيب الكفء يحافظ قدر الإمكان على قوة عضلات العجان عقب الولادة، عن طريق خياطة هذه العضلات بطريقة علمية سليمة، إلى جانب أن تمرينات ما بعد الولادة تؤدي إلى نتائج ممتازة في هذا الشأن وتحافظ في الوقت ذاته على الشكل العام للجسم.

 

«إهمال المتابعة»

 

وتشير د. ياسمين أحمد، أخصائي النساء والولادة، إلى تكاسل الأم الحامل عن إجراء المتابعة المستمرة خلال أشهر الحمل حيث إن 1/3 سيدات مصر لا يجرين الزيارات المفترض إجراؤها للطبيب خلال فترة الحمل، إضافة إلى صعوبة رعاية الأم في المستشفيات العامة أو وحدات الرعاية ما يترتب عليه أن بعض الحالات تعاني من أمراض كتسمم الحمل وتحتاج فعلاً للولادة القيصرية.

 

وتابعت: «تقدم سن الزواج لدى الإناث، من أسباب اللجوء إلى الولادة القيصرية وخاصة عند الإنجاب للمرة الأولى، فاللجوء إلى "العملية القيصرية" يكون أكثر أماناً للأم والجنين في هذه الحالات، كما أن التقدم في التقنيات الحديثة لعلاج العقم، وتنشيط المبايض أدى إلى ارتفاع نسبة تعدد الأجنة داخل الرحم، وبالتالي فالولادة القيصرية هى عملية جراحية يتم فيها إخراج الطفل الوليد بإحداث شق في بطن الأم ورحمها، وهو إجراء يهدف لولادة الطفل وفي نفس الوقت الحفاظ على حياة الأم».

 

«مشاكل الولادة القيصرية»

 

وعن العيب الرئيسي في الولادة القيصرية تقول د.ياسمين: «هو ألم ما بعد العملية. ومن المحتمل أن تعاني من ألم في الجرح لفترة لا تقل عن أسبوع ، ولا تزال نحو 8% من النساء تصاب بالتهابات بعد الولادة القيصرية، إضافة إلى الجلطة الدموية في كثير من العمليات الجراحية ما يمكن أن يكون خطراً بحسب الموضع الذي حدثت فيه الجلطة وإذا كانت الجلطة في الرئة، قد تهدد الحياة».


 
وأضافت: «هناك أيضا حدوث الالتصاقات مثل أي عملية أخرى في البطن أو منطقة الحوض، وترتفع هذه النسبة إلى 83 % بعد إجراء ثلاث عمليات قيصرية. يمكن أن تكون الالتصاقات مؤلمة لأنها تحد من حركة الأعضاء الداخلية. في بعض الأحيان، ويمكن أن تؤدي الالتصاقات إلى مشاكل في الخصوبة، لأنها قد تضغط على قنوات فالوب أو تغلقها تماماً ،كما يجب ألا ننسى مضاعفات التخدير على الأم والجنين».

 

«مشكلات التنفس والرضاعة»

 

وتابعت: «يعاني حوالي 35 من أصل 1000 طفل من مشاكل في التنفس بعد الولادة القيصرية. بينما تكون النسبة 5 من أصل 1000 طفل مولودين طبيعياً. مشاكل التنفس أكثر شيوعا عند الأطفال المبتسرين (المولودين قبل الأوان) عن طريق عملية قيصرية»، مشيرة للإصابات أثناء العملية الجراحية. حوالي اثنين بالمائة من الأطفال يتعرضون لجروح طفيفة أثناء الولادة القيصرية وبعد أول ولادة قيصرية يزيد احتمال الولادة بعملية قيصرية أخرى في حالات الحمل اللاحقة وكذلك اكتئاب ما بعد الولادة تعتبر أكثر شيوعاً عند النساء اللاتي كانت ولادتهن قيصرية مقارنة بمن كانت ولادتهن طبيعية، إلاّ أنه بعد مرور شهرين تكون المعدلات هي نفسها تقريباً.


وأضافت: «تقل احتمالات الرضاعة الطبيعية عند النساء اللاتي ولدن ولادة قيصرية مقارنة مع من كانت ولادتهن طبيعية وانخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية يؤدي إلى استخدام اللبن الصناعي الذي يعتبر مكلف على الأسرة والدولة.. هذا بخلاف ضعف مناعة الأطفال حديثي الولادة وهذا يفسر أسباب انتشار أمراض الحساسية والتنفس بين الأطفال الذين تم إرضاعهم لبناً صناعياً».

 

«أصل المسمى»
                                                                                     

وقالت: «الولادة القيصرية هي إجراء قديم يُعتقد أن الحضارات القديمة مارسته، ولكنه كان عادة ما كان يؤدي إلى موت الأم، إذ كان يُشق بطنها لاستخراج الجنين ولكن لم يكن لدى الأطباء التطور الطبي الذي يمكنهم من إنقاذها، كالتقنيات الجراحية والمضادات الحيوية. ورغم أن هذه العملية يطلق عليها "الولادة القيصرية"، ويقول كثيرون إن أول من ولد عن طريق "شق البطن" هو الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر الذي (توفي سنة 44 قبل الميلاد) ولذلك سميت باسمه، فإنه وفقا للمكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة فإن هذا مستبعد. والسبب في براءة يوليوس قيصر من العملية القيصرية هو أن الروايات التاريخية تقول إن أمه أوريليا عاشت وشهدت اجتياح ابنها لبريطانيا، ولو وُلد يوليوس قيصر بعملية قيصرية لكانت أمه قد ماتت على الأرجح».


«توصيات عالمية»

 

ويستكمل د.محمد قنديل، أخصائي النساء والولادة، أنه وفقاً للتوصيات العالمية يجب ألا تزيد نسبة الولادة القيصري عن 15% او25% كحد أقصي ، ويجب ألا تقل نسب الولادة عن 15.% وذلك لأن هناك دول في إفريقيا تعتمد على الولادة الطبيعي أكثر من القيصري  ما يتسبب في وفاه الأطفال والأمهات.

 

أما عن نسبة انتشار الولادة القيصرية في مصر فيؤكد أن لها عده أسباب وتبدأ من أول الأمهات الصغار الذين يفضلون الولادة القيصري عن الطبيعي، فهناك 70% من السيدات يفضلن الولادة القيصري عن الطبيعي، رغم إمكانية وضع مولدهن بشكل طبيعي ، ويروي أن سبب تفضيلهن للقيصري قد يرجع الأمر أن الأم تفضل أن تضع مولودها بتاريخ معين، وتخوفهم من آلام الولادة الطبيعي. 

 

وأشار إلى أن الولادة القيصرية جراحة قد ينتج عنها عده مضاعفات كأي عملية جراحية مثل حدوث جرح بالأمعاء، المثانة، وتسبب في عدوى الجرح بحدوث «صديد أو فتح الجرح»، وحمى النفاس، وهى تحدث في عنق الرحم ويكثر ظهورها مع الولادة القيصري، فهناك ثلاثة أنواع من الجراحة «صغري، كبري، وجراحة ذات مهارة فائقة» وتصنف الولادة القيصري ضمن الجراحات الكبرى.

 

«مميزات واقتراحات»

 

ولكن بالرغم من أضرارها فلها مميزات، كإنقاذ حياة الأم والطفل في حالة الولادة المتعثرة، وكذلك حاله إصابة الأم بفيروس كبدي مثل (B, C)، مقترحاً أن تحتذي مصر بتجربة البرازيل للقضاء على هذه الظاهرة ، فبعدما كانت هى الدولة التي تحتل المركز الأول تراجعت لتصبح مصر هي الدولة الأولى في انتشار الظاهرة.

 

واقترح توفير طواقم من التمريض مدربة على كيفية الولادة الطبيعي، واستدعاء الطبيب فقط في الحالات الحرجة، وكذلك توفير كافة الإمكانيات والأجهزة الحديثة داخل المستشفى، وتشديد الرقابة على العيادات المخصصة، ومنح تراخيص محددة لبعض العيادات الخاصة لأجرائها، وتوفير وحدات مجهزة تابعة للدولة لأجراء القيصرية.

 

ويستكمل د.محمد عبد العزيز، استشاري طب الأطفال، أنه يرى كثير من الأطفال يعانون من مشاكل في التنفس، بسبب الولادة القيصرية،  لأن أخر جزء يكتمل في الطفل هو الرئة بنسبة 70%، تكتمل الرئة نتيجة «طلق الولادة الطبيعي»، وأغلب الأطفال التي تدخل الحضانات بسبب الولادة القيصري ، وأغلبهم يعاني من مشاكل بالتنفس، وكذلك قد يحدث نتيجة للولادة القيصرية ، ميلاد الأطفال قبل ميعادهم، مما يسبب مضاعفات للطفل.