عقاب مفجع لـ«رضوان».. تجرأ وسار بجوار سيارة أحد مليشيات طرابلس

صورة الضحية
صورة الضحية

الظلم في طرابلس بات يزكم الأنوف، رائحة الخوف ترجف القلوب من المستقبل، الكل لا يأمن على روحه خارج بيته أو حتى داخله، في سيارة أو مترجلا على الأرض، بطش المليشيات لا يفرق بين صغير أو كبير أشر أو طيب شاب أو فتاة الكل عندهم سواسية في الظلم وانتهاك الحرمات والأعراض، تحملهم أرجلهم ويزيدهم السلاح بين أيديهم جبروتا على جبروتهم، فأصبحوا لا يرون على الأرض غيرهم.

رياح الخوف تملأ النفوس

قصة تصم الأذان نرويها واحدة تلو الأخرى، حتى باتت رياح الخوف تملأ النفوس فضاقت الأرض بالأهل والأحباب حتى وصلوا إلى حد التفريط في الوطن وطلب اللجوء إلى أرض ربما تؤويهم بأمنها وآمانها حتى وإن عاشوا فيها غرباء، هذا ما حدث مع الشيخ فرج عمر مؤسس جمعية السيدة عائشة أم المؤمنين الخيرية في العاصمة الليبية طرابلس.

 

القصة بدأت كما يرويها الشيخ فرج عمر: «نحن أسرة عشنا عقودا نمشي من الظل للظل، وتحت الظل، نعمل ونتاجر مع الله سبحانه وتعالى، لا نعتدي ولا نضرب ولا نظلم ولا نرتكب المعاصي ولا ننتهك الحرمات»، لكن كل هذا لم يكن حصنا لتلك الأسرة من بطش المليشيات، فيقول: «لم تنته فرحتنا بعودة ابني أيوب الذي كان مختطفا حتى أفجعوني في كبدي رضوان اتقوا الله فينا».

الموت.. أو إفساح الطريق

أن يأتي إليك فلذة كبدك يجرجر في جسده حتى خضبت دماؤه الأرض فتلونت طريقه بلون الدماء يطلب فيها النجدة الإسعاف، فيقول الأب المغلوب على أمره: «اسألوا عنه إمام المسجد والمصليين في الفجر، هذا ابني رضوان أحد مؤسسي جمعية السيدة عائشة أم المؤمنين للأعمال الخيرية والإنسانية يمضي زهرة شبابه وريعانه في قضاء حوائج الناس بين الأحياء الفقيرة البائسة».

 

لم يعلم ذلك الأب أن كل أعمال الخير لم تجعله في مأمن من بطش أناس فر الخير من قلوبهم فلم يترك لهم إلا السواد والحقد والغطرسة والكبرياء دون حاكم لهم أو رادع، فيقول: «المجرمون أوقفوه وطلبوا منه التنحي عن الطريق وإفساح المجال لسيارتهم حاول تنفيذ طلبهم لكن كانت الطريق ضيقة وأكوام القمامة تمنعه من إفساح الطريق».


جبروت المليشيات

موقف يحدث آلاف المرات في بين كل البشر يوميا، ويمر دون أن يخسر فيه أي من أطرافه أذى في نفسه أو بدنه، وإن تجاوز الأمر فلا يتعدى التناوش بالألفاظ، لكن مع المليشيات التي تسيطر على الوضع في العاصمة الذين يحملون السلاح لحماية أنفسهم والتجبر على خلق الله لا أمن لمواطن ولا كرامة للبشر عندهم، فيقول الأب الحزين: «لما لم يفسح لهم الطريق أنزلوه من السيارة وسحلوه وأشهروا الأسلحة في وجهه ثم أطلقوا عليه رصاصة أصبت قدمه فشلت حركته».

 

الموقف له هول وحزن دفين يمتزج فيه الغضب بالخوف، فيتابع رواية القصة: «ظل ابني ينزف.. صرخ.. القهر ملأ المكان لكن لم يتحرك أحد ولم يقترب منه أحد فظل يزحف حتى وصل الطريق» الحيرة ملكت حياته فبات الأب يقول: «اللهم أجرنا اللهم أنا نستجير بك ونحتبي بك ونلود بك من الأشرار».

النجدة من الأشرار

 لم يجد الأب ما يفعله خوفا على أبنائه من بطش من لا يعرفون للرحمة سبيلا إلا أن طالب المساعدة في طلب اللجوء إلى أي دولة قد تحميه وأبناءه، فيقول: «ماذا تريدون من أولادي وماذا فعل أولادي، أين أذهب أين أفر بهم أين أهرب بهم، هل من فاعل خير يوفر لأولادي اللجوء الإنساني في أي دولة.. لا حل آخر».

بات الهروب أمام الأب هو الوسيلة الأخيرة للنجاة بأولاده، فيقول: «ساعدوا أولادي في الحصول على حق اللجوء في الخارج يرحمكم الله.. تعالوا أيها الجبناء السفلة الأوغاد إن كنتم رجالا اقتلوني أنا واتركوا أولادي وشأنهم».... فهل من مجيب.. هل من مخرج لأهالي طرابلس من عبث المليشيات؟... ندع الأيام تقدر المقادير.