قصص وعبر| الزيارة الأخيرة

قصص وعبر
قصص وعبر

جفف الشر والحقد كل ينابيع الحب في قلب الزوج بعدما رفضت مطلقته وأم أولاده العودة إلى عصمته مرة أخرى، وزواجها من شخص آخر، وبعقل هائم ومداد قاتم قرر أن تكون زيارة مطلقته لإبنائها هي الزيارة الأخيرة.

احتدمت الخلافات بين الزوجين ووصلت إلى طريق مسدود، اتخذت على إثرها الزوجة قرار الانفصال عنه وتطليقها بعدما ساءت معاملته لها بالرغم من أن زواجهما أثمر عن ٣ أبناء في مراحل سنية مختلفة لكنه اعتاد إهانتها أمامهم والاعتداء عليها بالضرب وبوحشية غير مراع آدميتها مما جعل الأبناء يتدخلون لانقاذ أمهم من بين براثنه أكثر مرة، ووقفوا بجانب أمهم المغلوبة على أمرها وكرهت العيش معه، وساعدوها في الخلاص من هذا الأب الذي يحمل بين ضلعيه حجر صوان ولم يتذكر لها صنيعا طيبا.

وبعد عام من الانفصال فوجئ الأبناء بأمهم تعلو وجهها حمرة الخجل والكسوف عندما تقدم أحد الأشخاص للزواج منها، وتتوجسها خيفة من ردة فعلهم التي شرحت صدرها وتساقطت دموا الفرح فوق وجنتيها عندما فاجئوها أيضا بموافقتهم على زواجها خاصة وأن الزوج الجديد رجل مثالي وسوف يعوضها عن أيام الإهانة والضرب التي كانت تلاقيها مع أبيهم، وبارك الابناء زواج أمهم متمنين لها السعادة في سنوات عمرها القادمة، ولم يعلموا بأن زيارتها لهم ستكون الزيارة الأخيرة بعدما دعاها ابنها الاكبر لحضور عقد قرانه.

وما إن علم الأب بزواجها أسودت الدنيا في عينيه، واستيقظ الوحش الذي كان بداخله، وشعر بالدم بتدفق في عروقه ساخنا مجنونا، وبغيظ حانق يطحن نفسه، تتسارع أنفاسه وأصبح كالثور لا يرى غير اللون الأحمر، واستولت عليه حالة مريرة ملوثة بالغضب والحقد يسبقهما الانتقام.

رسم خطته الشيطانية، وفور علمه بحضور مطلقته، توجه إلى مكان إقامتها بمنطقة المرج، ولم تراوده نفسه ولو لبرهة واقتحم غرفة نوم شقيقها الذي كان يغط في النوم ودون مقدمات سدد له ٢٥ طعنة، أطلق على إثرها الصرخات المدوية، يطلب الاستغاثة.

هرولت شقيقته تسابق قدماها الرياح في محاولة لإنقاذه حتى فوجئت بطليقها أبو ابناءها تنطلق شرارات الغضب من عينيه ممسكا بسكين غطى نصله الدماء، وقبل أن تطلق صرخة واحدة باغتها ب—١١ طعنة بأماكن متفرقة من جسدها غير مبال بأنينها وأنين شقيقها وسقطا أثنتيهما في بركة من الدماء، وهرول الزوج مسرعا يلوح بالسكين في وجه كل من حاول استيقافه أو التصدي له من الجيران وأبناءه أيضا.

وتمكن من الهرب، وفي مشهد مأساوي تقشعر له الأبدان، سارع الجيران في محاولة لانقاذ الزوجة وشقيقها وتوجهوا بهما إلى المستشفي لكنهما لفظا أنفاسهما الأخيرة متأثرين بجراحهما.
انهار الابن الاكبر داخل المستشفى وبصوت يشوبه ألم وحسرة يطالب بإعدام أبيه الذي تجرد من كل معاني الإنسانية والرحمة.

تمكن رجال مباحث قسم شرطة المرج من القبض على الأب الذي اعترف بجريمته معللا بأن مطلقته أم أولاده رفضت العودة إلى عصمته مرة أخرى، وسيطرت عليه حالة من الغضب عندما علم بزواجها من آخر مما اعتبر ذلك إهدارا لكرامته، وإهانة لرجولته، فقرر الانتقام منها وقتلها هي وشقيقها الذي بارك زواجها من شخص آخر.

صرح وكيل النائب العام بدفن جثتي المجني عليهما بعد العرض على الطب الشرعي، وتقرر حبس الزوج ٤ أيام على ذمة التحقيقات.