خاص| «أستاذ الفقه المقارن بالأزهر»: يجب إعادة النظر في «سن الزواج».. وعلى الأهل تيسير الطلبات

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تعد التساؤلات الخاصة بالزواج هي الأكثر ترددًا على المؤسسات الدينية، ومن بينها المتعلق بأنواع الزواج والخاصة بشروطه أو حكمها إن كانت غير موثقة، وماذا إن تمت قبل بلوغ السن القانوني.


وأجاب عن هذه التساؤلات الدكتور عاصم حجازي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، لـ«بوابة أخبار اليوم»، موضحًا كل ما يتعلق بصحة عقد النكاح وشروطه وما يترتب على عدم الالتزام بتوثيقه.

 

وفي بداية تصريحه، قال إن ما يجب أن يعلمه كل مسلم هو أن الزواج عقد ديني، فمع كونه عقدا فطريا حيث إن الرجل يميل إلى المرأة والعكس إﻻ أن الله سبحانه- لخطورة هذا العقد- لم يكِل ﻷحد تحديد أركانه وﻻ بيان آثاره وﻻ التجديد فيه، بل هو عقد شرعي من كل وجه وليس عقدا مدنيا يحكمه قانون وضعي أو اتفاق فردي، وإذا لم يكن العقد على ما حدده الشرع فهو زنا يترتب عليه كل آثار هذه المعصية التي سماها الله فاحشة.

شروط صحة عقد النكاح


وأضاف خلال تصريحه لـ«بوابة أخبار اليوم» أنه إذا تقرر لدينا ما سبق نقول: «إن الله سبحانه وتعالى حدد أركان عقد الزواج بما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا نكاح إﻻ بولي وشاهدي عدل)، وبناء عليه فإن أي نكاح يتوافر فيه: ولي المرأة والرجل أو وكيله أو وليه وشاهدان عدﻻن فهو نكاح شرعي».

 

شروط نكاح المرأة لنفسها


وقال إن الإمام أبا حنفية أجاز للمرأة أن تُنكِح نفسها بشرط أن يكون الزوج كفئا لها، بمعنى أن تتولى المرأة عقد نكاحها بنفسها وهو ما يخالف الجمهور، ﻻ سيما إن كانت بكرا، ولكنه الرأي الذي أخذ به القانون المصري.

 

الإعلان شرط أساسي


ولفت إلى أنه من الجدير بالذكر أيضا أن السادة المالكية اشترطوا الإعلان بمعنى أن ﻻ يكون الزواج سريا، بل يجب أن يكون معلوما للجميع، هذا باختصار ما يجب توفره في الزواج حتى يكون شرعيا. 

 

أسباب توثيق عقود الزواج


وأوضح أن هذا ولي اﻷمر في مصر بل وفي بلاد المسلمين جميعا رأوا إيجاب توثيق عقد الزواج وذلك لضرورة الوقت بعد اتساع رقعة البلاد ونما عدد السكان، وحفاظا على عقد الزواج من الجحود أي اﻹنكار فيكون التوثيق حذرا من هذا الأمر، ولا يأخذ الزوجان حقا من الحقوق التي تكفلها الدولة للمتزوجين مثل استحقاق المعاش مثلا إﻻ إذا كان الزواج موثقا.

 

نكاح الزوجة قبل إتمام 18 سنة جائز


وذكر أن من اﻷمور التي اشترطها ولي اﻷمر لتوثيق عقد الزواج أﻻ يقل سن الزوجة عن 18 عاما، وذلك استعماﻻ لحق ولي اﻷمر في تقييد المباح، فنكاح أي من الزوجين قبل هذا السن جائز بإجماع أهل العلم -وهو دليل شرعي-، ما دام قد حصل البلوغ إﻻ أن ولي اﻷمر اشترط السن لمصلحة ليس هذا مقام مناقشتها.


وأفاد بأن الزواج إذا كان بين الزوج أو ما ينوب عنه وولي الزوجة مع شهادة شاهدين وإعلان الزواج للجميع فهو زواج شرعي باﻹجماع، وإن كان بدﻻ من ولي المرأة المرأة نفسها مع بقية اﻷركان والشروط فهو زواج شرعي على رأي الحنفية وهو ما أخذ به القانون، فإذا توفر ما سبق مع توثيق نائب ولي اﻷمر وهو المأذون فهو زواج شرعي موثق.


واستكمل، قائلا: «إذا توفرت اﻷركان والشروط دون توثيق فهو زواج شرعي غير موثق، فتترتب عليه آثار عقد الزواج الشرعي من حل العشرة بين الزوجين، وثبوت نسب المولود للزوج، ووجوب نفقة الزوجة وغير ذلك، إﻻ أن من أقدم على هذا يكون على خطر إثم مخالفة ولي اﻷمر إن كان عدم التوثيق ليس لعذر معتبر شرعا».


وأجاب عن تساؤلات متكررة حول الزواج في بعض قرى الريف والصعيد، قائلا: «إن الزواج الذي انتشر في اﻷرياف اﻵن هو زواج شرعي مكتمل اﻷركان تثبت به الحقوق الشرعية، إﻻ أنه غير موثق، وسبب ذلك رغبة قاطني هذه الأماكن في تزويج بناتهم قبل السن المحددة قانونا، فيقوم النكاح ثم يكون التوثيق بعد بلوغ السن».


وووجه رسالة لمسئولين، مطالبًا فيها «بإعادة النظر في مسألة تحديد سن الزواج ودراسة هذه الظاهرة والبحث في أسباب لجوئهم إلى ذلك، وهل هناك بالفعل فائدة مرجوة من منع الزواج قبل هذا السن أو ضرر مدفوع بهذا اﻻشتراط، ثم ما هو الحل إن خاف من هو قبل السن من الوقوع في فاحشة الزنا  وهو أمر متصور ﻷنه بالغ، فهل نتركه نهبا للفاحشة أم نضع له استثناء على القاعدة؟، وهذا فقط على سبيل المثال ﻻ الحصر لما قد يترتب على اﻹصرار على تحديد سن الزواج دون استثناء، ورغبة في أن يكون الجميع تخت مظلة الدولة دون تلاعب وحفاظا على الحقوق من الضياع». 


وأوضح أن ما يفعله بعض الناس فيكتب ورقة بينه وبين امرأة بغير ولي ولا شاهدي عدل، يثبت فيها أنه تزوجها ويتم توثيق هذه الورقة أو لا يتم التوثيق، مما يسمى بالزواج العرفي، هذه الصورة ليست زواجا شرعيا وﻻ تترتب عليها آثار الزواج بل هي في حكم الزنا والعياذ بالله تعالى.


وفي نهاية تصريحه وجه رسالة إلى المسلمين، قائلا: « يسروا على الشباب والشابات في متطلبات النكاح بدﻻ من أن نتركهم نهبا للوقوع في الفواحش وسلوك طريق الحرام، فما المطلوب للزواج غير غرفة تسترهم ولقمة تشبعهم وغير ذلك ما هو إﻻ فضول، وأما المستقبل ورزقه فبيد ربه {وفي السماء رزقكم وما توعدون{ والله الهادي إلى سواء السبيل».