حروف ثائرة

أردوغان وسر الصورة اللعينة

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

صفان متوازيان على سلالم قصر الرئاسة.. يقف فيهما ستة عشر شخصا لا ندرى إذا كانوا جنودا او حرسا جمهوريا.. وإن كان أغلب الظن أنهم ممثلون أو بالمعنى الأصح كومبارس.. يرتدون 16 زيا عسكريا تمثل الإمبراطوريات المختلفة التى كانت تركيا عنصرا فيها بدءا من إمبراطورية الهون العظمى عام 216م وصولا للإمبراطورية العثمانية.. الصورة التى ظهرت لأول مرة خلال استقبال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للرئيس الفلسطينى أبو مازن يناير عام 2015.. البعض أخذها بسخرية.. وآخرون استهجنوا السلوك الأردوغانى باعتباره مراهقة سياسية أو من قبيل «المنظرة والفشخرة» لكن هناك من توقف كثيرا أمام تلك الصورة وأنا منهم.. خاصة إذا ربطناها بتصرفات أردوغان وتحالفاته وتحركاته بالمنطقة وبشكل خاص بعد وصول الإخوان للحكم فى مصر وأيضا بعد سقوطهم وفضح مخططاتهم لمصر والمنطقة بأثرها.. إنه الحلم الإمبراطورى وليس العثمانى فقط !!
ولعل هنا وقفات عديدة لو فهمناها فى سياقها وتمعناها لاستوعبنا ما فعله ويفعله أردوغان منذ ظهوره على الساحة السياسية التركية وحتى الان.. ترسيخ لهذا الحلم والمخطط مهما كان الثمن والضحايا.. وشيئا فشيئا ينكشف الوجه الاخر المزيف الذى حاول إخفاءه بكل النقائض لطبيعته الحقيقية.. فأردوغان الذى وصل للحكم من خلال وحدة حزبه ورفعة مصالحه عن مصالح الأشخاص.. باع كل حلفائه بل وانقلب على أغلبهم وأطاح بهم.. والرئيس التركى الذى يتشدق بعض المغيبين بوصوله للحكم بانتخابات ديموقراطية نزيهة.. هل توقفوا لوهلة أمام ما فعله بعد مسرحية الانقلاب الشهيرة وإطاحته بكل معارضيه بل وفصل وسجن وتشريد كل من هدد كرسيه أو خالفه الرأي
والرجل الذى رفع شعار الفضيلة والنزاهة والبساطة.. هل فكر من يردد هذا الكلام فيما تم توثيقه عن فساده وأسرته وأولهم نجله.. ناهيك عن قيمة حقيبة يد زوجته التى ربما تحل مشكلة قرية بأكملها.. والصفقات المشبوهة والتجارة الحرام فى بترول وغيره.. يقاطع جلسة بها رئيس وزراء إسرائيل فى العلن.. لكنه يحافظ على علاقات وطيدة ومتعمقة مع تل أبيب.. وحدث ولا حرج عن تقديم تسهيلات للدولة العبرية لا تقدر بثمن وتحالف من الصعب أن ينفك بينهما.. والرجل الذى يرفع شعار الإسلام والدين والتدين اول من يمارس كل ما نهى عنه الإسلام من قتل وتشريد للمسلمين.. وتآمر على دولهم.. وهل التحالف الذى كان ولا يزال قائما بين أردوغان وقتلة داعش وحربه على مسلمى سوريا وتمزيق دولتهم والتجهيز لحرب مماثلة تقطع أوصال ليبيا هو من الإسلام فى شئ ام أنه شئ لزوم الإمبراطورية الأردوغانية اللاإسلامية واللاإنسانية.
إذن هى تلك الصورة اللعينة التى بدأنا بها مقالنا للطاووس التركى التى تجسد كل هذا.. شخص مهووس بالسلطة مصاب بجنون العظمة.. حالم بكرسى الإمبراطورية مدرك أن الوصول اليه فقط على أشلاء المسلمين وتفتيت دولهم دون غيرهم ولما لا فهم فقط «المسلمون» الذين يضمون الكثير من الأغبياء المسبحين بحمد قاتليهم المنادين بزعامة مفرقيهم المخلدين لذكرى مدمريهم.
ألا تبت يد كل قاتل مخرب.. وما أغنى عنه وعن ظلمه كل تابع غبى بما كسب.. ولتصلى جماعاتهم وأفكارهم لهب يحرقهم ويشل أيديهم وأفكارهم ومخططاتهم ويحفظنا من شر كل مختل واهم.