عاجل

نهار

المترجم المبدع...

عبلة الروينى
عبلة الروينى

«عشت لأترجم» هذا ما وصف به صالح علمانى مشوار حياته... فلسطينى ولد فى سوريا، ليغادرها قبل سنوات قليلة إلى إسبانيا، التى منحته إقامة دائمة، حتى رحيله أول أمس عن ٧٠ عاما... تخلى صالح علمانى مبكرا عن الدراسة الأكاديمية... وتخلى عن حلمه بأن يكون روائيا.. ليصبح «مترجما» فقط، لا شيء آخر.. بعد أن قرأ رواية الكولومبى الأشهر جبريال جارسيا ماركيز «مئة عام من العزلة».. وكان قد سبق وترجم له «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» قرر أن يصبح مترجما، مطلقا عبارته «أن تكون مترجما مهما، أفضل من أن تكون روائيا سيئا»..... وبالفعل أصبح صالح علمانى مترجما مهما.. بل هو المترجم الأهم «عن الإسبانية».. وصفه الشاعر محمود درويش «بالثروة القومية».. قدم للمكتبة العربية أكثر من ١٠٠ كتاب مترجم عن الإسبانية، وكان السبب وراء تعريف القارئ العربى بأدب أمريكا اللاتينية وكتابها العظام.. ماركيز، يوسا، اليزابيل الليندى، ساراماجوا، إدواردو جوليانو، نيرودا وغيرهم من كتاب أمريكا اللاتينية..
إنجاز صالح علمانى المهم، ليس فى وفرة الكتب التى قام بترجمتها.. لكن فى قيمة الترجمة نفسها، والتى جعلت منه «علامة مسجلة» «بتعبير الشاعر أمجد ناصر».. يسأل عنه القارئ، قبل أن يسأل عن اسم الكاتب أو اسم الكتاب... اسم صالح علمانى على الكتاب، إبداع مضاف إلى النصوص التى قام بترجمتها.. إبداع مستقل، يعيد إنتاج النص مرة أخرى.. وهو ما وصفه النقاد، بأنه يكتب النسخة العربية، من الروايات التى يترجمها... ويرى علمانى أن الترجمة الحرفية جريمة لا تغتفر، فالمنطق البلاغى بين لغتين قد لا يلتقى دائما.. ولهذا اعتبر الترجمة «نوعا من الخيانة الأمينة».