الكوميسا تحقق التكامل الاقتصادى بين دول القارة السمراء

الكوميسا
الكوميسا

منذ أن وقعت مصر على الانضمام إلى اتفاقية الكوميسا فى 29 يونيو 1998، وهى تلعب دورا نشطا ومحوريا فى تفعيل وتطوير آليات عمل الكوميسا، وفى المشاركة فى أنشطة وبرامج التجمع، كما تستضيف مصر مقر الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة للكوميسا فى مقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

تجمع دول الكوميسا الذى يضم 21 دولة أفريقية تشكل ثلث القارة يعد أكبر التجمعات الاقتصادية فى القارة السمراء حيث يبلغ تعداد سكانه 550 مليون نسمة، فيما يبلغ إجمالى الناتج المحلى الإجمالى لدول التجمع 768 مليار دولار، وترجع أهمية اتفاقية الكوميسا الى زيادة فرص التبادل التجارى بين مصر والدول أطراف الاتفاقية عن طريق تبنى السياسات التى من شأنها الإزالة الكاملة للتعريفة والحواجز الجمركية وغير الجمركية المتعلقة بالتجارة بين دول الاتفاقية، مما سيسهم فى زيادة حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء بأكثر من 12 مليار دولار سنويا، فضلا عن تقليل الوقت والتكاليف وزيادة الكفاءة وصولا إلى تحقيق الهدف الأكبر نحو إنشاء مجتمع اقتصادى إقليمى متكامل على المستوى الدولى فى شرق وجنوب إفريقيا.

 كتبت  نهى الهوارى:

وبلغ حجم التبادل التجارى بين مصر ودول تجمع الكوميسا 2 مليار و310 ملايين دولار خلال عام 2018 مقابل مليار و640 مليون دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 41%، وحققت الصادرات المصرية لدول الكوميسا نمواً كبيراً حيث بلغت نحو مليار و520 مليون دولار خلال عام 2018 مقابل مليار و130 مليون دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 34.5%، وسجلت الواردات المصرية من أسواق دول الكوميسا زيادة خلال العام الماضى حيث بلغت 792 مليون دولار مقابل 505 ملايين دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 56.8%، كما سجل الميزان التجارى فائضاً لصالح مصر بنسبة 15.6% مقارنةً بعام 2017.

وأكد د. على الادريسى نائب المدير التنفيذى لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن «منتدى افريقيا 2019 الغرض منه دعم استمرار الجهود التى تبذلها القارة» الإفريقية فى سبيل الوصول الى أعلى مستويات التكامل الاقتصادى بينهم، وترتبط هذه الجهود بتذليل العقبات ومواجهة التحديات التى تقف امام القاره السمراء منذ عقود كثيرة سواء المشاكل والتحديات الداخلية او الخارجية التى أثرت على وصول القارة الى اعلى درجات التكامل الاقتصادي، او التحديات المرتبطة بمستويات الفساد فى العديد من الدول والمشاكل التى تتعلق بالبنية التحتية وتطوير رأس المال البشري، ووجود طفرة فى البنية التحتية الرقمية والتحرك بشكل اسرع نحو الشركات الناشئة وريادة الأعمال، وكيف يكون هناك تنسيق فى السياسات المالية والنقدية والاقتصادية للقارة وتعظيم الاستفادة من الجهود المبذولة، وبالفعل نتيجة لكل هذه الجهود المبذولة على مدار السنوات الماضية توجهت أنظار عدد كبير من كبرى الاقتصاديات العالمية وعلى رأسها الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار فى القارة السمراء.

وأضاف الادريسى أن اتفاقيه الكوميسا واحدة من أهم وأكبر التكتلات الاقتصادية الموجودة فى القاره الإفريقية وتعمل الجهود المبذولة فى اطار الاتفاقية على زياده مستويات التجارة البينية بين دول شرق وجنوب افريقيا ودعم الاستثمارات المشتركة بين هذه الدول، فمنذ العديد من السنوات كانت دول شرق وجنوب افريقيا منفصلين عن بعضهم البعض، ولا ننكر وجود نجاحات فى دول مثل: مصر ورواندا وجنوب افريقيا والمغرب لكنها كانت نجاحات فردية اما وجود تكتل مهم مثل الكوميسا فهو ما ادى إلى الوصول إلى درجة كبيرة من التنسيق والتكامل بين هذه الدول.

وأوضح د. مصطفى أبو زيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن اتفاقية الكوميسا لها دور بارز لدفع حركة التجارة بين الدول الاعضاء، وأن لها مكاسب اقتصادية خاصة لمصر من خلال التوسع فى القاعدة التصديرية عن طريق فتح أسواق جديدة فى دول شرق وجنوب افريقيا، وزيادة التبادل التجارى فى إطار ازالة الحواجز الجمركية وبالتالى خفض العجز فى الميزان التجارى المصري، والاستفادة ايضا من تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الافريقية لتعظيم الاستفادة والتعاون ليشمل القارة الإفريقية بأكملها.

وأضاف أبو زيد: أن هناك بعض التحديات التى من شأنها اعاقة حركة التجارة المصرية لتلك الدول تتمثل فى عدم وجود معلومات عن متطلبات السوق، وعدم توافر بيانات دقيقة عن الموارد الاقتصادية وعدم وجود اماكن للخدمات اللوجستية والتخزين، مما يؤدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع نسبة المخاطر بالإضافة الى عدم وجود خطوط سكك حديدية تصل الى الدول المنغلقة، لذلك من المهم التعرف على المزايا النسبية لدول الكوميسا وتطبيق إحلال الواردات محل الواردات من العالم الخارجي، ودعم الخدمات المالية والمصرفية لدعم البنوك فى التمويل الخاص بالمشروعات الاستثمارية، وهنا يمكن الاستفادة من الخبرات المصرية فى هذا القطاع من خلال تقديم الاستشارات الادارية والفنية والمصرفية، وايضا الاستفادة من الخبرات المصرية المتراكمة فى قطاع البناء والتشييد فى بناء وتطوير البنية التحتية لدول الكوميسا، حيث إن احدى الركائز الاساسية لجذب الاستثمارات المباشرة ربط الطرق ببعضها لتسهيل حركة نقل البضائع والمواد الخام اللازمة للصناعة.

فيما قال أحمد على زين الدين الباحث الاقتصادى: إن اتفاقية الكوميسا لها انعكاسات ايجابية كبرى على الاقتصاد المصرى من خلال التوسع فى القاعدة التصديرية إفريقيًا، وفتح أسواق جديدة فى شرق وجنوب إفريقيا، وإيجاد الآليات المناسبة للتغلب على المعوقات والتحديات التى تواجه زيادة فرص الصادرات المصرية والسلع المصنعة أو السلع الزراعية واختراق أسواق الدول الأعضاء بالاتفاقية.

وأضاف زين: أنه أن على الرغم من زيادة التجارة البينية بين دول جنوب وشرق افريقيا إلا أنه ما زالت هناك العديد من التحديات التى تواجه دول الكوميسا وتعوق حركة التجارة المصرية والصادرات لتلك الدول تحد من المزايا المتوقعة من الاتفاقية، وترجع هذه التحديات إلى اختلاف الإجراءات والنظم التجارية السائدة فى دول الكوميسا، وعدم توافر بيانات عن الموارد الاقتصادية، وصعوبة التمويل الخاص بالمشروعات الاستثمارية المشتركة وعدم التنسيق بين البنوك، وارتفاع تكاليف التأمين، وعدم وجود نظام بنكى متقدم، وللتغلب على هذه التحديات لابد ان تتخذ مصر استراتيجيات اقتصادية تدعم علاقتها بدول الكوميسا من خلال إحلال الواردات من تلك الدول محل الواردات من العالم الخارجى دعمًا وتشجيعًا للتبادل التجارى مع دول الكوميسا، والاستفادة من إزالة الحواجز والعوائق أمام التجارة ونظم وآليات دعم تمويل الصادرات بدول الكوميسا من خلال تحسين سبل دخول الأسواق وخلق مجال تجارى واستثمارى منفتح فى ظل اتفاقية التجارة الحرة والاتحاد الجمركي، فضلا عن تعزيز قدرات القطاع الخاص وبناء قدرات إنتاجية قادرة على المنافسة العالمية، وتحقيق النمو التجارى من خلال برامج ترويج الصادرات.