محمد درويش
التحول الرقمى أو رقمنة جميع المجالات فى مصر هو منهاج بدأته الدولة وتسير فيه بخطى متسارعة فى عالم أصبح التطور التكنولوجى خاصة فى المجال الرقمى الذى يقاس يوما بيوم وربما ساعة بساعة.
الرقمنة تدخل كل المجالات وتتداخل إن شئنا أم أبينا، وطبعا لا نستطيع أن نأبى وإلا كانت الخسائر كبيرة وعظيمة. وتبقى القوى الناعمة لمصر مجالا لم تهمله الدولة أو تتغاضى عنه فى حزمة المجالات التى تحرص على رقمنتها.
وإذا كان البعض يرى أن الكثير من القوى الناعمة المصرية قد أصابها فى العقدين أو الثلاثة الأخيرة شىء من العطب، لكن يظل مخزونها به أكثر من نصف قرن فيه ما يكفى لاسترداد عرش القوى الناعمة فى الشرق الأوسط والعالم العربى، بل والعالم بأسره، حيث يتواجد أبناء المهجر من عرب ومصريين يرتبط وجدانهم بهذه القوى، حتى ان الأجيال الجديدة تجد فيها متعة تهون عليهم الاغتراب وتربطهم ببلادهم الأصلية.
وفى منتصف العام أطلقت الدولة «Watch it» وهى أول منصة اليكترونية مصرية تقدم أقوى وأضخم المسلسلات والأفلام والبرامج وبدون إعلانات تفصل المشاهد عن متعة المتابعة وتمكن المشاهدون من متابعة حلقات أى مسلسل بعد عرضه الأول حصريا ومشاهدتها فى الوقت المناسب لكل منهم وإتاحة اختيار الباقات المفضلة حسب رغبة كل مشاهد سواء فنية أو رياضية أو ثقافية وغيرها.
ولأن المنصة انطلقت بقوة ومن خلال خطوات واثقة على أرضية صلبة فلم يكن غريبا أن تحقق ترتيبا متميزا فى درجة إقبال المشاهد عليها.
حيث كان ترتيبها الثالثة على مستوى الشرق الأوسط أمام منصات أخرى ذات صيت عالمى مثل نتفليكس وغيرها.
المنصة لا تقدم كل ما هو جديد فقط بل إنها تثرى وجدان المشاهد من خلال عرض مخزون ما سبيرو على مدى ستين عاما من مسلسلات وبرامج فنية وثقافية ولقاءات عمالقة الفن والأدب.
وبمقتضى البروتوكول الذى تم توقيعه بين الهيئة الوطنية للإعلام «ماسبيرو» والشركة المسئولة عن اطلاق المنصة تحققت أهداف البروتوكول فى الحفاظ على مخزون ماسبيرو من أشرطة مكتبية إذاعية أو تليفزيونية وتحويله إلى مخزون رقمى ذى جودة عالية وانقاذ ١٢ مليون دولار تقدر بها قيمة هذا المخزون.
كما يساهم هذا البروتوكول فى حفظ حقوق ماسبيرو بعد أن سطت عليها العديد من الفضائيات وشبكات الإنترنت مثل يوتيوب دون مراعاة لحق الملكية الفكرية وسداد مستحقات بث هذه المواد المملوكة أصلا لماسبيرو.
رغم الخطوات الأولى إلا أنها استطاعت تحقيق الكثير من أهداف اطلاقها فهى من ناحية حافظت على تراث ماسبيرو وقدمت امتاعا للجمهور وتحقق عائدا ماديا كان يحققه الغير دون وجه حق.
وبعد أن كان مستباحا السطو على تراث ماسبيرو دون رقيب أو حسيب تسترد بلدنا حقها وتقدم منتجا يناسب العصر ويرضى رغبات المشاهدين وتستعيد قوتها الناعمة من مخزون لن يعرف النضوب أبدا.
