لماذا اختفت أفلام الكارتون في مصر؟.. «بكار وسوبر هنيدي» نموذجًا

لماذا اختفت أفلام الكارتون في مصر؟.. «بكار وسوبر هنيدي وسيمبا المصري» نموذجًا
لماذا اختفت أفلام الكارتون في مصر؟.. «بكار وسوبر هنيدي وسيمبا المصري» نموذجًا

- عبد الرحمن أبو زهرة: «الغلاء» السبب.. ولدينا فنانين مؤهلين لتقديمها على أكمل وجه بشرط «توافر الإنتاج»

- «المرسي»: غياب فن الأطفال يعطي الفرصة لأصحاب الأجندات للعبث بعقول أولادنا.. ودعم الدولة «ضرورة مُلحة»

- «النجار» يُفضل الابتعاد عن «الأمريكي المدبلج».. ويؤكد: غياب الأعمال المصرية يخلق «شهيد الشهامة» كل يوم

 

عاشت مصر في ثمانينيات القرن الماضي، حالة من الانتعاشة في مجال الأفلام والمسلسلات الكارتونية التي كادت أن تنافس المنتج الأجنبي، وكانت أبرز المسلسلات الكارتونية الشهيرة «بكار» و«كابتن ماجد» و«مغامرات كعبول وعبقرينو» و«سوبر هنيدي»، وعلى الرغم من تطور الفكرة بسبب ضعف الإنتاج، إلى ترجمة ودبلجة الأعمال الأجنبية مثل «سيمبا» و«نيمو» و«شركة المرعبين المحدودة» باعتبارها مواد آمنة للأطفال، إلا أن هذه الصناعة شهدت تراجعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، فلم تشهد إلا ظهور صناعة أعمال محدودة لفن الرسوم المتحركة كانت آخرها في 2011، وهي «قصص الحيوان في القرآن»، فلم تكن سوى محاولات فردية لم ترقى إلى صناعة محترفة.

 

مسلسلات كارتونية

ما سبق دفع بعض الجهات إلى دبلجة أفلام ومسلسلات كارتونية أمريكية ويابانية، تعرض على الشاشة المصرية باللهجة الشامية، أو باللغة العربية الفصحى، لتترك الطفل المصري «في ورطة»، بسبب ابتعادها عن اللهجة العامية التي تعود عليها من ناحية، ولتضمنها مصطلحات غريبة عن الثقافة المصرية من ناحية أخرى، لذا تناقش «بوابة أخبار اليوم»، هذه الفكرة مع خبراء إعلام وفنان عايش التجربة، ومختصين في شأن الأعمال الكارتونية والرسوم المتحركة.
 

أبو زهرة.. «الغلاء» السبب

في البداية، تحدث الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، الذي جسد شخصية الأسد «سكار» في فيلم «الأسد الملك»، من إنتاجات «ديزني»، والذي لاقى إقبالا جماهيريا كبيرا في مصر، فخطف نظر ديزني إلى خامة الصوت المذهلة التي يمتلكها «أبو زهرة» والتي دفعت «ديزني» إلى مضاعفة أجره قبل ما يزيد عن ربع قرن، وتقديم شهادة تقدير باسمه محتواها أن «أبو زهرة» هو أفضل من قدم الشخصية صوتيا على مستوى العالم، وذلك بعد أدائه للدور الصوتي لأول مرة في الفيلم عام 1994م.

وقال «أبو زهرة» لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن السبب في تراجع تكرار هذه الأعمال هو «الغلاء» الذي نعاني منه، ما دفع المنتجين إلى ضخ أموالهم في أعمال رابحة تحقق ربح سريع، لذلك غابت الأعمال الفنية الاستعراضية وكذلك الكارتون، موضحًا أنه شارك في أحد أفلام الكارتون التي أُنتجت حديثًا تحت مسمى «الفارس والأميرة»، وظل هذا العمل تحت الإعداد لمدة 17 سنة بسبب تعدد جهات الإنتاج، فمن الطبيعي أن يهرب المنتجين بسبب عدم الربح.

وأوضح أنه في حالة توافر ميزانيات أو جهات رسمية تقدم دعمًا للأفلام والمسلسلات الكارتونية، فسنضع قدمًا على أول الطريق في عالم إنتاج الكارتون، لافتًا إلى أننا لدينا فنانين لديهم مقومات فنية عالمية، يستطيعون تقديم الدور على أكمل وجه، مشددًا على أهمية الاهتمام بهذه الأعمال التي تبني أطفالنا وترسخ فيهم ثقافتنا، وتشيد مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

 

أسباب الاختفاء

ورد الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، قائلًا: "إن إنتاج الكارتون الموجه للأطفال، في غاية الأهمية، فلابد من تدشين مؤسسة تتوافر فيها الإمكانيات التي تنتج هذه النوعية من الأفلام الفنية البناءة التي تبني أطفالنا ومستقبلهم"، موضحًا أن غياب فن الطفل يعطي الفرصة لأصحاب الأجندات للعبث بعقول أطفالنا، بتقديم أفلام من هذه النوعية ولكن بسياسات تخدم أجنداتهم، وتشمل قيم وثقافة منافية للثقافة المصرية الأصيلة.

وذكر «المرسي» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن الأفلام الكارتونية سواء المُنتجة محليًا أو المُدبلجة، تتكلف مبالغ مالية باهظة، تحتاج ميزانيات ضخمة لا تقوى عليها مؤسسات إعلامية صغيرة أو شركات خاصة، فيتطلب الأمر مؤسسة كبيرة تتوافر لديها إمكانيات مادية مرتفعة، تقدم أعمالاً تحمل قيمًا وأخلاقيات مجتمعنا، وتتشبع بالثقافة المصرية وتقاليدنا الأصيلة، بغرض كونها رسالة وهدية للأجيال القادمة، ولا يجوز التعامل معها كسلعة أو مادة ربحية.

وأوضح أستاذ الإعلام، أن من المهم الاهتمام بالأعمال المُدبلجة ومساعدة الجهات التي تنتجها، ولكن بشرط حسن انتقاء الأعمال الأجنبية التي تتناسب مع ثقافتنا المصرية، مؤكدًا أنه من الضروري حسن الاختيار بما يتناسب مع أخلاقيات ومبادىء مجتمعنا، وظهر ذلك في مسلسل «سيمبا»، مشددًا على ضرورة دعم الدولة لهذه الأعمال أو المساهمة في إنتاجها، مع الاعتماد على أصوات فنانين تقدم ذلك كرسالة لصغارنا.

 

«التيك توك» يحل بديًلا

فيما قال الدكتور جمال النجار، أستاذ الإعلام بجامعة النهضة، إن غياب مثل هذه المسلسلات التي تربي الطفل على الذوق العربي والشرقي، وغرس القيم الإسلامية والعربية في نفوس الطفل منذ أن يكون برعم متفتح يتلقى هذه التوجيهات، تمثل خطورة كبيرة على الأجيال القادمة، بعد أن استُبدلت هذه الأعمال بنظيرتها الأجنبية، وكذلك «السوشيال ميديا» وبرنامج «التيك توك» الذي يدمر الشباب.

 

«ديزني» وفكر الصهاينة

وأرجع «النجار» غياب هذه الأعمال الفنية التي تخاطب الأطفال، إلى اختفاء المؤسسات الإنتاجية الداعمة لبرامج ومسلسلات الطفل، ما يؤكد أهمية تنشئة الطفل على هذه الأعمال التي تزرع فيه القيم وتقاليد المجتمع، لافتًا إلى أن منتجات «ديزني» الأمريكية في غاية الخطورة على أطفالنا، ولابد من إبعاد صغارنا عنها، لأنها تحمل فكر الصهاينة، كما تحمل أفكارًا خارقة وخيال وهمي تحمل العنف والإرهاب، وقيم غربية غريبة لا تتناسب معنا، وتنقله إلى أطفالنا.

 

وأشار إلى أنه من المهم أن يتبنى المنتجون المصريون ونجوم الفن الفكرة، بتخفيض أجورهم ومضاعفة ميزانية الإنتاج، وتبني أعمال الطفل باعتبارها واجبًا وطنيًا ودينيًا، لأننا إذ لم نربي أطفالنا على قيمنا العربية السليمة، سنجني أجيالًا نلوم أنفسنا على تربيتها، وسيتكرر نموذج محمد راجح الذي قتل محمود البنا «شهيد الشهامة»، منوهًا لأهمية عودة نشاط مجلات الأطفال المصرية والعربية، بعد أن تقلص معظمها، وتراجع القراءة ومتابعات الأطفال لقصص الأطفال في المكتبات، وكذلك عدم اهتمام أولياء الأمور بذلك، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر في المجتمع برمته.

وشدد أستاذ الإعلام بجامعة النهضة، على ضرورة الاهتمام بتقديم أعمال فنية للطفل المصري، كرسالة إنسانية وفنية للمستقبل، باعتبارها أحد الروافد التي تكون عقلية الطفل وتنمي مهاراته.