مصر الغد

المطالبة بخفض المواصفات القياسية باطل يراد به باطل «٢ - ٢»

د.م  نـادر ريـاض
د.م نـادر ريـاض

تساءلنا فى نهاية المقال السابق عن حالة ما إذا رسبت بعض العينات.. والاجابة :  يتم سحب أعداد مضاعفة من العينات لاختبارها وفى حالة رسوب أحدها يتعين على المصنع تقديم دراسة تفيد بالإجراءات التصحيحية الفنية التى يراها مناسبة لإصلاح القصور والتقدم بنموذج أساسى جديد وتعاد الإجراءات من جديد.
أما فى حالة النجاح المتكرر لدفعات الإنتاج لفترة يستقر معها ما يؤكد استمرارية جودة الإنتاج يمكن للصانع أن يتقدم بطلب للحصول على علامة الجودة حيث لا يتم التفتيش على دفعات الإنتاج شرطاً للتداول فى الأسواق وإنما يكتفى بسحب عينات عشوائية من الإنتاج فى فترات تحددها الهيئة وإدارة الجودة التابعة لها، لذا فإنه فى مواجهة الآراء القليلة عالية الصوت التى تطالب دون روية بخفض بعض المواصفات القياسية المصرية الملزمة فإننا نطرح التساؤلات التالية:
ألا تحتاج الصناعات التخصصية من أوعية الضغط وغيرها لخبرات تخصصية لدى الأفراد وكذا معدات الإنتاج الحديثة بل وأيضاً معامل اختبار حديثة تقتنيها المؤسسة لاختبار كل مرحلة إنتاج والتحقق من جودته حتى تستوثق من سلامة المنتج النهائى قبل طرحه بالأسواق؟ إذا كان المنتج المطابق للمواصفات يتكون من ثلاثة عناصر هى: الخامة والآلة والفرد المؤهل.. فأين تكمن الصعوبة فى استيفاء مواصفة قياسية ملزمة؟
أليست المواصفات القياسية الراقية هى وسيلتنا لاستكمال القدرة التنافسية عالمياً والخروج للأسواق الدولية من موقع الندية والقدرة على المنافسة؟
أليس فى الهبوط بالمواصفات القياسية المصرية تدنٍ فى المنتجات المصرية جودة وسعراً بما يفتح الباب على مصراعيه للسلع المستوردة الهابطة لتصبح مصر سوقاً متلقياً للنفايات ناهيك عن حقوق المستهلك والأخطار التى تحيق به من جراء ذلك؟ ولعل الدارسين لتاريخ الجودة لازالوا يذكرون أن بريطانيا العظمى سيدة البحار والمستعمرات التابعة لها والتى كانت لا تغيب عنها الشمس عندما تصدت لألمانيا فيما قبل الحرب العالمية الأولى وألزمتها أن تضع على منتجاتها عبارة «صنع فى ألمانيا» باعتبارها أقل قبولاً على المستوى الدولى من عبارة «صنع فى انجلترا»، فما كان من ألمانيا إلا أن قبلت التحدى وبدأت نهضتها الصناعية بوضع مواصفاتها القياسية المسماة DIN على أعلى مستوى فاسترشدت بها الصناعات الألمانية الناشئة وطبقتها بإخلاص كل ينافس بعناصر تفوق تعلو المواصفة القياسية فى بند أو آخر. ومن هنا تحققت لألمانيا نهضتها الصناعية التى أخذت فى التعاظم عاماً تلو الآخر والتى لم تستطع كبوتها الكبرى بخسارة الحربين العالمية الأولى والثانية من أن تنال من انضباط الصناعة الألمانية والتزامها بالمواصفات القياسية التى هى الطريق الوحيد إلى الجودة - جودة المهن والحرف وجودة التأهيل الفنى للبشر وجودة الآلات وجودة المنتجات وجودة الإدارة انتهاء بجودة الحياة ذاتها. يبقى فى النهاية أنه إذا آن للمواصفات القياسية المصرية أن تتغير فستكون للأقوى وليس للأضعف، وكفانا تخاذلاً.. فما هكذا تبنى الأمم.
< عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية