فى الصميم

.. وكان العالم مشغولا!!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

لساعات طويلة توارى خبر سقوط الطائرة المدنية الأوكرانية فى سماء طهران ومصرع كل ركابها كان العالم مشغولا بمتابعة تطورات الموقف بعد الضربات الصاروخية التى وجهتها إيران للقواعد العسكرية الأمريكية فى العراق رداً على مقتل قاسم سليمانى قبلها بأيام.
انشغل العالم بمتابعةالتقديرات حول حجم الضربة والخسائر التى وقعت وكيف سيكون الرد الأمريكى خاصة مع أحاديث محلية فى طهران عن ضحايا أمريكيين بالعشرات من القتلى والمئات من الجرحي!!
بعد ساعات بدأ غبار  «المعركة» يتجلى، وبدأت الحقائق تتوالى خرج الرئيس الامريكى من اجتماعه مع أركان قيادته ليقول إن الأمور على ما يرام!! وخرج المسئولون الإيرانيون ليعلنوا أن الضربة «الانتقامية!!» قد انتهت. وخرجت الأنباء لتقول إن  لا خسائر بشرية من الضربات الصاروخية الإيرانية وأن الأمريكان كانوا على علم مسبق بها (!!) وبدأ الطرفان الامريكى والإيرانى فى ترديد الاحاديث عن عدم رغبتهما فى الحرب، وفى الاحتفال بالنصر الذى قال كل فريق أنه حققه!!.
بعد انحسار الخطر «ولو مؤقتا» عادت قصة الطائرة المنكوبة الى المشهد وعادت شركات الطيران العالمية التى كانت قد أوقفت رحلاتها فى المنطقة لتقييم الموقف من جديد، وبدأ الإعلام فى متابعة الكارثة ليتأكد أن كل ركاب الطائرة قد قضوا فى الحادث وعددهم ١٧٦ راكبا منهم أكثر من ٨٠ إيرانيا و٦٠ أوكرانياً. وبعد أن كان الحديث عن «عطل فني» كسبب للكارثة،  بدأت الظروف والملابسات التى وقع فيها الحادث تفرض نفسها، ومعها العديد من الاسئلة التى تنتظر التحقيق الذى تمسكت طهران بأنها هى التى ستقوم به وفقا للقوانين الدولية، بينما بدأت ـ على الجبهة الأخرى  المطالبة بمشاركة دولية لكشف حقيقة ما حدث، خاصة مع تزامنه وإطلاق الصواريخ على القواعد العسكرية الأمريكية.. وإن كان الارجح ـ حتى الآن ـ أن السبب فنى.
وبعيدا عن تجاذبات السياسة وصراعات الدول، تبدو المفارقة. كانت عيون العالم تركز انتباهها على قاعدة عين الأسد وهى تدرك ان سقوط قتلى أمريكيين بصواريخ إيران يعنى دخول الصراع لمنطقة الخطر.. بينما كان عمال الانقاذ يلملمون اشلاء ضحايا الطائرة الأوكرانية. بالقطع لم تكن الأمور هناك على مايرام!!