إنها مصر

الرئيس يقول: «التردد فساد»

كرم جبر
كرم جبر

حين تضيق الأرض والسماء إلا من رحمة الله، ولا يسعفك طب ولا دواء، وتستيقظ فجراً على وجع عزيز يصرخ، وينزف من فمه دماً مختلطاً ببقايا طعام لفظته المعدة ويملأ أرضية المكان، وسوف تعرف ما هو الخيط الرفيع الذى يفصل بين الموت والحياة.
حين تعيش الرعب والخوف والهلع والذعر، وتستنزف قوتك وأموالك وتبيع ما وراءك وما أمامك، لشراء كورس علاج قيمته 100 ألف جنيه ولا يجدى ولا ينفع.
حين تخرج السعادة من بيتك وتقول لك لن أعود، ولا ترى إلا المستشفيات ووجوه الممرضات وجشع الأطباء، فى تجارة أسوأ من الرقيق والمخدرات.
حين توقن أنك مهما فعلت لإنقاذ عزيز لديك، فالموت قادم قادم ولن يتركك تهنأ ولو يوم، وما أفظع أن تنتظره ويطول الانتظار، وأنت تعرف أنه سيفاجئك فى أى لحظة.
حين يتمزق الجسد الضعيف بكرابيج الحقن والمناظير والأشعات على أيدى بشر أسوأ من الجلادين، واعتادوا عذاب المرضى وكأنه شيء عادى وروتين يومي.
حين تنام بلا نوم وتصحو بلا صحيان، وتضحك بلا شفاه وتأكل دون أن تحس بطعم الأكل، حتى الماء يدخل الفم مرارة، لا يروى ظمأ ويؤلم الصدر والبطن.
حين تكابد تلك المأساة، تعرف ما هو «فيروس سى» الشبح المرعب الذى اقتحم حياة 15 مليون مصرى، فحول حياتهم إلى جحيم، والأسرة التى كان فيها مريض من هذا النوع، الله معها.
>>>
كانوا يقولون إن الشعب المصرى كسول ولا يعمل، ولكن أحد الأطباء قال لى إنه مريض وليس كسولا، وكل مريض بفيروس سى تتعذب معه أسرته، فأصبح ثلث المصريين فى قبضة الشبح الرهيب الذى لا شفاء منه ولا دواء.
عذاب بين من يستثمرون والوجع ليصب ثروات فى عياداتهم وفيلاتهم وسياراتهم، وعلاجات أخرى للدجالين ببول الجمال وبراز الحمام ولسعات النحل.
وبين من يذهبون لزرع أكباد فى الصين، وما أدراك ما الصين فى رحلة تبعد 15 ساعة طيران، ومستشفيات مجهولة وأكباد فاسدة وامتصاص للدولارات، وفى الآخر هتموت.. هتموت.
لا يعرف ذلك إلا من عاش التجربة ومر بأهوالها، واستيقظ مع أذان الفجر على رائحة الدم وصراخ الخوف، وأيد ترتفع للسماء بالدعاء، فلا تملك سواه.
>>>
الرئيس عبد الفتاح السيسى يقول «التردد فساد»، ولم يتردد فى اقتحام فساد متوارث من سنين، حطم صحة المصريين، ولم يتصور أحد أنه سيأتى يوم تبرأ فيه البلاد والعباد من مستعمر سكن الأجساد وأذل الرقاب وأحنى رءوس الرجال والنساء.
استثمر الرئيس فى الإنسان وتحملت الدولة مليارات، لم تفعل مثلها دول الشمال والثراء والبترول، وعالج أهله ومواطنيه مجاناً وعلى حساب الدولة العظيمة التى يجرى بها إلى الأمام.
أكتب عن ذلك لأقول: «شكراً»، من كل الشفاه التى ودعت الأحزان إلى ابتسامات.