كل يوم

فى بيتنا إرهابى

محمد عبدالسلام
محمد عبدالسلام

تتبعت الحياة الشخصية لبعض الأشخاص الذين انزلقت أقدامهم فى مستنقع الإرهاب فكانت المفاجأة حين وجدت أن معظم هؤلاء الأشخاص كانوا نتاجا لحالات التفكك الأسرى وأن بعضهم فى كثير من الأحيان من أسر ميسورة الحال وأن الفقر لم يكن هو الدافع الأول للانزلاق نحو هذا المستنقع ولاحظت أن تلك الشخصية كانت فى بداية مرحلة الوعى ترتبط عاطفيا بالأم أو الأب أو أحد الأخوات وحدث بينهم هذا التفكك نتيجة لسلوك معوج من أحدهم أو كراهية من طرف تجاه الآخر خلال مرحلة تشكيل الجانب العاطفى لتلك الشخصية التى لم تملك سبيلا لإصلاح هذا السلوك أو لم الشمل عندما بدأت رحلة العقل لديه فى المقارنة بينه وبين أقرانه من خلال التراكمات السيئة التى ترسبت فى حالة اللاوعى بداخله خاصة إذا كان هذا السلوك المعوج مرتبطا بالقيم والأخلاق والشرف وهنا إما أن تساير تلك الشخصية هذا السلوك المعوج وتحاول رسم ابتسامات مزيفة أو تتحول إلى شخصية بهلوانية تسعى لإضحاك الآخرين وكأن هذا الشخص يحاول السخرية مما يعانيه من واقع مرفوض بداخله أو أنه يكفر بهذا السلوك المعوج لمن أحبه وحالة التفكك التى يعيشها ويعتبر المجتمع من حوله سببا فيما يعانيه من حالة انشطار نفسى وهزيمة لكيانه أمام الآخرين، وحين يكتمل الوعى لديه بعد أن شب عن طوقه ينتابه إحساس بالكفر من المجتمع الذى يعيش به والذى عجز عن تغييره بقلبه ولسانه فيبدأ الانسباق لأول من يلتقيه والذى يتوسم فيه حسن الخلق وسرعان ما يجد فيه ضالته حين يحدثه عن القيم والأخلاق والشرف وهى الصفات المفقودة بداخله تجاه من أحبهم داخل أسرته دون أن يدرى أنه كان صيدا سهلا فى براثن أولئك الذين يتظاهرون برداء الأخلاق والتدين فسرعان ما يتلقفونه ويبدأونه معه رحلة التكفير بحياته الماضية لتبدأ رحلة زرع الأفكار والأمل فى مستقبل أفضل إلى أن ننتهى بالتكفير بالمجتمع ككل وإقناعه بأن الجنة هى المأوى.
وهنا لابد لمراكز الأبحاث الاجتماعية العمل فى دراسة النشأة الأولى للشخصية الإرهابية من خلال البحث فى سجلات أسماء المعتقلين أو من قتل فى عمليات انتحارية لوضع حلول لبعض العيوب الاجتماعية داخل بيوتنا والتى قد تكون وسيلة فعالة من الوسائل الأخرى التى تتبعها أجهزة الأمن لوقف تفريخ المزيد من الإرهابيين٠