بين الناس

الاختلاف سنة كونية

أحمد مجدى أبوطالب
أحمد مجدى أبوطالب

أحمد مجدى أبوطالب

 

الاختلاف فى الرأى سيبقى قائما مهما توالت العصور وتعاقبت الأجيال، وكما تؤكد لنا الطبيعة فى كل زمان ومكان أن الاختلاف بين أفراد المجتمع أمر لابد منه حتى تستقيم الحياة وذلك مهما بلغ أفراد هذا المجتمع من تطور وتقدم فى شتى مناحى الحياة.
وفى أى مجتمع لابد أن تسن ضوابط ومعايير تحكم الاختلاف بين أفراده، فمن الضرورى ألا يبلغ هذا الاختلاف حداً يمكن أن يدفع أفراد المجتمع إلى حرب أهلية مثلا، وقد توصلت كثير من المجتمعات حولنا الى نتائج ينبغى الأخذ بها على سبيل توحيد الآراء ومنها فكرة التقنين الدستورى لنظام الحكم مما يحفظ حقوق الناس وذلك بغض النظر عن الاصول العرقية والمعتقدات الدينية التى تختلف من مجتمع الى غيره.
غير أنه من المسلم به أن هناك عدة عوامل تدفع الناس الى الانحصار فى معتقدات فكرية تصور لهم أنهم يدركون لأنفسهم النجاح المنشود بها، فكل صاحب رأى يرى فى فكره الصواب وبالتالى يرى الخطأ فى فكر غيره.. وقد تحدثت كثير من الندوات عن مسألة الاختلاف وتم التوصل الى القناعة بوجود تعددية فكرية لابد أن تنال أفراد أى مجتمع على مر العصور.. فمن طرائف الأمور أننا نرى حولنا العديد من المصطلحات الفكرية لمفاهيم كانت فى الأساس سببا فى تطور ايجابى لمجتمع ما بالرغم من الاختلاف حولها.
وقد قامت الأمة العربية منذ القدم على التفاعل بين الحضارات التى ظهرت قبل الإسلام، حتى فى ديننا الحنيف نرى أننا بصدد دعوة صريحة الى التعارف بين الشعوب، فقد وصانا رسولنا الكريم بالتشاور فى الأمور. فقال صلى الله عليه وسلم «أمركم شورى بينكم» وكان ذلك للوصول الى الرأى السليم حتى لا يكون الاختلاف سلبيا.
يبقى أن نذكر بعضنا أن الاختلاف سنة من سنن الحياة وأن التنوع إرادة الله فى كونه ولو أراد الله لجعل الناس أمة واحدة، كما ينبغى أن ندرك أن درجة الفهم قد تختلف بين كل منا حسب إدراك ووعى كل شخص.
رحم الله آباءنا وأجدادنا الذين علمونا كيف يكون الاختلاف بين أفراد العائلة الواحدة، فكان لكل منا رأيه ولكن يبقى الالتفاف حول الرأى السليم بالاقتناع الوجدانى قبل العقلي.. فلا يوجد بيننا من يحقق الاكتفاء الذاتى عن بقية المخلوقات.