حروف ثائرة

صلاح والإمارات.. ومصر والأقباط !!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

كل عام وجميع المصريين بخير وسعادة بمناسبة عيد الميلاد المجيد.. كل عام وأقباط مصر طيبون وآمنون مطمئنون فى كنف أشقائهم المسلمين.. لقد سئمت من الكتابة ردًا على الهزل السنوى ودعاوى الفرقة والفتنة بعدم تهنئة الأقباط باعتبارها من صلب الدين.. أى دين هذا؟!.. وقررت ألا أكتب فى هذا الأمر خاصة وأن مصر بأسرها تحتفل بعيد الميلاد ومسلموها يهنئون شركاء الوطن بعيدهم إلا فئة مضللة لا تذكر.. لكن موقفين دفعانى للكتابة بمنظور وفكر مختلف.
الموقف الأول جدل بالسوشيال ميديا طرفاه مصرى وإماراتى بسبب صورة نشرها فخر العرب محمد صلاح له ولزوجته وابنتها مكة أمام شجرة عيد الميلاد. ونشر الشيخ وسيم يوسف خطيب مسجد الشيخ زايد بأبوظبى صورة صلاح على تويتر بتعليق كتب فيه: «حينما ينفتح الإنسان على الشعوب يعلم أن الكون يتسع للجميع.. وأن الله هو قِبلةُ الجميع ولو اختلفت الطرق».. ومن بين ردود أفعال بعض المتشددين العرب جاء تعليق لسلفى مصرى بكل أسف ليتهم الرجل بالنفاق لنشره الصورة وتعليقه المعجب بالصورة والمؤيد لتهنئة الأقباط.. ورد عليه الشيخ الإماراتى قائلا: «حينما يقوم داعية مصرى يحيا بمصر ويلقى مصطلح النفاق على من يدعو للتعايش والتسامح بين الأديان! فما موقفه مع الإخوة الأقباط وما موقفه من دولته التى تدعو للتعايش مع الأديان.. وما مصير التلاميذ الذين يخرجون من تحت يديه؟.. وما موقف المصريين من دعوته؟ وهنا لا أزيد مطلقا على تساؤلات الشيخ الإماراتى.. فعلا ما موقفنا بمصر حكومة وشعبا من مثل هذه الدعوات التى أراها تخريبية مدمرة ؟ وقبل أن أقول رأيى فى الإجابة أعرض الموقف والسبب الثانى لكتابة المقال.. الا وهو تداول اخبار ببعض المواقع عن قيام منتقبات بالتنمر الشديد على المسيحيات بعربات المترو ومضايقتهن وإهانتهن وصولا لقص شعر السيدة القبطية من قبل هؤلاء المنتقبات فى عقولهن قبل وجوههن!.. الواقعة تكررت ثلاث مرات الأيام الماضية وتروى الضحايا لحظات الرعب التى يعشنها تحت تهديد سلاح الفكر المتخلف للمتهمات اللائى تبحث عنهن الشرطة.
قد يتساءل البعض ما الرابط بين الموقفين.. بالطبع الرابط بينهما عضوى سرطانى يهدد أمننا المصرى وتماسك مجتمعنا.. فالمعين الذى خرجت منه تهمة النفاق للداعية السلفى بحق رجل عمل بروح الإسلام هو نفسه الذى بث سموم الحقد والكراهية بعقول المنقبات.. وكما أن الأول يسىء لمصر حضارة وشعبا امام العام.. فإن الثانى يهدد السلم الاجتماعى والتماسك المجتمعي.
هنا لا أتوقف امام شخصية الداعية السلفى ولا ألتفت للمتهمات المنتقبات ولا أشباههن.. فالأمر اكبر منهم ويتخطاهم كما قلت مهددا امننا القومى.. ويبقى السؤال الأهم من أسئلة الشيخ الإماراتى رغم جوهرية أسئلته.. فإذا كان الأزهر والإفتاء وكبار العلماء حسموا هذا الأمر وتصدوا لذلك الهراء فلماذا نسكت كدولة على تلك العقول الخربة والأفكار المخربة.. ولماذا لا نحاسب أصحابها ونجفف معينها ونهدم جذورها قبل ان تتشعب بأعماق مجتمعنا.. وإذا كنا سكتنا عن تحقيق هذا الحساب ووقف تلك المهزلة عقودا وسنين.. فهل تتحمل مصر الآن اعباء هذا السكوت وهى تبنى حاضرها ومستقبلها على أنقاض سلبيات الماضى.. وإذا كانت التهديدات تحيط بنا والمؤمرات الخارجية تحاك لنا فما اخطر ان نصمت على معاول هدم تماسكنا الاجتماعى لأنه خط الدفاع الأول عن مصر امام كل المخاطر.. فهل أزفت آزفة المواجهة التى ليس لها من دون رعاية الله وتحرك دولتنا كاشفة وماحقة لهذا الخطر ؟!!