«حكاية أثر » ..

مجموعة السلطان «بن قلاوون».. أحجار ذهبية في قلب القاهرة القديمة

مجموعة السلطان المنصور قلاوون
مجموعة السلطان المنصور قلاوون

تعرف على حكاية «مسجد ومدرسة الناصر محمد بن قلاوون»:

يقع هذا المسجد بشارع المعز بين قبة المنصور قلاوون و مسجد برقوق، وقد أنشأه في الأصل الملك العادل "كتبغا المنصوري" في عام 695 هجرية – 1295 ميلادية ، عندما تولى حكم مصر بعد خلع الناصر محمد بن قلاوون فوضع حجر أساسه وارتفع بناءه، وقد تم خلع هذا الملك قبل الانتهاء من البناء حيث عاد الناصر محمد مرة أخرى إلى حكم البلاد عام 698 هجرية - 1299 ميلادية، فأمر باستكمال البناء وقد تم الانتهاء من البناء عام 703 هجرية -  1304 ميلادية ولذلك نسب إلى الناصر محمد بن قلاوون.

الوصف المعماري للمسجد:

الواجهة مبنية من الحجر وفتح أسفلها ثلاثة شبابيك تعلوها عقود زينت بزخارف محفورة في الحجر كما تمتد بطول الواجهة أشرطة كتابية، بها أسم الناصر محمد وتاريخ بدء العمل، ومما يسترعى الانتباه في هذه الواجهة الباب الرخامي الذي يتوسطها فهو يتميز بالطراز القوطي الذي لا يحاكي ملامح العمارة الإسلامية، حيث كان في الأصل باب كنيسة سان جان بعكا وحينما فتحها الملك الأشرف خليل بن قلاوون سنة 690 هجرية – 1291 ميلادية قام الأمير علم الدين سنجر الشجاعي بنقله إلى القاهرة ثم أمر الملك العادل كتبغا فيما بعد بوضع هذا الباب كمدخل للمسجد.

المدخل يؤدي إلى مجاز يوصل إلى صحن المسجد الذي يتخذ تخطيط المدرسة المتعامد فهو عبارة عن صحن مكشوف يحيط به أربعة إيوانات لم يتبق منها سوى إيوان القبلة والإيوان المقابل له أما الإيوانان الآخران فقد حل محلهما بعض الأبنية الحديثة، والملاحظ أن المسجد أو المدرسة تحتوي على عدد عشرة خلاوي خصصت للطلبة (ستة خلاوى بجدار الصحن الشمالي الشرقي وأربعة بالجدار الجنوبي الغربي) وبكل خلوة مدخل خشبي يغلق عليه ضلفتى باب بدون زخارف.

وعلى يمين المجاز الموصل إلى الصحن يوجد باب يؤدي إلى قبة تقوم على مقرنصات تتميز بطراز الخشب المنقوش الذي يحيط بجدرانها، وهذه القبة تضم رفات والدة الناصر محمد وابنه أنوك أما الناصر محمد فإنه قد دفن بقبة أبيه المنصور قلاوون المجاورة، أما عن إيوان القبلة به محراب يزينه عمودين رخاميين وطاقيته محلاة بزخارف جصية بارزة وعلى يمين المحراب يوجد المنبر الخشبي.

مئذنة المسجد:

المئذنة تعلو المدخل ومكونة من ثلاث طبقات الأولى مربعة الشكل غشيت بزخارف وكتابات جصية متنوعة وتنتهي بمقرنصات تكونت منها الدورة الأولى، والطبقة الثانية مثمنة الشكل تنتهي أيضاً بمقرنصات تكونت منها الدورة الثانية، أما الطبقة الثالثة فهي حديثة.

 

مجموعة السلطان "المنصور قلاوون"

تنسب هذه المجموعة إلى السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون بن عبد الله الألفي التركي الصالحي النجمي، وقد لقب بالألفي لأن الأمير أقسنقر قد اشتراه بألف دينار، أما لقبه الصالحي فينسب إلى أنه كان أحد مماليك الصالح نجم الدين أيوب، وقد تولى قلاوون حكم مصر عام 678هجرية، وأثناء فترة حكمه قام بفتح طرابلس، وتوفي في عام 689 هجرية أثناء تجهيزه جيشاً لفتح عكا آخر معقل للصليبيين بالشام، فأتم هذا العمل الجليل إبنه السلطان الأشرف خليل.

موقع المجموعة المعمارية:

تقع المجموعة بشارع المعز وقد بنيت في عامي 683- 684 هجرية ، 1284-1285 ميلادية، وتتكون من مسجد و مدرسة وقبة ضريحيه وبيمارستان، وقد أقيمت هذه المجموعة على أنقاض القصر الغربي الفاطمي وبخاصة قاعة ست الملك والتي عرفت بدار الأمير فخر الدين جهاركس ثم بدار الأمير موسك ثم بدار الملك المفضل قطب الدين أحمد بن العادل، حتى وصلت ملكيتها إلى مؤنسة خاتون ابنة الملك العادل التي باعتها للسلطان المنصور قلاوون.

الواجهة والداخل:

تتميز الواجهة بالدخلات الرأسية ذات القمم المدببة وبداخل الدخلات مجموعة من الشبابيك المغشاة بالمصبعات المعدنية من الخارج والضلف الخشبية من الداخل إضافة إلى الفتحات المغشاة بالجص المعشق بالزجاج على هيئة زخارف هندسية.

المدخل الرئيسي يتوسط الواجهة ويعلوه قصة معقودة ومزخرفة بأسلوب الأبلق الرخامي كما يشغله مصراعي باب مليئان بالكسوات النحاسية المحفورة والمفرغة بالزخارف الجميلة، ويجاور المدخل حوض لسقي الدواب مكون من بائكة رباعية العقود، ويذكر أن الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك وناظر الوقف قام بإلغائه لتأذي الناس من الأوساخ أمام المدخل، والمدخل يؤدي إلى مجاز طويل مسقوف يفصل بين القبة والمسجد وبنهايته باب يؤدي إلى البيمارستان.

المئذنة:

من الخارج نرى المئذنة وهي تتكون من قاعدة يعلوها طابقين مربعين يعلوهما طابق ثالث أسطواني الشكل به زخارف نباتية ويعلوه قبة صغيرة، وقد جددت المئذنة في عام ۷۰۳ ميلادية على يد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بعد زلزال عام ۷۰۲ ميلادية.

المدرسة أو المسجد من الداخل:

أنشئت هذه المدرسة لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة وتتكون من در قاعة يتوسطها فوارة يتعامد عليها أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة وتكون من ثلاث أروقة، وسقف الإيوان مغطى بسقف خشي، أما المحراب مزخرف بالفسيفساء الرخامية والذهبية، ويجاوره منبر خشبي أقامه الأمير أزبك بن ططخ عام ۸۹۹م.

ويذكر أنه أثناء الحملة الفرنسية على مصر وجد بهذه المدرسة مسلتين استخدمتا كأعتاب للمداخل فقام الفرنسيون بإخراجهما وارسالهما عبر المراكب إلى باريس تحت ممتلكاتهم مع أشياء أخرى فقابل المراكب في الطريق مراكب إنجليزية استولت على جميع ما بداخل المراكب الفرنسية وكان منها هاتين المسلتان، وهما موجودتان في خزانة الآثار بمدينة لندن تحت ممتلكات إنجلترا.

القبة الضريحية:

لم تكن في البداية مخصصة للدفن وقد أقيمت في الأصل لتلاوة القرآن الكريم والقاء دروس الفقه والحديث، وعندما توفي المنصور قلاوون نقلت جثته ليدفن فيها، والقبة تتكون من مربع خارجي يتوسطه مثمن من أربع دعائم ضخمة ذات أعمدة ركنية وكذلك أربع أعمدة جرانيتية، أما السقف فهو مستوى من المصندفات الخشبية ويتوسطه قبة يتقدم مربعها مساحة مكشوفة يحيط بها رواق من ثلاث جهات والجهة الرابعة في مدخل القبة وتحتوي القبة على زخارف خشبية وجصية ورخامية وكتابات كوفية مربعة لتكرار كلمة «محمد».

أما محراب القبة فيحتوي على زخارف محارية وفسيفساء رخامية وأطباق نجمية، ونستطيع أيضاً رؤية المقصورة الخشبية التي أقامها السلطان الناصر محمد حول مدفن والده، وهذه القبة دفن فيها المنصور قلاوون وابنه الناصر محمد والملك الصالح عماد الدين.

البيمارستان :

أجمع المؤرخون أن السلطان المنصور قلاوون قد أصيب بقولنج عظيم عندما كان في دمشق وقد عولج بعلاج جلب من بيمارستان نور الدين بدمشق، وبعد شفاءه أنذر إن أتاه الله الملك أن يقيم بيمارستاناً بالقاهرة فأقام هذا البيمارستان.

تهدم البيمارستان بشكل كبير كما جاء في موسوعة وصف مصر العلماء الحملة الفرنسية إلى أن تم بناء مستشفي جديد للرمد بصحن البيمارستان في بدايات القرن العشرين، وكان البيمارستان يتكون من مساحة كبيرة يتصل بها شاذروانات تتصل بالفسقية عبر قنوات، وكان بها أيضاً حجرات لعلاج الأمراض بما فيها الأمراض النفسية، وقد توافر فيها كافة الأطباء والصيادلة والأدوية والأطعمة والكسوة وقاعات تدريس الطب والصيدلة، وكان من زيادة العناية بالمرضى تغيير المفروشات وتخصيص أواني للمرضى لعدم انتشار العدوى.