بين «التقنين والفوضى».. هل تنهي «التراخيص» أزمات الباعة الجائلين في القطارات؟

بين «التقنين والفوضى».. هل تنهي «التراخيص» أزمات الباعة الجائلين في القطارات؟
بين «التقنين والفوضى».. هل تنهي «التراخيص» أزمات الباعة الجائلين في القطارات؟

- رئيس «السكة الحديد»: مشاكلهم مع الركاب «لا تنتهي».. و«الكافيهات واللاونجات» أبرز البدائل

- «زين الدين»: تسببوا في زيادة حالات النشل وشد الفرامل والحوادث.. وقطارات الصعيد «خير شاهد»

-و«الغول»: آفة وخلل يحتاج معالجة بحلول واقعية.. وليست بالمنع والمطاردة

 

 

كثيرة هي الحلول للمشكلات الاجتماعية التي يفرضها الواقع علينا، والتي عادة ما تكون أغلبها قديمة، بينما تطرأ أخرى وتفائجنا بها لتشكل قنبلة على وشك الانفجار.. لكن قياسًا على «الباعة الجائلين» أصبحت أزمة لا تقبل أي حلول، خاصة بعد أن وخصصت لهم الدولة أسواقًا كالترجمان وسوق غزة وكذلك باكيات عابدين وأحمد حلمي وغيرها، إلا أنهم هجروها لتظل خاوية على عروشها، وتوغلوا إلى مناطق الزحام كمحيط محطات مترو الأنفاق وأتويسات النقل العام، وكذلك داخل قطارات السكة الحديد، في مشاهد غير حضارية قد تؤدي إلى كوارث.

شهيد التذكرة

وفي شهر أكتوبر الماضي، هزت واقعة محزنة الشارع المصر وأثارت غضب الكثيرين، دارت كواليسها داخل  قطار طنطا، بعدما أجبر «الكمساري» شابين على القفز خارج القطار، ليلقى أحدهما محمد عيد- المعروف إعلاميا بـ «شهيد التذكرة»- مصرعه على الفور.

 

وأعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر في هذا الوقت، أنه في أثناء سير القطار 934 مكيف (الإسكندرية - الأقصر)، وخلال مطالبة رئيس القطار لاثنين من الركاب بدفع قيمة الأجرة امتنعا عن دفعها، وفي أثناء تهدية القطار بمحطة دفرة لوجود عطل في نظام الإشارات بالمحطة، ترجلا من القطار في أثناء سيره ما أدى إلى سقوط أحدهما يدعى محمد عيد، أسفل عجلاته وتوفي في الحال، وأصيب الراكب الآخر، ونقل إلى مستشفى طنطا العام.

 

وكشفت الهيئة أن الشاب المعروف بـ«شهيد التذكرة» وزميله كانا يعملان بائعين متجولين داخل القطار، ورفضا دفع قيمة التذكرة بسبب اعتيادهما على الركوب بدون تذاكر من أجل بيع منتجاتهم لركاب القطار، ومع إعلان تلك التفاصيل، أثيرت حالة واسعة من الغضب الممزوجة بغضب، وتساءل الكثيرون عن آليات عمل الباعة الجائلين داخل القطار، وهل يحق لهم العمل داخل القطار، وحقيقة وجود آلية لحمايته، وأين دور الرقابة؟

 نشل وشد فرامل.. أين الرقابة؟

البرلماني محمد عبد الله زين الدين، نائب إدكو ووكيل لجنة النقل بمجلس النواب، علق على الظاهرة، قائلًا: إن تزايد ظاهرة الباعة الجائلين دون أي رقابة على وجودهم بالقطارات خاصة في قطارات الوجه القبلي يؤدي لمزيد من الأزمات، خاصة أنه ارتبطت بهذه الظاهرة حالات النشل وشد الفرامل للنزول مما يشكل خطرا على السلامة العامة.

 

وقال «زين الدين»- في بيان له-، إن الباعة الجائلين لجأوا للبيع في القطارات والمترو والأرصفة للهروب من أي تكاليف إضافية أو رسوم نتيجة عدم امتلاكهم رأس المال اللازم لعمل مشروع قانوني لكسب الرزق والعمل من خلاله، مما يتطلب البحث عن حلول ملائمة لظروفهم المعيشية والمادية، موضحًا أن وجودهم داخل القطارات ظاهرة موجودة منذ عقود طويلة دون حل جذري.

تراخيص بيع بالقطار؟

وذكر النائب أن القطارات المكيفة مجهزة بعربات بوفيه لخدمة الركاب، وبالنسبة للقطارات المميزة والمطورة فهناك أكشاك على جميع محطات وقوف القطارات، موضحا أن انتشارهم لم يحقق للهيئة سوى المشكلات والأزمات، وأن الحل يكمن في منحهم تراخيص للبيع داخل القطارات مقابل التزامهم بدفع أية رسوم ضريبية تفرض عليهم ومسئوليتهم عن سلامة المواد الغذائية المباعة للركاب، بما يطمئن الراكب بالشراء منهم داخل القطار، خاصة أن السلع التي تباع في القطارات مجهولة المصدر قد تنقل العدوى بين المواطنين.

 

تقنين أوضاع وتراخيص

وأيد النائب محمد الغول، عضو مجلس النواب، زميله «زين الدين»، وتقدم باقتراح برغبة موجه للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والفريق كامل الوزير، وزير النقل، بشأن تقنين أوضاع الباعة الجائلين بعربات القطارات.

 

وأكد «الغول» في مقترحه، أن ظاهرة الباعة الجائلين في القطارات أصبحت آفة كبيرة وتمثل خللًا يحتاج إلى معالجة بحلول واقعية وليست بقرارات منع ومطاردة مما تؤثر بالسلب على السلم المجتمعي، مقترحًا أن يتم تقنين أوضاعهم واستخراج تراخيص لهم برسوم رمزية.

 

وأشار إلى أن هذه التراخيص وفق الضوابط التي تضعها السلطة التنفيذية، تحقق لهم البيع داخل عربات قطار الدرجات الثالثة والثانية والأولى دون الدرجات المميزة والسياحية، على أن لا يتم السماح لأي منهم بالعمل دون ترخيص وألا يكون قد سبق الحكم عليه بحكم بات في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وأن يكون حسن السير والسلوك على أن يتم الكشف عليه جنائيًا وسياسيًا من خلال الأجهزة المعنية، لافتًا إلى أن هذا المقترح سيؤدي إلى تنظيم أعمال الباعة الجائلين وتواجدهم داخل القطارات في إطار رسمي تحت رقابة الدولة وبصورة شرعية لتفادي وقوع الحوادث المروعة في علاقة المسؤولين عن القطارات مع الباعة.

رد «السكة الحديد»

وهنا رد المهندس أشرف رسلان، رئيس هيئة السكة الحديد، مؤكدًا أن فكرة إصدار تراخيص للباعة الجائلين من أجل البيع في القطارات «غير واردة» خلال الفترة الحالية، موضحًا أن القطارات تعاني من تلك المشكلة منذ سنوات طويلة، كما يستقبلون يوميًا عشرات الشكاوى من قبل الركاب تتعلق بسلوكيات الباعة الجائلين ومشاكلهم داخل القطار، وكذلك مطالبات بالقضاء على الظاهرة بشكل سريع.

 

وأضاف «رسلان» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن رقابة الباعة الجائلين مسئولية شرطة النقل والمواصلات وليست الهيئة، وتتواصل الهيئة بشكل يومي مع الشرطة لإنهاء المشادات التي تنشأ بين الباعة والركاب والتي غالبًا ما تنتهي بمحاضر شرطية، موضحًا أن الشرطة تحاصر الباعة بشكل مستمر وتشن حملات دورية للقضاء على الظاهرة، إلا أنهم يتسللون إلى القطار ويتخفون وسط الركاب ولا يقطعون تذاكر بالمخالفة للقانون، لافتًا إلى أنه في حالة ضبطهم يتم تحرير محضر ضدهم من قبل الشرطة، وإحالتهم للنيابة.

 

وأوضح رئيس السكة الحديد أن هذه الظاهرة في حاجة لحل جذري لكن إصدار تراخيص لهم للبيع قد يؤدي إلى فوضى داخل القطارات وتصرفات لا يُحمد عقاباها، لافتًا إلى تواجد أكشاك داخل المحطات تفي بكل متطلبات الركاب، وكذلك كافيهات أو لاونجات ببعض المحطات التي يمكن للراكب الاسترخاء فيها وتناول الأطعمة أو المشروبات، وكل ما تتطلبه الرحلة.