مصر تعرض اليوم جهودها فى المجال الحقوقى أمام الأمم المتحدة

حوار| مساعد وزير الخارجية: منفتحون للتعاون مع الجميع.. ونطالب بالموضوعية وعدم التسييس

السفير أحمد إيهاب جمال الدين
السفير أحمد إيهاب جمال الدين

- فهم الوضع المصرى لابد أن يتم بالنظر للظروف الأمنية فى المنطقة


- خلال أسابيع.. بدء عمل اللجنة العليا برئاسة وزير الخارجية

 

تعرض مصر اليوم تقريرها فى آلية الاستعراض الدورى الشامل بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك من خلال وفد رفيع المستوى برئاسة المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، وبمشاركة السفير أحمد إيهاب جمال الدين مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية والاجتماعية الدولية، الذى أكد لـ«الأخبار» فى أول حوار له أن مصر تريد من خلال التقرير أن تبعث برسالة مفادها أن لديها إرادة سياسية أكيدة وقناعة ذاتية للإرتقاء بحقوق الإنسان باعتبارها جزءا من استراتيجية التنمية الشاملة التى تنفذها الدولة، وأضاف: نحن مقتنعون بها ونسعى جاهدين لوضعها موضع التنفيذ الفعال، ومستمرون على طريق التطوير فهوعملية تراكمية ومتواصلة.. وإلى تفاصيل الحوار:


> قدمت مصر تقريرها الوطنى إلى آلية الإستعراض الدورى الشامل بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.. ما المقصود بهذه الآلية.. ما مبادئها وكيف تعمل؟
يمثل الاستعراض آلية فريدة من نوعها على المستوى الدولى، تخضع لها كافة الدول بلا استثناء. وقدقدمت مصر مؤخراً تقريرها الوطنى لهذه الآلية، وسوف تتم مناقشته، بمشاركة وفد حكومى رفيع المستوى برئاسة المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب.

 

المناقشة ستتم فى إطار حوار تفاعلى مع وفود الدول المختلفة، فى جلسة مجموعة العمل المعنية، فى13 نوفمبر الجاري. وتعتبرهذه الجلسة الثالثة من نوعها التى تخضع فيها مصر للمراجعة منذ إنشاء هذه الآلية، حيث جرت الأولى فى 2010 والثانية فى 2014.

 

وتقوم عملية الاستعراض على عدة مبادىء تتلخص فى عدم الانتقائية وعدم التسييس وعالمية حقوق الانسان، وتشهد حواراً بناء  على مدار ثلاث  ساعات ونصف الساعة، على أساس ما توفره الدولة من بيانات ومعلومات عن موقف تنفيذها لالتزاماتها الدولية. ويمثل هذا التفاعل فرصة للدولة المعنية لكى تبرز الإجراءات التى اتخذتها اتصالا بمختلف الحقوق، وأن تتفاعل مع الأسئلة والتوصيات التى تدلى بها وفود الدول المختلفة.

 

وتنتهى عملية المراجعة بتقديم مجموعة العمل تقرير بما تضمنته هذه المناقشات وبما تقدمت به الدول من توصيات للدولة محل المراجعة لكى تقوم الاخيرة خلال أول دورة لاحقة لمجلس حقوق الانسان باعلان موقفها من تلك التوصيات من حيث القبول أو الرفض.


> كيف استعدت مصر لهذه الجلسة؟
- استعدت لها الحكومة المصرية من خلال لجنة موسعة، مثلت فيها كل الجهات الحكومية، قامت بحصر ومتابعة موقف تنفيذ مصر لما تلقته من توصيات خلال الدورة السابقة عام 2014. وتم فى أغسطس الماضى الانتهاء من إعداد التقرير الوطنى الذى سيتم مناقشته خلال أيام قليلة، متضمنا عرضا متكاملا بما أنجزته مصر خلال السنوات الخمس الماضية. وتجدر الإشارة إلى أن ذات اللجنة اعدت منذ عام ونصف، تقريراً طوعيا لمنتصف المدة تم تقديمه آنذاك للأمم المتحدة. ويكشف كل ذلك الجدية التى تتناول بها مصر ملف حقوق الانسان.


أهم الملامح
> ما ملامح التقرير الذى ستقدمه مصر؟
استعرض التقرير الجهود التى بذلتها مصر فى مجال دعم وتعزيز حقوق الانسان، بما فى ذلك الحقوق المدنية والسياسية ؛ والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ؛ وحقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوى الإعاقة؛ والشباب؛ وغيرها. وسيقوم وفد مصر المشارك فى جلسة الاستعراض الدورى الشامل بعرض أهم ملامح هذا التقرير وبالرد على أسئلة الدول المختلفة، كما سيقوم بتوزيع كتيب باللغة الانجليزية يتضمن ملخصاً بأهم الأرقام والإنجازات التى وردت فى التقرير.


> كيف تقيمون جهود مصر فى تعزيز حقوق الانسان؟
لابد من إدراك أن فهم السياق العام لجهود الدولة المصرية فى مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان يعد أمراً ضرورياً لتقييم تلك الجهود ولفهم طبيعة ونطاق التحديات ذات الصلة ومن ثم تحديد أفضل السبل لمواجهتها. غنى عن البيان، فقد تأثر الوضع الأمنى فى مصر بشكل مباشر بالأزمات المزمنة فى منطقة الشرق الأوسط التى تشهد موجات متتالية من العمليات الإرهابية وانتشار الفكر المتطرف وحروباً أهلية وكذلك موجات من التهجير والنزوح الجماعي.

 

كما تعرضت مصر فى أعقاب ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013 لتحديات أمنية خطيرة ولعدد كبير من العمليات الإرهابية التى تسببت فى خسائر بشرية ومادية هائلة. فى ظل هذه الظروف، بذلت مصر جهوداً كبيرة لاستعادة الأمن ولتحقيق الاستقرار من خلال تكثيف إجراءاتها لمكافحة الإرهاب.

 

إن التحدى الماثل أمامنا كغيرنا من الدول هو تحقيق التوازن بين هذه الإجراءات الضرورية من ناحية وبين حماية الحقوق والحريات السياسية والمدنية من ناحية أخرى وهو التوازن الذى نسعى إلى تحقيقه من خلال تطبيق الضمانات الدستورية والقانونية القائمة. كما لا يمكن أن نغفل أن الاقتصاد المصرى قد تأثر بشكل كبير بعدم الاستقرار السياسى والأمنى الذى شهدته الدولة فى أعقاب ثورة يناير 2011 ، مما أدى إلى تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلى وانعكس سلباً على مستوى إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لذا تركزت الجهود الوطنية بعد انتخاب الرئيس السيسى عام 2014 على تنفيذ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادى يهدف إلى خلق البيئة المناسبة لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، وحقق هذا البرنامج نتائج غير مسبوقة من حيث تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى.

 

وقد حرص التقرير المصرى الذى سيقدم فى جنيف على عرض البرامج والسياسات على نحو مفصل وبيان نتائجها على أرض الواقع فى مختلف المجالات كنتيجة لما استثمرته الدولة فى التعليم والصحة والحماية الاجتماعية والإسكان الى جانب البنية التحتية والمشروعات القومية الكبرى.


> كيف ترون علاقة مصر بآليات حقوق الانسان؟ ولماذا يلاحق ملف حقوق الانسان الكثير من الجدل فى مصر؟
مما لا شك فيه، إن مصر حريصة كل الحرص على الحوار البناء والتعاون مع مختلف آليات حقوق الانسان الدولية والاقليمية وكذا مع شركاء التنمية، لتنفيذ خططها الطموحة فى مجال حقوق الانسان. كل ما نطلبه من هذه الآليات هو الموضوعية والمهنية وعدم الانتقائية والتسييس، وعدم الارتكان الى أى إدعاءات كاذبة أو معلومات غير دقيقة. والجانب المصرى يقوم بالرد أولا بأول على أى مراسلات، وبالتالى فإنه من المطلوب أن تحرص أى آليات دولية على استطلاع رأينا فيما يرد إليها من ادعاءات وألا تستبق ردنا.

 

من جهة أخرى، أود أيضا الإشارة إلى أن تعاوننا امتد ليشمل اللجان التعاقدية للاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان وأنه تم بحمد الله الإنتهاء من إعداد خمسة تقارير وطنية من بين ثمانى تقارير متأخرة أحيانا لسنوات طويلة، وسيتم تقديم هذه التقارير رسمياً قبل جلسة استعراض التقرير المصرى.

 

ويمثل كل ما أشرت إليه ترجمة عملية للتوجه المصرى الجاد لتنفيذ التزاماتنا الدولية، ولانفتاح مصر على التواصل البناء مع مختلف الآليات الدولية الحقوقية، كما يبرهن على أننا نأخذ توصياتهم بجدية ونعتبرهم شركاء لنا فى مسيرتنا للتطوير المتواصل.


الحقوق والحريات
> هل يمتد هذا الانفتاح ليشمل أيضا التعاون مع الدول الأخرى فى مجال حقوق الانسان؟
نحن منفتحون على الاستفادة من الممارسات الفضلى وتجارب مختلف الدول، بما يساعد على مواصلة البناء على ما حققته جهودنا الوطنية فى مجال تعزيز الحقوق والحريات العامة.

 

نحن كسائر دول العالم لا ندعى الكمال، وانما نسعى إليه، ونبذل جهوداً مضنية ومتواصلة لتحقيق نقلة نوعية إلى الأمام، ونعمل على مختلف الجبهات فى وقت واحد ونسابق الزمن لتعزيز البنية المؤسسية والتشريعية فى مجال حقوق الانسان، وتطوير الأداء على أرض الواقع.. ورائدنا فى ذلك الإرادة السياسية الاكيدة على أعلى مستوى فى الدولة المصرية، ورصيد مصر الدستورى والتشريعى والقضائى الكبير فى مجال حقوق الانسان.


استراتيجية وطنية
> ما هى آخر الإجراءات التى اتخذتها الحكومة لتطوير الإطار المؤسسى المعنى بملف حقوق الانسان وصولا لتحقيق النقلة النوعية المأمولة؟
فى اطار اهتمام الدولة المصرية باعطاء الدفعة المطلوبة فى تناول ملف حقوق الانسان، بناء على التجارب السابقة، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2396 لسنة 2018 بإنشاء «اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان»، برئاسة وزير الخارجية، ستبدأ فى ممارسة مهامها خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وستتولى ضمن أمور أخرى وضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان ومتابعة تنفيذها، فضلاً عن متابعة تنفيذ مصر لالتزاماتها الدولية الناشئة عن أحكام الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة واقتراح التدابير والإجراءات التشريعية اللازمة، كما ستتولى رصد ودراسة ومعالجة ما يثار من ادعاءات ومن شكاوى وإعداد الردود عليها، فضلا عن التعاون مع الأمم المتحدة وشركاء التنمية لاستقدام الدعم الفنى والمالى لمساعدة الحكومة فى تنفيذ أولوياتها فى مجال حقوق الانسان.


المجتمع المدنى
> كيف تقيمون تعاون الحكومة مع مؤسسات المجتمع المدنى فى مجال حقوق الانسان؟
المجتمع المدنى شريك رئيسى للحكومة فى مجال حقوق الانسان. ونحن نعتز فى مصر بالمجلس القومى لحقوق الإنسان وبما يقوم به من دور مستقل تنفيذاً لما ورد فى الدستور ومبادئ باريس، الأمر الذى أثمر عن تمتعه بوضعية «أ» فى التجمع الدولى للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان.

 

من جهة أخرى، تؤمن الحكومة بدور المجتمع المدنى ولدينا أكثر من خمسين ألف منظمة أهلية ومنظمة غير حكومية، والباب مفتوح أمامهم للإسهام إلى جانب الدولة فى الإرتقاء بكافة حقوق الانسان. وقد صدر قانون العمل الأهلى رقم 149 لسنة 2019 بعد عدة جولات مشاورات مع نحو 1300 منظمة غير حكومية مصرية وأجنبية أدلت بمقترحاتها التى تم اخذ غالبيتها فى الاعتبار، الأمر الذى أثمر عن إنجاز قانون متوازن.

 

كذلك عقدت جولات من المشاورات مع المجلس القومى لحقوق الانسان والمنظمات غير الحكومية اتصالا بعملية الاستعراض الدورى الشامل تم خلالها الاستماع الى أفكار وآمال المجتمع المدنى بالنسبة للسنوات الأربع المقبلة. ولا يفوتنى الإشارة إلى أننا درسنا بكل الجدية والانفتاح ما تضمنته تقارير الظل التى تقدمت بها مؤسسات المجتمع المدنى والمجلس القومى لحقوق الانسان. ولا شك أن هذا النهج الايجابى سيستمر ويترسخ فى المرحلة المقبلة.


> بالعودة إلى الاستعراض الدورى الشامل، ماهى الرسالة التى تود الدولة المصرية إيصالها من خلال هذا الاجتماع؟
رسالتنا الأساسية واضحة، تقوم على ما تتمتع به مصر من ارادة سياسية أكيدة وقناعة ذاتية للارتقاء بحقوق الانسان باعتبارها جزءا من استراتيجية التنمية الشاملة التى تنفذها الدولة، وأن مصر تشارك المجتمع الدولى اهتمامه وخطواته لتعزيز حقوق الانسان. فنحن لدينا حق ملكية فى مبادىء ومعايير حقوق الانسان واسهمنا كغيرنا فى صياغتها ونحن مقتنعون بها ونسعى جاهدين لوضعها موضع التنفيذ الفعال.

 

ونحن مستمرون على طريق التطوير فهو عملية تراكمية ومتواصلة، وطموحاتنا كبيرة ومتجددة، ونحن على الطريق السليم نضيف كل يوم لبنة جديدة فى صرح حقوق الانسان الذى نسعى لتشييده لكى يليق بمصر وشعبها.


 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي