حواديت جحا

يا ولدى: الكراهية فضيلة!

محمد العراقى
محمد العراقى

محمد العراقى

كنت صغيرا لا أعرف ما الكره وما الحب؟!.. طفل لا أعى من كلمات الحياة سوى اللعب واللهو.. أبدأ يومى بمناكفة أمى صباحا لأهرب من المدرسة، حتى سمعت والدى "ولا يا محمد هتصحى ولا"، لأسرع مهرولا للحمام ويقابلنى أبى بعدها مبتسما "ما كان من الأول ياعم الحاج خد مصروفك اههه"، لأحتضنه قائلا: "بحبك يا بابا".. ليبادرنى مازحا: "غور على مدرستك يلا"، وانطلق بعدها لمدرستى رفقة أمى ووصلنا فى الـ 8 صباحا، وكالعادة انتظرتنى أمى فى الـ 2 ظهرا واستقبلتنى بوابل من كلمات التأنيب لإهمالى فى ملابسى ولكنى بادرتها قائلا: "يلا ياماما بابا عايز يتغدى" لتضحك، وما أن وصلنا لمنزلنا اصطحبتنى مسرعة للحمام حتى لا يرانى أبى بهذا الحال، وبالكاد انتهيت وكنت أخطو خطواتى الأولى لغرفتى بادرنى أبى قائلا: "طبعا اتشاقيت".. حينها أسرعت بعينى لمقعده الذى اعتاد أن ينتظرنى فيه.. هرولت إليه لأحكى له كعادتى تفاصيل يومى طمعا فى نصائحه إذا أخطأت؛ ليبادرنى قائلا: "يلا روح اتغدى واعمل الواجب ولما تخلص انت عارف الساعة 7 هنتفرج على نشرة الأخبار وبعدها نتفرج على المسلسل" لأقاطعه ببراءة الأطفال قائلا: "ينفع العب وبلاش النشرة"، حينها يتبدل وجهه وينهرنى قائلا: "اللعب خميس وجمعة بس"، لأسرع بعدها رفقة أمى وأعود إليه فى الـ7 كما اتفقنا، وتبدأ النشرة وأتعلم أول دروس حياتى القاسية.. عندما رأيت طفلا يقتل بدم بارد.. اعتصر قلبى حزنا لهذا المشهد.. نظرت لوالدى بنظرة متسائلة: "لم يقتلون هذا الطفل المسكين غدرا"، ليكتفى أبى بضمة قوية ونظرة خوف لم أرها فى عينه من قبل، عقبها فصل التنقل بين القنوات والتى اتفقت جميعها فى استهجان الجميع لهذا الجرم إلا دولة واحدة ساندت الجناة وجعلت من المجنى عليه متهما وصدمت من قادتها التى امتلأت عبارتهم بكل معانى الكره لنا ولعروبتنا، لأصرخ قائلا لأبى: "يابابا انا بكره الناس ديه".. المفاجأة كانت فى إجابة أبى لى: "صح لازم تكرههم"، لأقاطعه متسائلا: "ألم تقل أن الكره شر"، ليسرع أبى مجيبا إياى قائلا: "ليس كل الحب خير وليس كل الكره شر ومع هؤلاء الكره فضيلة"، هاتان الدولتان هما شيطان هذا الزمان.