إنها مصر

الصحافة والتحديات !

كرم جبر
كرم جبر

من يتصور أن عجز الموارد ونقص التوزيع وتدهور الإعلانات، هى الأمراض التى تهدد الصحافة المصرية.. مخطئ.
التهديد الأكبر فى الثورة الرقمية التى تدق الأبواب بشدة، وأول من يتأثر بها الإعلام، وإذا لم يلحق بالقطار فمصيره الاختفاء.
وليس معنى الحديث عن تحديث الصحافة ورقمنة المؤسسات، أن الصحافة الورقية يجب أن تختفي، ولكن أن تطور أدواتها ورسائلها، لتناسب العصر الذى تعيشه، ولا تكون خارج الزمن.
بداية أؤكد أن الهيئة الوطنية للصحافة التى أتشرف برئاستها، قامت بأعمال غير مسبوقة منذ نشأة الصحافة:
أولها: الحصر الشامل لكافة أصولها، وتحديد أوجه استثمارها بما يحفظ للمؤسسات استثمارها.. وكانت الأصول قبل ذلك سرا حربيا.
ثانياً: البدء فوراً فى مشروع الرقمنة، بشكل يتناسب مع تاريخ الصحافة المصرية وعظمتها، لتكون على خريطة الإعلام العالمي، بالالتزام بمعايير الجودة، وبدء تنفيذ ذلك بالفعل.
ثالثاً: الديون، ليست المعضلة وفى إمكان المؤسسات الالتزام بتسديدها، شرط أن تتفهم الحكومة الظروف الصعبة التى تمر بها المؤسسات، وتمنح فرصة وجدولا زمنيا محددا، بعد إعطاء فترة سماح.
رابعاً: الدمج.. لا يكون بين مؤسسات خاسرة، أو إلحاق مؤسسة مكبلة بالديون بأخرى فتأخذها وتسقط، الإصلاح أولاً ثم يكون الدمج من عدمه بقرارات رشيدة من مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، وبتحقيق مصالح المؤسسات وليس بفرضه عليها.
لو فكرنا - مثلاً - فى دمج مؤسسة صغيرة فى الأهرام أو الأخبار، فالمؤسستان الكبيرتان هما اللتان سترفضان، وليس المؤسسة الصغيرة، ولنا فى الدمج الذى تم منذ سنوات دروس وعظات فى الفشل.
خامساً: قامت الهيئة بتنظيم سفر رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير للخارج، لأول مرة فى تاريخ الصحافة، حيث توالت على المجلس الأعلى للصحافة قيادات حكومية ويسارية وناصرية وإخوانية، ولم تقترب من هذا الملف.
سادساً: ضبط التجاوزات المالية بالتعاون مع الجهاز المركزى للمحاسبات، وحدث بالفعل رد أموال لصالح المؤسسات فى الحالات المخالفة.
سابعاً: عقد ثمانية مؤتمرات بحضور رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير، وتم خلالها إقرار ضوابط النشر فى مختلف القضايا وأهمها الإرهاب والفتنة الطائفية والقضايا القومية والخطاب الديني، وغيرها، بقواعد عملية يسهل تطبيقها.
ثامناً: قيام إدارة الاستثمار بالهيئة بدراسة المشروعات التى تقترحها المؤسسات، ووضع الضوابط والإجراءات القانونية السليمة، ورفض المشروعات غير المدروسة أو التى لا جدوى منها.
تاسعاً: تأمين الاحتياجات المالية للمؤسسات خصوصاً دفع المرتبات، حيث تعجز كلها عن تدبيرها، وتتراوح نسبة العجز بين 75% و100% ولولا وقوف الحكومة فى ظهر المؤسسات ما استطاعت سداد المرتبات.
عاشراً: وهو الأهم، وضع استراتيجية شاملة للمحتوى الرقمى والإصلاح المالى والإداري، ومناقشتها مع كل الجهات المعنية للدولة، وأصبحت جاهزة للتنفيذ بجداول زمنية محددة.
ألمس لأول مرة رغبة الدولة وإرادتها الخروج بالإعلام المصرى من النفق المظلم، ووضعه فى المكانة التى يستحقها، وإصرار الرئيس على وضع الإعلام على خريطة التحديث والتطوير.