«الأخلاق» فضيلة غائبة عن الشارع.. و«خبراء»: غياب الأسرة و«الأفلام الهابطة» أبرز الأسباب

«الأخلاق» فضيلة غائبة عن الشارع.. و«خبراء»: غياب الأسرة و«الأفلام الهابطة» أبرز الأسباب
«الأخلاق» فضيلة غائبة عن الشارع.. و«خبراء»: غياب الأسرة و«الأفلام الهابطة» أبرز الأسباب

«إنمـا الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. أبيات شهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقي، تؤكد أن التمسك بالأخلاق سبب بقاء واستقرار الدول وتقدمها وازدهارها، فـالأمم تضعف إذا ما تراجعت فيها الأخـلاق وتهاوت القيم والمبادئ الراسخة.

 وفي الآونة الأخيرة شهدت مصر الكثير من مظاهر «الانفلات الأخلاقي».. فمن منا لم يسمع عن أب يقتل أولاده، وابن ينهى حياة والده أو والدته لتعاطي المخدرات.. أخ يفتك بشقيقه وزوجة تقتل زوجها بمعاونة عشيقها.. طلاب يعتدون على مدرسهم، ناهيك عن جرائم التحرش والاغتصاب التي باتت ضيفاً ثقيلا على حياتنا. ولا يكاد أحد في مجتمعنا لا يشكو من ارتفاع معدلات السرقة والقتل والرشوة وعقوق الوالدين وانحدار لغة الخطاب ورواج الألفاظ البذيئة وانحرافات السلوك والذوق العام، وغيرها من المظاهر الأخرى التي أسقطت الأخلاق في دوامة الفوضى الخلاقة.. ما أسباب هذه الحالة من التردي الأخلاقي؟ وكيف يمكن إنقاذ المجتمع من هذا الخطر؟.

ترصد «بوابة أخبار اليوم» في هذا التحقيق أبرز المشاكل التي يواجهها الشارع المصري وحلها من وجهه نظر الخبراء.

«دور الأسرة»

قال الدكتور محمد هاني استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن مجتمعنا افتقد جزء كبير من عادتنا واخلقنا وقيمنا لعدة أسباب، أولها للأسف  الشديد غياب دور الأسرة المهم في تعليم الأولاد الاحترام والقيم والأخلاق، مضيفا: «بنشوف انحلال الأخلاق متمثل في شاب يوبخ شيخ كبير في وسائل المواصلات ومسن واقف في حين يجلس الشباب دون مراعاة لذلك، واختراق خصوصيات الأشخاص، وطمع كل طرف في الطرف الثاني وتحامل الأطراف بعضها على بعض».

«هويتنا المفقودة»

وتابع استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية: «كنا زمان عند حدوث مشكلة نرى تكاتف الأهالي كي نجد حل للمشكلة، إما لآن فالغالبية ترفع شعار "نفسي فقط".. للأسف الشديد إحنا افتقدنا هويتنا الأخلاقية بسبب أن الأسرة غابت عن دعم الأبناء أخلاقيا وتربويا.. فنجد الأخ يعامل أخيه بطريقة سيئة دون احترام، للكبير أو الصغير وللأسف الشديد لما بتصدر الطفل للمجتمع مش هيقدر يتعامل مع المجتمع عشان هو في مكوناته الأساسية لم يعتاد على قيم الاحترام والأخلاق».

وأضاف: «نريد تلاحم أخلاقي وغرس الرحمة في قلوب الناس لأنها لم تعد موجودة، وأصبح الاغتراب النفسي هو السائد».

وتابع: «بقينا نسمع عن جرائم مكنتش بتحصل قبل كدا وتتمثل أسبابها في أولا: فقدان هويتنا الأخلاقية، وثانيا: التنازل عن مبادئنا، وثالثا: الغلو والتفريط في الدين، ورابعا: افتقاد الأسرة لدورها ومكانتها، وخامسا: الآثار السلبية للسوشيال ميديا وتتمثل في الإباحية والألفاظ الخارجة.. كل هذا أثر على سلوكيات النشء والشباب بالسلب.. فمثلا بنبقي في أماكن عامة ونسمع ألفاظ خارجة من أطفال لم يتعدوا الـ12 و14 سنة، نتيجة الاستخدام السلبي للتكنولوجيا».

«الدراما والأفلام الهابطة»

وتابع: «الدراما والأفلام الهابطة التي تنتشر على شاشات التلفزيون في صورة أفلام ومسلسلات، تعد من أسرع وأخطر الوسائل التي تصل للإنسان للغني والفقير، والأغاني الشعبية غير المفهومة، والمهرجانات وحالة الصخب والضوضاء والإزعاج كل هذا أدى إلى ضياع القيم والأخلاق».

«دور الإعلام»

وأضاف استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية: «حتى نتحدث عن الحلول يجب أولا: تفعيل دور المؤسسات المجتمعية كاملة في مواجهة هذه الظواهر، ثانيا: دور الإعلام الهام جدا في إيصال الرسائل الصحيحة للمواطنين عن طريق تفعيل البرامج الهادفة للشباب ودور الدراما والأفلام الهادفة، ثالثا: قيام المؤسسات الدينية بدورها في زيادة الوعي بفضائل الأخلاق، رابعا: تفعيل دور وزارات الدولة وخاصة التربية والتعليم والشباب والرياضة والثقافة، في القيام بدورها للقضاء على الظواهر السلبية في المجتمع».

«الزحام قاتل»

من جهته، قال الدكتور حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع، إن التغير في أنماط السلوك اختلفت بسبب عدة عوامل أهمها الزحام، مضيفا: «في الماضي الناس كان عددها قليل.. دلوقتي الناس كثرت، وكلما أزاد الزحام كلما زادت الاحتكاكات والتوترات بين الناس، فالزحام بطبيعته يؤدي إلى التشاحن بين الناس، ثانيا: التربية اختلفت عن الأول.. زمان كان في مثل وقدوة وكان في أخلاقيات محترمة جدا وكانت الأسرة بتعلم الطفل الصح والغلط والآن غابت التربية».

وأوضح الدكتور حسن الخولي، أن وسائل الإعلام بدأت بمنازعة الأسرة في التربية، بكل قنواتها وكل صورها وثقافتها المختلفة والتي تصل للأطفال تؤثر فيهم، كما أن الإنترنت والسوشيال ميديا وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي والتقدم التكنولوجي والاستخدام السيئ لكل هذا تسبب في التأثير على التربية والسلوك.

وتابع الدكتور حسن الخولي: «السؤال المهم.. كيف نعيد التوازن لصورة المجتمع؟.. يمكن ذلك عن طريق عدة صور مثل القيام بحملات عامة للتوعية والتثقيف العام ترعاها الدولة وتشارك فيها كافة المؤسسات الثقافية والإعلامية والدينية للتركيز على قيم الأخلاق».

وناشد الدكتور حسن الخولي، المؤسسات الرياضية والشبابية والأندية بعمل ندوات لتوعية الشباب والنشء والتركيز في إنتاج الدراما والأفلام على النماذج الإيجابية.

ثقافة «التوك توك» 

تؤكد د.سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية تربية جامعة عـين شمس، أنه يجب الاعتراف بوجود انفلات أخلاقي في المجتمع وهو من القضايا الهامة التي يجب معالجتها، ويتضمن هذا التدهور الأخلاقي العديد من الصور والأشكال منها بالتأكيد انهيار الذوق العام.

وشددت على أن ظهور الانفلات الأخلاقي جاء بسبب عدة محاور، أولها الأسرة حيث ينشغل الأب والأم بالعمل ويهملان في تربية أبنائهما مما يترتب عليه نتائج عكسية، والمحـور الثاني الذي يمثل خـطـورة كبيرة أيضا هـو السوشيال ميديا وما تحويها من لغة مبتذلة ومواد هابطة، بالإضافة إلى الأعمال السينمائية والدرامية التي غاب عنها الاحترام على عكس الماضي، وأصبحت تشجع على الانحراف تحت شعار نقل الواقع، فالمجتمع غالبيته شباب يتأثرون بما يشاهدونه دون وجود القدوة والمثل الأعلى.

وكشفت أن التدهور الأخلاقي له نتائج وخيمة على مستقبل الوطن تتمثل في انتشار الكذب والخداع وعدم الانتماء الوطني كما أنه يتسبب في عرقلة مسيرة التنمية والبناء، وغيرها من السلبيات.