مصر المستقبل

الاتهامات والمزايدات

رشا الشايب
رشا الشايب

لاشك أن كلا منا بلا أى استثناء قد خاض هذا السجال أو قد دخل تلك الدائرة المفرغة المليئة بكل أنواع الجدال العقيم والتى تعقبها سلسلة مستفزة من الاتهامات والمزايدات، خاصة أنى أبديت اعتراضًا على ما يقول به الآخرون، وعلى كل المستويات وفى مختلف المجالات.
فأصبحنا للأسف الشديد نتعايش فى جو متوتر ومشحون وملىء بمنهج فرض الرأى وعدم تقبل الرأى الآخر مع عدم استساغة مبدأ الاختلاف فى الرأى وأن من حق أى إنسان أن يختلف معك فى رأيك أو لا يؤيده.. وأتفهم جيدًا الطبيعة النفسية للبشر فى أنهم قد تصيبهم الراحة والطمأنينة وأحيانًا الفرحة إن وافق الآخرون على آرائهم وأفكارهم ومعتقداتهم، وأتفهم أيضًا الطبيعة النفسية البشرية فى عدم رغبة الكثير فى سماع من يعارضون آراءهم أو يختلفون معهم.
لكن ما يثير الدهشة والعجب العجاب أن تجد أناسًا يُلقون عليك بسيل من الاتهامات والمزايدات لمجرد أنك تخالفهم الرأى، فيربطون ربطًا مسيئًا بين أقوالك المتعارضة معهم ويشككون أن وراءها أهدافا وأغراضا أخرى، فتُتهم أنك غير نزيه فى رأيك ولا موضوعى فى حكمك.. وفى خضم المجادلات والتى إن تجرأت واستعرضت فيها وجهة نظرك المعارضة فستتعرض لهجوم عنيف ولموجات شرسة من الاتهامات المريرة والتى قد تطول فى بعض الأحيان ذمتك للأسف الشديد، هذا بالإضافة إلى تعرضك لسيل من المزايدات.
أما الاتهامات فحدث بلا حرج، فستتفاجأ أنك مثلًا متهم بأنك صاحب مصلحة أو غرض يتنافى مع ما يقال أمامك فلذلك تعارضه لأنه يتنافى مع مصالحك، أو أنك مثلا مشكوكٌ فى وطنيتك إن عارضت أمرًا سياسيًا أو مطعونٌ فى إيمانك إن رفضت أو خالفت قولًا دينيًا مختلفًا عليه.
أما الصنف الآخر فهم المزايدون، وهم كُثر، وهؤلاء ما إن اختلفتَ معهم إلا وقد هاجوا متعجبين أن كيف تعارضهم وهم الذين يفهمون فى كل شىء، هم ملاك الحقيقة وحراس خزائنها ولا يعرف الوصول للحقيقة أحد غيرهم، فهم يتحدثون باسم الدين وباسم الوطن وباسم الأخلاق كما أنهم نصراء الفقراء والمساكين والضعفاء وحماة المظاليم وأن اعتراضك عليهم أمر شائن لا يُصدق.
مازال أمامنا الكثير لكى نتقبل فكرة أن الاختلاف فى الرأى أمر صحى وطبيعى.