حكايات| ذكريات «المغازي».. كفر الشيخ هزمت المنتخب والتعادل مع الزمالك يساوي 5 جنيهات

عبد الوهاب المغازي يستعيد ذكريات سنوات المجد في نادي كفر الشيخ
عبد الوهاب المغازي يستعيد ذكريات سنوات المجد في نادي كفر الشيخ

إذا لم نخبرك بأننا نتحدث عن نادي كفر الشيخ، فقد تعتقد أن هذه الصورة لفريق بايرن ميونخ الألماني في سبعينيات القرن الماضي بالقمصان الرائعة للاعبين أصحاب المظهر الأوروبي في جلستهم وقصات شعرهم والسترات الأنيقة للمدربين على أرض ستاد القاهرة الدولي قبل مباراة مع الأهلي.

أعدنا عبد الوهاب المغازي، أسطورة كرة القدم في كفر الشيخ، للأيام الخوالي، ففتح لحكايات «بوابة أخبار اليوم» خزائن الأسرار والصور النادرة التي توثق رحلة صعود فريق نادي كفر الشيخ للدوري الممتاز ليناطح الكبار على مدار موسمين ويحقق انتصارات صغيرة بالنسبة لعمر المسابقة العريقة، ولكنها كبيرة جدًا وتاريخية بالنسبة لجماهير المدينة والمحافظة بأسرها.

 

كفر الشيخ وصلت للممتاز

«كفر الشيخ هزمت المصنع ووصلت للممتاز».. عنوان لخبر صغير بإحدى الصحف القومية يحتفظ به «المغازي» في خزينة ذكرياته حين قاد فريقه للفوز على مصنع 36 الحربي وحقق الحلم الجميل بالصعود لمواجهة الأهلي والزمالك في الدوري الممتاز.

يروي المغازي بكثير من الحنين: «حدث هذا في العام 1975، لقد كانت مباراة لا تنسى أدارها تحكيميًا الديبة أسطورة إفريقيا بين كفر الشيخ ومصنع 36 الحربي، وكان أحد أقوى الأندية آنذاك، ويملك لاعبين رائعين، وكنا جميعًا في نادي كفر الشيخ من أبناء البلد ويقودنا فنيًا إبراهيم الجريدي ومحمد السني وهنا السر، ولا يمكن إغفال دور الداعم الأول لنا الراحل محمود لاشين مدير بنك التسليف الزراعي آنذاك».

 

«كانت مباراة صعبة جدًا في نهائي دورة الترقي للممتاز، وحققنا الفوز بهدف نظيف سجله أخي وصديقي محمد عامر، نجم مصر والأهلي، في بدايته معنا في كفر الشيخ، وأذكر حتى الآن أن الصحافة كتبت كانت المباراة من جانب واحد ولم يلعب كفر الشيخ سوى 10 دقائق سجل فيها عامر الهدف، بينما كان الدفاع شوارع باستثناء المغازي الذي تحمل بمفرده عبء المباراة وقاد فريقه للفوز ولولاه ما كان».

 

اقرأ للمحرر| عمر الشريف وهال سيتي الإنجليزي.. قصة عشق أخرى لـ «دكتور زيفاجو»

 

هزمنا الكبار للبقاء في الممتاز

جيل الممتاز في تاريخ نادي كفر الشيخ ضم الجهاز الفني وعلى رأسه إبراهيم الجريدي ومحمد السني، واللاعبون محمد عامر ـ محمد عباس ـ السيد يوسف ـ عبد النبي السني ـ محسن أبو حسن ـ عبد العظيم بديوي ـ حمدي أبو الفتوح - أحمد شعراوي ـ فتحي الزواوي ـ أحمد الملا ـ مصطفى الزواوي ـ عمر همس ـ عبد الوهاب المغازي ـ مصطفى شعراوي ـ سمير سالم ـ ابراهيم البيلي – محسن دياب.

وأقيم الموسم 1975-76 بنظام المجموعتين فوقع نادي كفر الشيخ في المجموعة الثانية التي ضمت أندية الأهلي والإسماعيلي مع كفر الشيخ والمنصورة والمصري البورسعيدي والاتحاد السكندري والشرقية وطنطا والطيران والمنيا ومصنع 36 الحربي والشرطة.

 

يستعيد المغازي ذكرياته: «كان موسمًا صعبًا، وقعنا في المجموعة الثانية ولكن أبناء البلد كانوا على العهد، ولك أن تتخيل أننا كنا نخشى الظهور في الساعات المتأخرة مساءً بالأسواق أو الشوارع لأن الجمهور في كفر الشيخ كان لا يتقبل فكرة سهر لاعب الكرة، وكنا نلعب بكل إخلاص، وحتى عندما تعاقدنا مع لاعب كان شعراوي من المحلة التي تبعد 20 كلم فقط عن المحافظة.. الانتماء كان يحكمنا».

«قبل نهاية موسمنا الأول في الممتاز كنا على وشك الهبوط، وكان لابد من تحقيق الفوز على أندية كبرى لها تاريخها في الممتاز، ولكن استطعنا تحقيق 4 انتصارات على الإسماعيلي بهدف محسن دياب الذي اكتشفته ناشئًا ورشحته للسني ليتم تصعيده ويلعب مع الفريق الأول، بالإضافة إلى الانتصار على المصري البورسعيدي والاتحاد السكندري ومصنع 36، فبقينا بين الكبار».

 

«الفوز على المصري والإسماعيلي والاتحاد لم يكن سهلاً، انظروا إلى أسماء لاعبي هذه الأندية في هذا الموسم، فالدراويش يقودهم علي أبو جريشة وأمين دابو نجم الكرة السعودية ومعهم أسامة خليل، والمصري مسعد نور والاتحاد طلعت يوسف والحارس اليوناني يوسف زكي بنايوتي ورفاقهما أبطال كأس مصر».

 

في الموسم 1975-76، خاض نادي كفر الشيخ 21 مباراة بالدوري الممتاز وحقق الفوز في 9 مباريات، وتعادل في 5 مباريات وخسر 7 مباريات، لينهيه في المركز الخامس بالمجموعة الثانية خلف الأهلي والإسماعيلي والمصري والمنصورة، ومتفوقًا على الاتحاد السكندري.

 

اقرأ للمحرر| حسام حسن «الأوروبي».. شهادات الأساطير والكتب عن 4 أهداف حطمت مرمى سيلتك

 

5 جنيهات بأمر المحافظ

الموسم 1976-77، عاد الدوري المصري الممتاز ليقام بنظام المجموعة الواحدة من دورين وواصل نادي كفر الشيخ رحلته بين الكبار، بعدما رفض عرض النادي الأهلي للتخلي عن نجمه الأول محمد عامر.

 

يستعيد المغازي ذكرياته: «كان موسمًا صعبًا وهبطنا بعد مباريات قوية وبفارق نقطتين فقط عن المصري البورسعيدي، لكن نجحنا في التعادل مع الزمالك في أقوى مباريات نادي كفر الشيخ على مر تاريخه، وأنا زملكاوي ولكن لا أنسى ما قدمناه في هذا اللقاء».

 

أقيمت مباراة كفر الشيخ والزمالك يوم 13 مايو 1977 ضمن منافسات الجولة 29، على ستاد كفر الشيخ وبدأها الأبيض بتشكيل مكون من الأساطير (عادل المأمور، محمد صلاح الدين، محمد توفيق، غانم سلطان، صبري المنياوي، فاروق جعفر، محمود الخواجة، طارق غنيم، محمد سعيد، "أحمد عبد الحليم"، حسن شحاته، وعلي خليل).

سألنا «المغازي» كيف مر منك علي خليل ليسجل هدف الزمالك؟ فرد بكل حماس مستعيدًا شبابه:«أقسم بالله لم يمر مني، علي خليل هو أعز أصدقائي، ويستطيع المرور من أي مدافع، ولكنه لم يمر مني، لقد جاء هدف الزمالك من كرة عرضية حولها خليل في المرمى».

 

«كانت ليلة لم ينسها جمهور كفر الشيخ حتى الآن، ولأن اللائحة لم تنص على مكافأة في حالة التعادل، رفض النادي صرف أي مكافأة استثنائية لنا، فاعترضنا وأمر المحافظ بصرف 5 جنيهات مكافأة لكل لاعب».

 

تهديد الحكم أمام حسن حمدي

 

يروي المغازي واقعة طريفة يتذكرها حين خسر فريق كفر الشيخ مباراته بالدوري الممتاز على ستاد القاهرة في الموسم 1976-77، بهدف نظيف :"فوجئنا بالحكم حسن سيد أحمد يجمع لاعبي كفر الشيخ ويحضر حسن حمدي قائد النادي الأهلي قبل اللقاء".

«مازلت أحتفظ بهذه الصورة، لأن الحكم توعد وهدد بالإنذارات والطرد لأي لاعب في كفر الشيخ حال حدوث أي تدخل عنيف خلال المباراة على لاعبي النادي الأهلي، وخسرنا المباراة بهدف لمصطفى عبده في الشوط الأول».

 

«طين» سمنود سر الهبوط

يكشف المغازي سر هبوط كفر الشيخ قائلاً: «خضنا مباراة في كأس مصر أمام سمنود على ملعبهم، ولم يكن مؤهلاً أبدًا وكانت الأمطار تحاصرنا وأرض الملعب تحولت إلى طين فتعرض الثنائي محمد عامر وأحمد الملا لإصابتين خطيرتين».

 

«فقدنا عامر وهو مفتاح اللعب الأول للفريق، بالإضافة إلى الحارس الأسطوري بالنسبة لنا، فخسرنا مباريات كان من الممكن أن نفوز بها وهبطنا في نهاية الموسم».

 

الموسم 1976-77، أنهاه نادي كفر الشيخ في المركز الثالث عشر، بعدما حقق الفوز في 3 مباريات فقط وتعادل في 14 مباراة، وخسر 11 مباراة.

 

اقرأ للمحرر|  بطل أولمبي مصري.. فنان بهوليوود هزم العنصرية بالزواج وقُتل بالحرب العالمية

 

مفاجأة.. كفر الشيخ هزمت المنتخب

 

صبيحة يوم الأربعاء 10 ديسمبر من العام 1975، عنونت صحيفة الجمهورية "مفاجأة.. كفر الشيخ هزمت المنتخب القومي 1-صفر وعبد العظيم بديوي أحرز الهدف)، ما قصة هذه المباراة الاستثنائية ؟

 

يستعيد المغازي ذكرياته :"قطعنا لاعبي منتخب مصر الأول في هذه المباراة الودية التي أقيمت استعدادًا لخوض كأس فلسطين في تونس بنهاية شهر ديسمبر، ولكن تفوقنا على جميع اللاعبين أصحاب الأسماء اللامعة، وحدثت هزة كبرى في اتحاد الكرة الذي استدعى الفريق الخاسر واستبدله بلاعبين آخرين".

 

«بعد مباراة كفر الشيخ مع منتخب مصر، وبالتشكيل الجديد للمنتخب، استطاع اللاعبون الجدد تحقيق الانتصارات في تونس وعادوا بكأس فلسطين بعد الفوز على العراق في المباراة النهائية».

 

محمد عامر يظل الهداف التاريخي لكفر الشيخ في الممتاز برصيد 10 أهداف يليه محمد عباس بـ 6 أهداف، ويأتي السيد يوسف ثالثًا برصيد 4 أهداف.

 

اقرأ للمحرر| «كشاف» الدراويش.. رحلة البحث عن البطولة تبدأ من «النجوع»

ذكريات المغازي

 

سألنا المغازي عن رحلته في عالم كرة القدم فقال :"بعد اعتزالي اتجهت للتدريب، وعملت في المملكة العربية السعودية مع أكثر من ناد منهم العروبة وحققت 22 بطولة محلية في درجات مختلفة، وكانت فترة رائعة، قبل أن أعود إلى مصر وتوليت تدريب نادي كفر الشيخ لأكثر من ولاية وقدمت كل ما لدي واعتمدت دائمًا على الناشئين أبناء البلد".

 

«مازلت أتحدث مع محمد عامر ونلتقي في كفر الشيخ، وكانت علاقتي طيبة بالراحل طه بصري، وكذلك علي خليل من نجوم نادي الزمالك، وكذلك طارق يحيى وهو من أبناء كفر الشيخ».

 

«طه بصري كان يتصل بي ليشكرني على إهدائه حمادة شنح في إنبي، وكذلك قدمت عبد الحميد بسيوني للملاعب وهو ناشئ بنادي كفر الشيخ قبل أن يصبح هدافًا للدوري مع نادي الزمالك، ومحمد خيري لاعب الاتحاد السكندري».

 

سر انهيار كفر الشيخ

 

سألنا المغازي عن سر انهيار نادي كفر الشيخ وهبوطه لدوري الدرجة الثالثة فقال: «الزمن الذي تحدثنا عنه، لم نلعب فيه كرة القدم من أجل المال ولا الشهرة، كنا نلعب لأجل الجماهير، ولعشقنا الساحرة المستديرة، ولم تكن لدينا رفاهية التعاقد مع لاعبين من خارج المحافظة».

«الآن لم يعد الأمر كما كان في السابق، فالمدربين واللاعبين من خارج البلد، ولم يعد هناك الانتماء والحب الذي عشناه في رحلتنا مع كرة القدم، وأتمنى أن يعود نادي كفر الشيخ لمكانته الطبيعية».

 

قبل موسمين كان نادي كفر الشيخ قاب قوسين أو أدنى من الصعود للدوري الممتاز، وبعد موسمين أصبح يعاني في دوري الدرجة الثالثة.