2019 عام التفاعل النشط للدبلوماسية المصرية مع القضايا العربية

سامح شكرى وزير الخارجية خلال مشاركته أحد الاجتماعات بالجامعة العربية
سامح شكرى وزير الخارجية خلال مشاركته أحد الاجتماعات بالجامعة العربية

بذلت «الخارجية المصرية» خلال عام 2019، جهوداً ضخمة فى تأمين المصالح والأهداف الوطنية فى الدوائر العربية والأفريقية، وبقية الدوائر الجغرافية المهمة الأخرى فى أوروبا وآسيا وغيرها.

 

وذلك فى ضوء ثوابت السياسة الخارجية المصرية تجاه القضايا العربية والإقليمية والدولية التى تستند دائما إلى احترام وتنفيذ قرارات القانون الدولى،وهوما يتأكد دائمًا فى مواقف الدبلوماسية المصرية فى مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وفقاً لخطة واضحة من أولويات العمل تمضى قدماً نحو تحقيق السلام والتنمية. 

 

ومع بزوغ فجرعام جديد، تتطلع الدبلوماسية المصرية إلى بذل كل جهودها من أجل حماية المصالح المصرية فى كافة دوائر وملفات السياسة الخارجية وفقاً لتكليفات القيادة السياسية.  

 

حيث تواصل الخارجية المصرية سعيها نحو تطوير العلاقات المصرية مع الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكية، وتعميق التعاون الثنائى مع الاقتصاديات البازغة والدول الكبرى ذات العلاقة الإستراتيجية مع مصر، بجانب تأمين المصالح المصرية فى المحافل الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، بما يخدم أهداف أجندة التنمية الوطنية فى مصر 2030، وبما يُلبى تطلعات الشعب المصرى نحو التنمية والأمن والاستقرار والسلام.

 

مصر تساند خيارات الشعب فى السودان ولبنان .. وتواصل الوقوف بجانب الشرعية اليمنية

 

واصلت الدبلوماسية المصرية فى 2019 لعب دور نشط ومؤثر فى مختلف القضايا والأزمات العربية، من خلال التواصل الفعال مع مختلف الأطراف بهدف تحقيق مصالح الشعوب العربية فى العيش بسلام فى ضوء الرؤية المصرية الواضحة بالحفاظ على مؤسسات الدولة ومكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة. 

 

وفور إطاحة الشعب السودانى بالرئيس عمر البشير فى 11 أبريل الماضى سارعت مصر إلى إعلان الدعم الكامل لخيارات الشعب السودانى وإرادته الحرة فى صياغة مستقبل بلاده وما سيتوافق حوله الشعب السودانى فى تلك المرحلة الهامة، استناداً الى موقف مصر الثابت بالاحترام الكامل لسيادة السودان وقراره الوطنى، كما دعت المجتمع الدولى الى دعم خيارات الشعب السودانى وناشدت الدول الشقيقة والصديقة مساندة السودان ومساعدته على تحقيق الانتقال السلمى نحو مستقبل أفضل. 

 

وكانت أولى التحركات المصرية اتصال هاتفى بين الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكرى الانتقالى السودانى، لتأكيد دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، ومساندتها لإرادة وخيارات الشعب السودانى، واستعداد مصر لتقديم كافة سبل الدعم للسودان، وبعد المكالمة الهاتفية بساعات تم إرسال وفد مصرى رفيع المستوى إلى الخرطوم للتعرف على تطورات الأوضاع والتأكيد على دعم مصر الكامل لخيارات الشعب السودانى وإرادته الحرة.

 

قمة أفريقية


وبعد أسبوعين على الإطاحة بالبشير استضافت مصر قمة أفريقية مصغرة عاجلة لبحث الوضع فى السودان، بمشاركة رؤساء تشاد وجيبوتى ورواندا والكونجو والصومال وجنوب إفريقيا، فضلًا عن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، وكذلك نائب رئيس الوزراء الإثيوبى، ومستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية، ومبعوثين عن رؤساء كل من أوغندا وكينيا ونيجيريا.

 

وفى ختام القمة أكد الرئيس السيسى وجود إرادة سياسية مشتركة نحو العمل الجماعى، وإعادة تأكيد الالتزام بوحدة السودان ودعم استقراره، والتوافق على الحاجة العاجلة لمعالجة الوضع فى السودان، وإرساء نظام ديمقراطى شامل، وتعزيز حكم القانون وتحقيق تنمية فعالة، بمساعدة الاتحاد الأفريقى.

 

القمة الافريقية المصغرة جاءت بعد ساعات من استقبال الرئيس السيسى الفريق أول أبو بكر دمبلاب، رئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطنى السودانى لتسلم رسالة من رئيس المجلس العسكرى الانتقالى فى السودان، حيث تضمنت الإحاطة بشأن آخر تطورات سير الأوضاع فى السودان، كما طلب الجانب السودانى استمرار الدور المصرى الداعم لأمن واستقرار السودان لتجاوز هذه المرحلة، وهو ما أعطى مؤشرا بوجود تنسيق مصرى مع المجلس العسكرى السودانى لجمع قادة أبرز الدول الافريقية لدعم السودان. 

 

وواصلت مصر جهودها برئاسة اجتماع لوزراء خارجية مجموعة دول دعم السودان فى أديس أبابا لمتابعة تنفيذ قرارات القمة المصغرة فى القاهرة. كما عقد حسام عيسى السفير المصرى بالخرطوم العديد من اللقاءات مع كافة القوى السياسية والحزبية السودانية، لتأكيد وقوف مصر على مسافة واحدة من كافة الأطراف السودانية، وحرصها على التواصل مع كافة ممثلى الشعب السودانى بمختلف أطيافه وإنتماءاته بهدف تحقيق الاستقرار والسلام والأمن فى السودان.

 

مصر ترحب

 

كما رحبت مصر بالاتفاق الذى تم توقيعه فى أغسطس الماضى بين المجلس العسكرى الانتقالى وقوى إعلان الحرية والتغيير بشأن بنود وثيقة الإعلان الدستورى المنوط بها تسيير المرحلة الانتقالية فى البلاد؛ واعتبرت أن هذا الاتفاق يُعد خطوة هامة على الطريق الصحيح نحو تحقيق الأمن والاستقرار فى البلاد، كما شارك رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى فى مراسم توقيع الاتفاق.  

 

وفى منتصف أغسطس استضافت  مصر على مدى يومين اجتماعاً مهما بين قوى الحرية والتغيير، ومن ضمنها الجبهة الثورية، بغرض تحقيق السلام فى السودان كقضية رئيسية تهم جميع الأشقاء فى السودان ودعماً للوثيقة الدستورية.

 

وفور تشكيل الحكومة السودانية زار وزير الخارجية سامح شكرى الخرطوم للقاء رئيس الوزراء وكبار المسئولين السودانيين، حيث تناولت اللقاءات بحث آليات تعزيز مسار التعاون الثنائى فى كافة المجالات، وسُبل دعم الشعب السودانى الشقيق فى مواجهة التحديات المُختلفة خلال المرحلة الانتقالية.  ‫

 

وعلى هامش أعمال الدورة الـ ٧٤ للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، سبتمبر الماضى شارك سامح شكرى، فى الحدث رفيع المستوى حول السودان، وذلك لاستعراض سُبل دعم السودان خلال المرحلة الحالية، حيث  ‪ دعا المجتمع الدولى إلى تقديم كافة أوجه الدعم للحكومة السودانية الجديدة، مُشيراً إلى أهمية العمل على رفع السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب.

 

القضية السورية

 

وحول الأزمة السورية، فالموقف المصرى ثابت وهو الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية وسلامتها ، وقد رحبت القاهرة  بالإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية فى سوريا من قبل الأمم المتحدة ، تضم اللجنة  ممثلين عن كل من النظام والمعارضة والمجتمع المدنى بهدف مراجعة الدستور بهدف التوصل لحل سياسى ينهى النزاع العسكرى المستمر منذ أكثر من ثمانية أعوام. 

 

وقد طالبت مصر ببدء عملها بشكل فورى كخطوة ضرورية نحو التوصل لتسوية سياسية شاملة، يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسلامة مؤسساتـها، وفقـا لقرار مجلس الأمن رقم 2254  والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع فى سوريا.

 

ومن هذا المنطلق أدانت مصر العداون التركى على الأراضى السورية الذى بدأ فى اكتوبر الماضى، حيث تعتبره القاهرة خرقاً جسيماً لمبادئ ميثاق الأمم وقراراتها حول هذا الشأن.

 

وأكد سامح شكرى وزير الخارجية خلال جلسة طارئة دعت لها مصر بجامعة الدول العربية عقب العداون التركى، إن تركيا تدشن فصلاً جديداً من فصول اعتداءاتها السافرة والمتكررة على سيادة بلد عربى عزيز علينا جميعاً وعضو مؤسس لجامعة الدول العربية، مستغلة الظروف القاسية التى تمر بها سوريا لكى تشرع فى تنفيذ مخططاتها الرامية إلى إحياء عهد ولى بلا رجعة والخروج من أزمة داخلية عبر تصديرها إلى وطننا العربى.

 

وأضاف شكرى خلال جلسة ان هذا العدوان يحاول التخفى وراء ستار محاربة الإرهاب وفى ذلك ما يثير السخرية والاستغراب فى آن واحد.وحمل وزير الخارجية تركيا المسؤولية كاملة عن أى تداعيات لعدوانها السافر تؤدى إلى تفشى الإرهاب مجدداً أو عودة التنظيمات الإرهابية لممارسة نشاطاتها فى الشرق الأوسط على اتساعه.

 

أزمة اليمن

 

وفيما يتعلق بسياسة مصر الخارجية تجاه القضية اليمنية فقد أكدت مصر على ضرورة التنفيذ الكامل لأُطر حل الأزمة اليمنية والالتزام بكل مرجعيات التسوية السياسية والمتمثلة فى مبادرة مجلس التعاون الخليجى وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى الشامل وقرار مجلس الأمن رقم 2216 والذى يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار فى اليمن، ويضمن وحدته وسلامة أراضيه ويرفع المعاناة عن الشعب اليمنى الشقيق ، وذلك بالتزامن مع استمرار الجهود الرامية لمكافحة التطرف والإرهاب. 

 

حيث رحبت مصر باتفاق الرياض الذى تم التوقيع عليه فى 6 من نوفمبر الماضى بالعاصمة السعودية بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالى الجنوبى، وبرعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

 

واعتبرت مصر الاتفاق خطوة هامة تعزز من فرص التوصل لحل سياسى شامل للأزمة اليمنية، عبر استعادة التركيز على لُب المشكلة اليمنية، والالتزام بكل مرجعيات التسوية السياسية لاسيما مبادرة مجلس التعاون الخليجى وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى الشامل وقرار مجلس الأمن رقم 2216، ويستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار فى اليمن، ويضمن وحدته وسلامة أراضيه ويرفع المعاناة عن الشعب اليمنى الشقيق.

 

الوضع اللبنانى

 

تستند العلاقات المصرية اللبنانية على مبدأ الاحترام المتبادل والتشاور المستمر وتنسيق الرؤى والمواقف حيال القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك بصفة خاصة وقضايا منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، وتتطور العلاقات بين البلدين دائما إلى الأفضل فى مختلف المجالات. 

 

وأكد الرئيس السيسى خلال لقائه الرئيس اللبنانى ميشال عون على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة فى نيويورك فى سبتمبر الماضى، على  اللبنانى الاعتزاز بخصوصية العلاقات الوطيدة بين مصر ولبنان على المستويين الرسمى والشعبى، معربًا عن تمنيات مصر له ولحكومته بالنجاح بما يلبى تطلعات الشعب اللبنانى فى تحقيق المزيد من التقدم والأمن والاستقرار. 

 

ومن جانبه، ثمن الرئيس اللبنانى العلاقات الأخوية المتميزة التى تربط الدولتين الشقيقتين، معربًا عن تقدير بلاده لمصر كركيزة أساسية فى دعم وحفظ الاستقرار بلبنان والمنطقة العربية ككل، ومشيدًا بالتجربة المصرية الملهمة التى تعزز من أولويات النجاح التنموى، والتى تعد نموذجًا يحتذى به فى دول المنطقة. ويسعى البلدان إلى تعزيز التعاون الثنائى خاصة فى المجالى الاقتصادى والاستثمارى.

 

تعزيز التحالفات

 

وسعت مصر لتعزيز تحالفاتها العربية عبر تقارب سياسى مع كل من العراق والأردن، بدأ بقمة ثلاثية فى مارس الماضى جمعت الملك عبدالله الثانى عاهل الأردن ورئيس الوزراء العراقى السابق عادل عبدالمهدى فى القاهرة، تم الاتفاق خلالها على تعزيز التكامل والتعاون الاقتصادى بين الدول الثلاث، ومن بينها تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون فى قطاعات الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار وغيرها من قطاعات التعاون التنموى.

 

بالإضافة لزيادة التبادل التجارى وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتطوير علاقات التعاون الثقافى فيما بينهم، وقرر القادة تشكيل فريق عمل لمتابعة أعمال القمة.

 

كما التقى الرئيس السيسى، والعاهل الأردنى وبرهم صالح رئيس العراق، فى نيويورك على هامش المشاركة فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى سبتمبر الماضى لمتابعة آخر تطورات مسار التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق، والذى دشنته القمة الثلاثية بالقاهرة فى مارس، ونتائج الاجتماعات القطاعية التى عقدت على مدار الأشهر الستة الماضية، وسبل تعزيز التعاون والتنسيق السياسى والاقتصادى والاستراتيجى بين الدول الثلاث، للبناء على ما يتوافر لديها من إمكانات للتعاون والتنسيق، مع الاستمرار فى إعطاء الأولوية للتعاون فى مجالات الاستثمار والتجارة والإسكان والبنية التحتية، والعمل المشترك بين الدول الثلاث لتعزيز الأمن القومى العربى ومواجهة ما تتعرض له المنطقة من تحديات.