إنها مصر

ذكريات أيام سوداء وبيضاء !

كرم جبر
كرم جبر

وقف الزمن يحبس أنفاسه وقلوب المصريين تخفق بشدة، انتظاراً لما تسفر عنه الأحداث، فإما أن تضيع البلاد إلى الأبد، وإما أن تنقذها العناية الإلهية، وكانت «عناية الله»، فوق أيدى الأشرار والمتآمرين، فلا يمكن أن يكون مصير هذا البلد العظيم التفكك والانقسام، ولا يمكن أن يلقى شعبه الطيب ويلات الحرب الأهلية والتهجير.
فى التاسعة مساءً 3 يوليو 2013 وبعد انتهاء المهلة التى منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، لتحمل أعباء الظرف التاريخي، أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى إنهاء حكم المعزول مرسى، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووقف العمل بالدستور المشبوه.
وانفجرت مظاهرات الفرح فى الشوارع، وانطلقت الزغاريد والهتافات وكلمة واحدة تصرخ بها الحناجر «مصر.. مصر»، وعادت الابتسامة للوجوه الحزينة والقلوب الخائفة، وامتلأت الطرق والميادين بملايين البشر، الذين خرجوا كالأمواج الهادرة، يحتفلون بتحرير وطنهم واسترداد تاريخه وحضارته وثقافته وقوته، ولم يسقط شهيد واحد، بعد أن دخلت جحافل الشر جحورها، خوفاً من غضب الجماهير.
كانت ميليشيات الشاطر تجهز أسلحتها، وتعلن النفير العام استعداداً لمواجهة دموية شرسة، ولعبت القنوات الإعلامية الإخوانية على أسطوانة الشرعية، فى محاولة لاختزال «شرعية» وطن فى «أكذوبة» جماعة، وسلحوا سلميتهم الكاذبة بالمولوتوف والسيوف والمتفجرات، استعداداً ليوم الجهاد الأكبر، ورصدت الأجهزة الأمنية محاولات تسلل جماعية من عناصر حركة حماس لدخول سيناء والاشتراك فى «أم المعارك»، كما فعلوا فى 25 يناير.
وتوهمت الجماعة الإرهابية أنها قادرة على الحسم، تدعمها ميليشيات مسلحة، يمكن أن تتحرك من سيناء إلى القاهرة، وخلايا نائمة تتمركز فى المدن والقرى، ودعم خارجى من بعض الدول المعادية، بجانب الكوادر الإعلامية الإخوانية الذين تم تجهيزهم، للانتشار الإعلامى المكثف فى القنوات الإخوانية فى ساعة الصفر، وتم تدريبهم جيداً على ترويج الشائعات والأكاذيب، بأقصى درجة ممكنة.
وأصدرت التنظيمات الإخوانية الإرهابية، التى نشأت فى صورة أحزاب إسلامية، بيانات شبه عسكرية، تدعو بالحرف الواحد إلى نصب أعواد المشانق فى الميادين العامة، استعداداً لاستقبال رؤوس العلمانيين الكفرة والصليبيين، وإطعام جثثهم النجسة للذئاب والكلاب المسعورة، وأصبح المشهد هو التمهيد لمذبحة مروعة، على غرار ما تفعله داعش فى سوريا والعراق، إيذاناً بحرب أهلية تغرق البلاد فى بحور الدماء، وتفكك أركان الدولة ومؤسساتها، حتى تتمكن الجماعات الإرهابية من السيطرة عليها.
وكُتب لمصر عمر جديد، واستردت هيبتها وقوتها واحترامها فى زمن قياسي، بينما ظلت الجماعة الإرهابية محشورة فى مقبرة الخيانة والعمالة والتفريط، ومعها بعض القوى الانتهازية ونشطاء التجسس والدولار.
عقب البيان قام شيخ الأزهر أحمد الطيب بإلقاء كلمة، أعقبه البابا تواضروس الثاني، وأعلن السيسى خارطة مستقبل، تتضمن تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة البلاد فى المحنة الأكبر فى تاريخها، وعبرت الصعاب والتحديات والذكرى تنفع المؤمنين.