ونحن نتحدث عن مكافحة الفساد، والأجهزة المسئولة عن ذلك. لابد أن نتحدث عن عواقب انتشار الفساد حيث له عواقب وخيمة عالمية، من ذلك محاصرة الملايين فى الفقر والبؤس وتغذية الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لأن الفساد سبب الفقر، وضد حقوق الإنسان، ويقوض الديمقراطية من خلال شراء الأصوات، وضد سيادة القانون، ويشوه الاستثمار والتجارة الوطنية والدولية، ويهدد الأمن المحلى والدولى، واستدامة الموارد الطبيعية.
لقد وقعت مصر اتفاقية مكافحة الفساد عام 2003 والتى اعتمدتها الأمم المتحدة، وتتعامل مصر مع منظمة الشفافية الدولية، وتمت مراجعة جوهرية للتشريعات المصرية التى تتناول قضايا الفساد، إما عن طريق تشريع قوانين جديدة أو عن طريق سد الثغرات الموجودة فى القوانين الحالية. واليوم بدأت مصر بناء إستراتيجية قومية متكاملة لمكافحة الفساد متضمنة خط عمل وأدوات وتدابير فعالة وقابلة للتطبيق، مع تحقيق شراكة فعالة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى والإعلام وقطاع الأعمال فى بناء وتطبيق هذه الإستراتيجية، وإنشاء جهاز مستقل لمحاربة الفساد ليقوم بمراقبة تطبيق الإستراتيجية، ووضع مدونات سلوك جديدة فى الجهات والهيئات الحكومية، ووضع قوانين الحصول على المعلومات وقوانين فعالة لحماية المبلغين عن الفساد، والتزمت مصر بتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، واهتمت بها فى رؤية مصر 2030 للتنمية الشاملة، والتى تعتمد على مكافحة الفساد فى أجهزة الدولة.
والمتابع لما تقوم به هيئة الرقابة الإدارية يدرك حجم الجهود المتواصلة لمكافحة الفساد، ففى إحصائيتها عن العشرين يوما الأولى من نوفمبر فقط أحالت إلى النيابة العامة 32 متهما فى قضايا فساد، فضلا عن مواجهة انحراف 42 موظفا عاما. كما كشفت الهيئة عن عدة وقائع تتعلق بالفساد المالى والإدارى ارتكبها مسئولون وتمت إحالتها للنيابات العامة لإعمال شئونها.
ومن حين لآخر تعلن أجهزة رقابية أخرى عن مخالفات وجرائم ضد المال العام، من ذلك الجهاز المركزى للمحاسبات، ومباحث الأموال العامة ومباحث الشئون المالية والإدارية، وإن كنت أرى أن نشاطها ضعيف إلى حد ما، لهذا أطالب بالاهتمام بنشر وقائع الفساد باستمرار، لأنها تمثل ردعا لمن تسول له نفسه استغلال سلطته لتحقيق مكاسب خاصة، كما أرجو أن يمتد نشاط الأجهزة الرقابية إلى مجلس النواب وأعضائه.
دعاء: اللهم لا نسألك رد القضاء، بل نسألك اللطف فيه.
