وزير الأوقاف: حماية الأوطان والحفاظ عليها من صميم عقيدتنا

وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة
وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة

قام وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، بافتتاح وإلقاء خطبة الجمعة بمسجد الفتح بقصر عابدين اليوم 10 يناير.

وفي بداية خطبته، أكد وزير الأوقاف أن حماية الأوطان والحفاظ عليها من صميم عقيدتنا وموروثنا الحضاري وجيناتنا الوراثية وعندما نحمي مساجدنا وكنائسنا ودور عبادتنا نحمي وطننا ونحقق مقاصد أدياننا، وديننا دين السماحة ومن لا يرحم لا يُرحم.

وأكد أن ديننا هو دين السماحة والتيسير حيث يقول سبحانه وتعالي { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}، مشيرًا إلى أن قوله تعالى {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} تأكيدًا على سماحة الإسلام في أسمى معانيها، ورفضًا لكل أنواع التشدد والتطرف.

وأشار إلى ثلاث جوانب من السماحة؛ الجانب الأول السماحة في البيع والشراء، والسماحة في الكلمة الطيبة ،والسماحة مع المختلف دينيًا وعقائديًا ، فعن السماحة في البيع والشراء والاقتضاء : يقول نبينا صلي الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ ، وَإِذَا اشْتَرَى ، وَإِذَا اقْتَضَى»، وقال صلى الله عليه وسلم : «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا ، فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ »، ويقول الحق سبحانه وتعالى : {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ يَسَّر عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، وعن السماحة بالكلمة الطيبة ، يقول الحق سبحانه : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}، وفي الحديث «من لا يَرحم لا يُرحم» ، كما حث معاليه على أن يسع قوينا ضعيفنا ، ويسع عالمنا جاهلنا، ويسع شبابنا شيوخنا، ويسع كبيرنا صغيرنا، ويسع صغيرنا كبيرنا، فهذا ديننا دين المعاملة فخير الناس أنفعهم للناس كما بين معاليه أن المؤمن سهل هين لين يألف ويؤلف، والكافر فظ غليظ لا يألف ولا يؤلف .

وفي سياق متصل، أكد أن الإسلام قد كرم الإنسان على إطلاق إنسانيته فقال تعالى : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، كما حرم قتل النفس كل نفس وأي نفس فقال تعالى : { مِنْ أَجْلِ ذِالكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} كصورة للتسامح مع المختلف دينيًا وعقائديًا.

وأضاف «أننا نفرق بوضوح بين السماحة التي لا تكون إلا من قوي وبين الاستسلام الذي يكون من الضعفاء»، مشيرًا إلى أن الحلم والسماحة يحتاجان إلى قوة تحميهما ، وعلى هذا فإننا نأخذ بكل أسباب القوة خاصة في الأوقات التي تكثر فيها التحديات وتحتاج إلى وقفة رجل واحد.

وأكد أن وقوف الشعب المصري خلف قيادته السياسية وخلف جيشه وشرطته ومؤسساته الوطنية هو العنصر الأول بين موازين القوى ، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا}.

وفي ختام خطبته، أشار إلى ضرورة الوقوف صفًا واحدًا خلف قيادتنا السياسية وجيشنا وشرطتنا ومؤسساتنا الوطنية، حتى نكون دولًة تبني ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، فعندما نعمر مساجدنا ونحمي دور عبادتنا ومعالمنا التراثية إنما نحمي وطننا، ونحقق مقاصد ديننا.

وأشار إلى أن حماية الوطن والدفاع عنه جزء لا يتجزأ من عقيدتنا الدينية ، فهذا الوطن وقف عبر تاريخه الطويل حائط صد للدفاع عن أرضه وعرضه وكان شوكة قوية في حلوق أعدائه، وسيظل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بإذنه تعالى.

وأكد أن مخاطر سقوط الدول من داخلها أشد خطرًا من الاستهداف الخارجي، فلم تسقط دولة عبر التاريخ إلا وكانت عمالة وخيانة بعض أبنائها أحد أهم أسباب سقوطها.

جاء ذلك بحضور اللواء أحمد علي رئيس ديوان رئيس الجمهورية، ووزير السياحة والآثار الدكتور خالد العناني، والشيخ عبدالهادي القصبي رئيس ائتلاف دعم مصر وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، والشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني، والشيخ صبري ياسين رئيس قطاع المديريات، والمهندس سمير الشال رئيس قطاع الخدمات المركزية، والشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، ولفيف من القيادات التنفيذية والشعبية بمحافظة القاهرة.