حوار| صاحبة مبادرة «أصواتهن للسلام»: الدين بريء من إيذاء المرأة.. وهدفي تصحيح الأفكار النمطية

الباحثة هبة صلاح مع محررة بوابة أخبار اليوم
الباحثة هبة صلاح مع محررة بوابة أخبار اليوم

كسر الحواجز الفكرية من أصعب الأمور التي يمكن فعلها في المجتمع، خصوصًا لو كان القائم بهذا الأمر «امرأة»، إلا أن الباحثة والمترجمة في المركز الإعلامي بدار الإفتاء المصرية هبة صلاح، تحدت كل شيء بمبادرة «أصواتهن للسلام».


هبة.. انتهت من الماجستير في 2018 عن موضوع دور المرأة في المؤسسات الدينية، ولأنها مؤمنة أن الدين رفع من شأن المرأة وأعطاها حقوقها وكرمها، قررت أن تتحدى الأفكار العقيمة من خلال مقالات ومناقشات مختلفة من منظور ديني ومجتمعي من أجل السلام، وهو ما صرحت به خلال حوار مع «بوابة أخبار اليوم» لكشف أبرز تفاصيل المبادرة.


وإليكم نص الحوار..


- كيف بدأت فكرة مبادرة أصواتهن للسلام؟
الفكرة ليست جديدة بل منذ 3 سنوات، ولكن تم التأجيل لحين الانتهاء من رسالة الماجستير، وحينها جاءتني فرصة الزمالة مع «كايسيد» وهي منظمة دولية تأسست عام 2012، ليرعاها مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وجزء من إنهاء البرنامج عمل مبادرة مجتمعية، تكسر الحواجز أو تصنع دمج بين المجتمع والدين، وكانت فرصة بالنسبة لي أن تخرج مبادرتي للنور كبداية مع  مؤسسة معروفة ولها أنشطتها واسمها خصوصًا في المجتمع العربي.
وعندما بدأت في المبادرة اخترت منصة السوشيال ميديا، لقياس مدى التفاعل وربما كان المقياس بالنسبة لي هو تعليقات الجمهور أو رسائلهم والتي تدعمني وتطلب مني الاستمرار.
 

- ولماذا اخترت مبادرة «أصواتهن للسلام»؟
أثناء البحث اكتشفت أن هناك أمور تعاني منها النساء في المجتمع باعتقاد أنها من الدين رغم أنها ليست من الدين، ونهى الدين عنها وتحرمها من حقوق كثيرة بسبب اندراجها تحت العادات والتقاليد الخاصة بمناطق معينة وتورث ضد النساء، فأحيانا تحرمهن من التعليم أو من فرصة عمل أو الميراث فوجدت أنه لابد من وجود صوت يوصل الحقائق للناس حتى البسطاء الذين يريدون التعامل بطريقة بسيطة.
والتخصص مهم جدا ولكن لدينا أزمة أن المتخصص يتعامل في توصيل ما لديه بطريقة لا يفهمها إلا متخصص مثله، فكان التحدي بالنسبة لي كسر الحواجز الخاصة باللغة والأفكار للوصول لكل الناس باختلاف مستواهم الثقافي والفكري باستخدام لغة بسيطة سهلة.
ومن هنا قررت استخدام منصة السوشيال ميديا كونها الأكثر تأثيرا وانتشارا، لأن حاليا غالبية المجتمع يستخدم هواتف حديثة ويتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مستمر حتى الأطفال، فكانت فرصة جيدة تحسين الصورة التي في الأذهان من خلال مقالات ومقاطع فيديو عن قضايا مختلفة بهدف إنارة الطريق للناس.

- ما أول الموضوعات التي فضلتيها كبداية للمبادرة؟

واستهللت مبادرتي عن «البنات» فللأسف حتى ونحن في 2019، بعض الآباء ينزعجون عند إنجاب بنت، فبدأت المبادرة بمقال تحت عنوان: «مبروك جالك بنت»، شرحت فيه النفسية التي يكون فيها الأب في مجتمع ذكوري يعتقد بأن الابن الولد هو السند، فكان من الضروري تغيير هذه النظرة وتوضيح أنه لا يوجد الفرق والأمر كله متعلق بالتربية، فقد تكون البنت بالتربية والتعليم أفضل من كثير من الرجال وتساهم في إصلاح المجتمع ونهضته.


- وماذا عن القضايا التي يتم مناقشتها في «أصواتهن للسلام»؟
أفضل التنويع في الموضوعات التي يتم مناقشتها، فكان لدينا فترة نناقش فيها مسألة التحرش، ولاقت تفاعلا كبيرا حيث تم عرضها بشكل بسيط وجعل الناس تنتبه أنه ليس فقط من الدين وإنما لنقص في التربية أو ناتج عن خلل في السلوك.
من أهم الموضوعات التي تم مناقشتها «الموازنة بين الدين الإسلامي والمسيحي»، فتم عرض رأي القس الدكتور عيد صلاح من الكنيسة الإنجيلية، والدكتورة إلهام شاهين من مجمع البحوث الإسلامية، وكان الهدف من المقابلة مع الشخصيتين إثبات أن المرأة في المؤسسات الدينية لا شيء يعوق تقدمها وتواجدها، وطالما أن هناك كفاءة علمية وشخصية وعلى الإدارة فالباب مفتوح، ومن الأمور التي أفصحت عنها الدكتورة إلهام أن الأزهر يفتح بابه للمتميزات إنما النساء هن من يمتنعن عن التقدم للوظائف، وحتى عندما وجد شيخ الأزهر الشريف أن النساء يمتنعن عن التقدم للوظائف، بدأ يقترح وظائف مختلفة لفتح المجال أمام النساء لمن تبث كفاءتها.
وحرصت المبادرة على عرض نماذج لنساء من المجتمع لهن تجارب، سواء في مجال العمل أو حياتها الشخصية أو في أمر شعرت بأنها كسرت به حاجز النمطية الموجود في الأذهان باسم الدين، فلدينا نموذج لطبيبة تسافر إلى أفريقيا وتعالج الناس بالمجان، وتكسر حاجز صعوبة سفر المرأة وحدها.
وتم عرض آراء للرجال لتحقيق عدل في المجتمع بإظهار رأي الطرفين، لأن أصواتهن للسلام هدفها تحقيق السلام في المجتمع بعرض آراء النساء والرجال.
تأتي المبادرة العديد من المشاركات سواء مقالات أو فيديو، ربما بينها مقال لفتاة تحكي عن الصعيد ومعاناة الفتاة فيه وصعوبة كسر الحواجز، والباب مفتوح لكل من لديه مشاركة لأننا نسعى للتغيير وتصحيح المفاهيم بعرض الآراء المختلفة.


- وماذا عن الموضوعات التي لاقت التفاعل الأكبر؟
في الحقيقة كل الموضوعات لاقت تفاعلا، ولكن كانت الموضوعات المعروضة بالفيديو الأكثر تفاعلا لسهولة وصول الفكرة، كما أن الناس تفاجأت بأن أشخاص من المؤسسات الدينية يتبنوا الآراء المعتدلة، لأن الناس يأخذون صورة نمطية عن الدين.
فعندما عرضت الدكتورة إلهام شاهين من مجمع البحوث الإسلامية، أن الخطاب في القرآن الكريم موجه للإنسان بغض النظر عن كونه رجل أو امرأة، فتحدثت عن الإنسان بشكل عام بدون تمييز وأن الاثنين مكلفين عليهم حقوق ولهم واجبات، وأن فكرة خلق النساء من ضلع سيدنا آدم لا يعيب المرأة، فكما خلق حواء من ضلع آدم، خلق عيسى من مريم.


- وجدنا مشاركات من الرجال رغم أن المبادرة هي «أصواتهن للسلام»؟
تم وقتها تغيير الهاشتاج إلى «أصواتهم للسلام»، وكتبت أن المبادرة تسعدها أن تستضيف أصواتهم للسلام، لكي نتمكن من إيصال الفكرة بالتوازن ما بين الرجل والمرأة، فالمبادرة لا عنصرية فيها بل تهدف للتوازن، فالأمر ليس من منظور اجتماعي بحت ولكن من منظور ديني ننصف فيه الأديان والمرأة التي ظلمت بالعادات والتقاليد الخاطئة لفهم خاطئ للدين.

- هل سيتم التحدث عن قضايا الرجال أم المبادرة قاصرة على مشاكل المرأة؟
بدأت البذرة بإشراك الرجال في المبادرة للحديث عن قضايا المرأة مثل الأنوثة، والقوامة، والتساوي، والفترة المقبلة ستشهد رؤية مختلفة وهي كيف تنظر النساء لمشاكل الرجال، وكيف يمكن أن تعالج مشاكله كصوت من أصوات السلام من خلال رسائل للنساء الأخريات لمشاركة الرجل همومه ومساندته.


- ما هي الخطة الخاصة بالفترة المقبلة؟
في المبادرة أحاول جاهدة تصحيح المفاهيم التي تستخدم بشكل خاطئ، كما أعمل على عرض الأفكار باللغتين العربية والإنجليزية للوصول إلى عدد كبير، لأنه من خططي للمبادرة الخروج بها إلى العالمية.
ومن المقرر قريبا إطلاق موقع رسمي وسيكون هناك ورش عمل وفعاليات وكل هذا في خطة على الأجندة إلا أنني أسير خطوة تلو أخرى بشكل مدروس جيدًا، اعتمادا على ردود الأفعال بشكل كبير، حيث تردني الكثير من المقترحات الجيدة جدًا والتي بالفعل أقوم بتنفيذها لأن الناس في حاجة إليها.
من أهدافي أيضًا أن تستمر المبادرة لأنها رسالة وليست فكرة لشهر أو شهرين، ولابد من تطويرها والعمل عليها باستمرار لضمان نجاحها، فربما هي مسئولية كبيرة ولكن تستحق إعطائها وقت وجهد.