حوار| عميد الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية: مصر لا تعاني ندرة في الخبراء النوويين

عميد القسم النووي جامعة الإسكندرية خلال الحوار
عميد القسم النووي جامعة الإسكندرية خلال الحوار

حلم طال انتظاره، صار واقعًا بدخول العقود الموقعة على ورق حيز التنفيذ، ليفتح مشروع محطة الضبعة النووية، طاقة أمل جديدة ليس فقط بدخول مصر العصر النووي، ولكن أيضًا إنعاش آمال استعادة خبرات مصر المهاجرة، والذين فشلوا في الحصول على فرصة عمل داخل وطنهم عقب تخرجهم في قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية، فبحثوا عنها بالخارج.

«بوابة أخبار اليوم» التقت رئيس قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية د.علياء بدوي، لتكشف الكثير من التفاصيل حول الدراسة بالكلية وكيفية استفادة الطلاب من مشروع الضبعة وكيفية استثمار موارد مصر البشرية في المشروع النووي بالضبعة..  وغيرها الكثير، وإلى نص الحوار:

- بداية.. ما هو تاريخ دراسة العلوم النووية في مصر؟

قسم الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية يُعد هو القسم الوحيد الذي تم إنشاؤه في مصر في هذا المجال، حيث تم إنشاؤه منذ عام 1963، وبالنسبة لهيئة الطاقة الذرية فقد تم إنشاؤها قبل ذلك في عام 1957، أما أول مفاعل في مصر كان المفاعل الروسي للأبحاثResearch Reactor" وأنشئ في عام1961.


وأنشأت هيئة الطاقة الذرية، قسم الهندسة النووية باعتباره جزءًا من البرنامج النووي، فالخطة التي تم وضعها وقتها، أنهم سيقومون بعد ذلك ببناء محطات نووية  قبل أن يتعثر المشروع.

وبالنسبة لخريجي القسم، فهم يعملون حالياً في هيئة الطاقة الذرية، وهيئة المحطات النووية، فمثلاً كان الدكتور خليل ياسو، والذي شغل سابقاً منصب المدير التنفيذي لهيئة المحطات النووية، أحد طلاب القسم. 

- هل سيتم تدريب الطلاب على المفاعل النووي الذي يجري بناؤه بالضبعة؟

بالطبع سيتم تدريب الطلاب على المفاعل بشكل عملي، ولكن في الوقت الحالي نقوم بتدريبهم على العمل على أي مفاعل نووي أي كان نوعه، حتى تتمكن مصر من تحقيق أقصى استفادة ممكنة من شبابها المصريين.

- هل المناهج في القسم النووي مشابهة للمناهج في الخارج؟

نعم، هناك تشابهًا كبيرًا بين المناهج المصرية والمناهج في الخارج، فمثلاً إحدى طالبات قسم الهندسة النووية بمصر تتدرب بالوكالة الدولية للطاقة الذرية.

- هل تعاني مصر من ندرة في الخبراء النوويين؟

مصر لا تعاني ندرة في الخبراء النوويين، رغم أن معظمهم خارج  البلاد، ولكن عند الاحتياج لهم بالطبع سنقوم باستدعائهم، فهم يستفيدون من وجودهم بالخارج، لما يوفره لهم ذلك من فرص تمكنهم من دراسة المفاعلات على الطبيعة، واكتساب خبرة أكبر لتستفيد منهم مصر عندما تحتاج إلى خبراتهم.

- ما هي أهمية القسم بالنسبة للطاقة النووية في مصر؟

تخريج مهندسين قادرين على العمل في المجال النووي، ولديهم رخصة للعمل في أي مفاعل نووي.

- من أشهر خريجي القسم النووي؟

بداية تم تخرج حوالي 1300 مهندس، وأول دفعة تم تخريجها كانت عام 1967، أشهرهم على سبيل المثال لا الحصر؛ د. يسرى عزمي، د. عنتر العزب، د. هاني عبد الخالق، د. كريم الأدهم، د. يسري أبو شادي، د. يوسف شتيلة، د. خليل ياسو.

- كيف نستثمر موارد مصر البشرية في الطاقة النووية؟

بالفعل يتيح الاتفاق النووي فرصة كبيرة لمصر للاستفادة من مواردها البشرية، فأحد بنود هذا الاتفاق هو تدريب الكوادر البشرية المصرية على التعامل مع تكنولوجيا المفاعلات النووية الروسية وتشغيلها بكفاءة عالية.

- كيف سيتم ذلك؟

من خلال اعتماد جدول زمني لتدريب الكوادر المصرية على إدارة المفاعل النووي المصري بخبرات مصرية بصورة كاملة، حيث يبدأ التشغيل بالتعاون مع الجانب الروسي، ثم يتم الاعتماد على الخبرات المصرية بصورة تدريجية حتى تصل قوة التشغيل إلى 100% بأيد مصرية.

- ما هي محاور البرنامج النووي المصري؟

يعتمد البرنامج النووي المصري على 3 محاور هي؛ العلم الذي يعتمد على وضع خطة لتنمية وتطوير المحتوى الدراسي لدارسي العلوم النووية، إضافة إلى ربط خطط التدريب بمتطلبات الواقع، بحيث يتم توجيه الأبحاث نحو أهداف الدولة المصرية في هذا المجال.

والمحور الثاني هو الثقافة النووية التي تشمل ثقافة مجتمعية قادرة على دعم التوجه الحكومي في هذا المجال بصورة قوية، انطلاقًا من معرفة المردود الاقتصادي المباشر على كل فرد في المجتمع، إضافة إلى جانب آخر متعلق بمتخذي القرار وقدراتهم على تقديم دعم غير منقطع للبرنامج وللعلماء النوويين المصريين.


وبالنسبة للمحور الثالث الذي يعتمد عليه البرنامج النووي هو عامل السلامة وجودة الأداء، لأن حجم الخطورة التي تمثلها المواد النووية يجب أن يقابله جودة عالية وإتقان منقطع النظير في أداء المهام الوظيفية التي يتم تكليف العاملين بها في المفاعلات النووية، فالعمل في مفاعل نووي لا يمكن أن يكون مثل العمل في أي مؤسسة أخرى، خاصة فيما يتعلق باحتياطات السلامة والتدريب العالي للعاملين.

- تقصدين أن ثقافة العمل في المفاعلات النووية له طابع خاص؟

بالطبع العمل في المفاعلات النووية له طابع خاص، فلا يمكن أن يعمل في المفاعلات النووية شخص لا يتمتع بقدر عالٍ من الانضباط.

- كيف سنعد الكوادر البشرية اللازمة لمحطة القوى النووية بالضبعة؟

هذا الأمر تضطلع به هيئة المحطات النووية، التي سترسل العاملين بها للتدريب في روسيا، بناء على اتفاقات بينها وبين شركة "روس أتوم" الروسية.

- هل سيشارك القسم في مثل هذه الخطط التدريبية؟

بالطبع سيتم مخاطبة القسم بشأن إيفاد طلبة للدراسات العليا بالجامعات الروسية، وبالفعل سافر العديد من المدرسين المساعدين بالقسم للحصول على درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات الروسية.

ويوجد حالياً برنامج للاتفاق التعاوني الإقليمي الأفريقي للبحث والتنمية والتدريب في مجال العلم والتكنولوجيا النوويين وهو (أفرا)، عبارة عن برنامج لدراسة ماجستير في العلوم والتكنولوجيا النووية، وفي عام 2009 جعلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من القسم النووي بجامعة الإسكندرية مركزا إقليمياً متميزاً، بحيث يحضر إليها لطلبة من الدول الإفريقية المجاورة، حوالي 32 دولة تتبع اتفاق "الأفرا" للحصول على منح لدراسة برنامج الماجستير في الهندسة النووية، لمدة سنتين من ناميبيا وإثيوبيا وأوغندا.

- هل لدينا خطة للتخلص من النفايات النووية بعد التشغيل؟

هذا الأمر يخص هيئة المحطات النووية.

- ما هو نوع المفاعل النووي المصري؟

المفاعل النووي المصري الذي يتم الاتفاق عليه مع شركة "روس أتوم" الروسية، هو مفاعل من الجيل الثالث المطور "+ 3"، والذي يعد من أكثر مفاعلات الطاقة النووية أمانًا في العالم.

- ما هي مميزات هذا المفاعل؟

 ما يميز المفاعل النووي المصري الذي يتم العمل على إنشائه الآن، أنه واحداً من أكثر المفاعلات النووية انتشاراً في العالم، فهو يعمل بالماء العادي المضغوط، بالإضافة إلى أن معدلات الأمان فيه هي من أعلى معدلات الأمان للمفاعلات النووية في العالم.

- كم عدد المهندسين النوويين المطلوبين لإدارة المفاعلات في الضبعة؟

لكل وحدة طاقة، هناك 7 مهندسين في مجال التحكم في المفاعلات، ويصل العدد الإجمالي للمهندسين التشغيليين لخدمة 4  وحدات للطاقة لكل نوبات العمل إلى 180 شخصًا.

- هل تم توفير هذا العدد من المهندسين النوويين بالفعل؟

بفضل عمل قسم الطاقة النووية، لدى مصر خبراء في المجال النووي، بالإضافة إلى ذلك، في إطار الاتفاقيات الموقعة، تخطط روس أتوم لتدريب حوالي 2000 من موظفي التشغيل والفنيين لصالح مشروع محطة الضبعة النووية.

- ما هو طبيعة التعاون بينكم وبين شركة "روس أتوم" الروسية؟

شركة "روس أتوم" شركة رائدة في مجال الطاقة النووية، ولديها معهد تدريب خاص بإعداد الكوادر البشرية في مجال العلوم النووية.

- هل أنتم متفائلون بمستقبل مصر النووي؟

نعم، فإنجاز مشروع نووي عملاق يتطلب كوادر بشرية، ودعم حكومي وكلاهما يمكن أن يكون أهم مميزات الاتفاق الذي يجري التفاوض حول بنوده النهائية.