حكايات| 30 عامًا بـ«دون نور».. 3 أشقاء مصريين يستردون بصرهم بـ«معجزة» 

 30 عامًا بـ«دون نور».. 3 أشقاء مصريين يستردون بصرهم بـ«معجزة»
30 عامًا بـ«دون نور».. 3 أشقاء مصريين يستردون بصرهم بـ«معجزة»

كانت لإرادتهم وعزيمتهم، دافعًا قويًا، في أن يستردوا بصرهم، فالأشقاء الثلاثة لم يستسلموا للواقع المرير، وبدأوا يبحثون عن لقمة العيش، وهم محرومون من نعمة البصر، حياتهم مهددة بالخطر، ينتظرون الفرج، حتى يستردوا بصرهم، الذي فقدوه منذ ولادتهم.

 

قصة بدأت في قنا ببطولة لأبوين حُرم أبنائهما الثلاثة من نعمة البصر، واحدًا تلو الآخر، عبدالله عيد، يبلغ من العمر 30 عامًا، ومحمد 28 عامًا، وجابر 20 عامًا، وهي أعمارهم الآن، ظل الأب والأم يرفعون أياديهم بالدعاء يوميًا بأن يشفي الله أبنائهم ويرد لهم بصرهم، حتى استجاب الله لدعائهم وتوصلوا إلى «صناع الخير» الذين ساعدوهم في زرع قرنية وإعادة بصرهم.

 

 

هنا في قرية حاجر الجبل التابعة لمركز الوقف، شمالي محافظة قنا، يعيش الأشقاء الثلاثة، في منزل بسيط، مع والديهم، ظلوا طوال عمرهم، يعملون في الزراعة، من خلال جمع الحشائش وتسميد وري الأرض، يحملون الفأس للعمل في الأرض، كانوا يتقاضون جميعًا 40 جنيهًا في اليوم الواحد، لمساعدة والدهم، وأيضًا حتى لا يستسلموا للعمى.

 

العمل بالنسبة لحالتهم كان شاقًا، فهناك مهارات ضرورية في ذلك العمل، لا يقدر عليها أحيانًا الشاب المُعافى من كل الأمراض، فكانوا يتناوبون على العمل، يقطعون مسافة 22 مترًا أسفل الأرض لتشغيل موتور المياه اللازم لري الأرض في الجبال، يكدحون ليل نهار، حتى يتقاضون مبلغا ماليا يساعدهم على تحمل مصاريف الحياة اليومية، حتى لا يكونوا «عالة» على والدهم.

 

 

طوال حياتهم المليئة بالعمل الجاد والكفاح والصبر، كان يُشهد لهم بحسن خلقهم، وأمانتهم في العمل، وصبرهم على تحمل ما هم عليه من مرض، يرونه بعد ذلك أن الله أكرمهم بالنظر لصبرهم وتحملهم على بلاء العمى.

 

لم يلتحق الشقيقان عبدالله ومحمد بالتعليم، بسبب ظروفهما، لكن جابر أصر على الدراسة، وحصل بالفعل على الثانوية العامة، وكان من المفترض أن يلتحق بكلية الحقوق، إلا أنه لم يكمل تعليمه بسبب المصاريف.

 

 

كانت حياة الأشقاء الثلاثة مظلمة، حتى عاد إليهم بصرهم، أصبحوا الآن يمارسون حياتهم الطبيعية، يشاهدون التلفاز، يُجالسون المواطنين بعد أن كانوا يعيشون في عزلة، ومستمرين في عملهم في الزراعة بالرغم من الراتب الضئيل الذي يحصلون عليه.

 

تزوج عبدالله من فتاة، قبيل أن يسترد إليه بصره، وأصبح جابر يمارس هوايته في قراءة الروايات ويأمل في استكمال دراسته، أمنياتهم متمثلة في الحصول على وحدات سكنية بحاجر الجبل، وإقامة مشروع لهم، ويطالبون بحضور مؤتمر للشباب ليقصوا حكايتهم، المليئة بالعزيمة والإصرار.

 

 

يروي الدكتور محمد عبدالجليل، مدير عام مشروعات مؤسسة صناع الخير لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن المؤسسة تواصلت مع الأشقاء الثلاثة، بعد علمهم بهم، وتواصلت المؤسسة عن طريق فريق العمل التابع لها في الصعيد، وتم عرض الأشقاء الثلاثة على استشاريين، الذين أوضحوا أنه من الممكن أن يسترد هؤلاء الشباب بصرهم بعد زرع قرنية لهم.

 

بعد 3 أشهر من الإجراءات، تم عمل عملية زرع قرنية لهم، بتكلفة 50 ألف جنيه لكل واحد منهم، وبالفعل نجحت العملية واسترد هؤلاء الشباب بصرهم، حيث أن المؤسسة كانت تتحمل مصاريف السفر والإقامة والعلاج أيضًا، بحسب الدكتور عبدالجليل.

 

 

لم تكتف المؤسسة بهذا فحسب؛ بل قامت بعمل إحلال وتجديد لمنزلهم، وفرشه بالكامل بتكلفة تراوحت ما بين 120 و150 ألف جنيه، وتقوم أيضًا بمتابعتهم بشكل دوري للاطمئنان عليهم.

 

الأشقاء الثلاثة لم ينسوا كل من قدم لهم خيرًا؛ حيث وجهوا رسائل شكر لمجلس الوزراء والمسئولين بمحافظة قنا ومؤسسة صناع الخير وكل الأطباء على جهودهم ورعايتهم حتى اكتملت فرحتهم برؤية النور لأول مرة في حياتهم.