قصص وعبر| الصديقة الخائنة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الصداقة والأخوة كلمتان ساحرتان تختفي وراءهما الأنياب الحادة، والخناجر المسمومة، فمنذ نعومة أظافرنا نسمع عن الصداقة وقوتها لكن للأسف أصبح كل ذلك حلم ماتلبث أن تصحو منه على طعنات غادرة ممن كان يدعي الصداقة والأخوة.

السماء نزعت عن وجهها نقاب السحب لتبدو زرقاء، والشمس أتت جيوشها ترسل الدفء، بينما جلست ربة المنزل تنتظر صديقتها والتي اعتبرتها طوق النجاة بالنسبة لها، بعدما طلبت منها اقتراض مبلغ 1000 جنيه لاستكمال قسط جمعية خاصة بها وتقوم على إشرافها، وتسليم المبلغ بالكامل إلى أحد المشتركين معها في الجمعية.

استقبلتها ربة المنزل استقبال الفاتحين، تمطرها بكلمات الثناء والشكر فهي صديقة عمرها، وأحضرت كيس بلاستيك أسود يحوي بداخله مبلغ ١٩ ألف جنيه، ووضعته بين طيات الملابس في دولاب غرفة نومها، وجلست نتجاذب معها أطراف الحديث، ولم تعلم بأن صديقة عمرها قد سال لعابها، عندما وقعت عيناها على المبلغ، ولبست عباءة إبليس، تتزاحم الأفكار الشيطانية في رأسها للاستيلاء عليه، وبصوت متدفق بكلمات تمتزج بالنعومة تطلب منها كوب من الماء.

وما إن توجهت ربة المنزل إلى المطبخ، انتفضت الصديقة الخائنة من فوق مقعدها بسرعة الغزال ومكر الثعلب، واقتحمت غرفة النوم، واستولت على الكيس محاولة إخفاءه، ابتلعت الدهشة ربة المنزل من تصرف صديقتها، وسقط من يدها كوب الماء، وبصوت يجأر بالشكوى والمرارة تعاتبها، على فعلتها وسرقتها، وهي تعلم بأن النقود ليست خاصة بها، واشتعل الموقف تأزما بينهما وتطور إلى مشاجرة هرولت على إثرها الصديقة إلى المطبخ وامسكت سكينا، وانقضت عليها وطرحتها أرضا.

بينما حاولت ربة المنزل مقاومتها والدفاع عن نفسها ولم تتمكن من دفعها وخارت قواها، بعدما قامت الصديقة بذبحها كالشاة، وقبل أن تحاول الفرار فوجئت بابن ربة المنزل الطفل الصغير الذي يبلغ من العمر 5 سنوات يتخذ أحد أركان الشقة، تمتلكه حالة من الرعب والهلع، يئن أنينا لا يتجاوز صدره، وينفطر له الأكباد، تنذرف الدموع من عينيه خوفا وذعرا، وقامت بتهديده بالذبح أيضا إذا تحرك من مكانه أو نطق بحرف واحد.

وأطلقت ساقيها للرياح، واختفت، انفجر الطفل في البكاء، وأطلق صرخات مدوية يقفز ويشب إلى أعلى باب الشقة في محاولة لفتح الشراعة، والاستغاثة بأحد الجيران الذي تصادف وجوده بالمنزل، ونجح في كسر باب الشقة ليجد الأم غارقة في بركة من الدماء.

وبروح ومشاعر الأب احتصنه المقدم محمود إسماعيل رئيس مباحث قسم شرطة المقطم في محاولة لتهدئة الطفل، وأمر بابتعاده عن مسرح الجريمة بعدما أخذ يهذي بكلمات يشوبها رعب وهلع وتملكته رعشة شديدة، وطلب من معاونه الرائد محمد خيري بسرعة التحريات حول الواقعة وكشف لغز مقتل الأم وذبحها، وفي خلال ٢٤ ساعة تمكن الأب رجل الشرطة من القبض على الصديقة الخائنة، والتي اعترفت بجريمتها أمام اللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة،  وأضافت بأنها عقب ارتكابها الجريمة توجهت إلى أحد الكوافيرات لعمل ماسك على وجهها لإخفاء الخدوش والسحجات نتيجة مقاومة المجني عليها لها، لعدم افتضاح أمرها، وأرشدت عن المبلغ المالي المستولى عليه.

تم تحرير المحضر اللازم، وأحيلت الصديقة الخائنة إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة ربة المنزل بعد العرض على الطب الشرعي، وقررت حبس المتهمة ٤ أيام على ذمة التحقيقات.