حكايات| أسامة «أبو البنات».. فاقد للسمع والنطق ويبيع بالورقة والقلم

 أسامة عبد الجواد
أسامة عبد الجواد

 التواصل عن طريق الكتابة يكون أحيانًا بمثابة طلقات الرصاص الكاتمة للصوت، فهي لحظة تعرف بالإلهام، لأنها شديدة الخصوصية والسرية.

 

من خلالها يعبر الشخص عن إحساسه ومشاعره ويفرغ طاقته ويبوح عن أسراره بدون خجل، لأنه ينفصل عن ذاته ويدخل في عالم آخر من الخيال ليبحث عن المكان الأنسب والزمن الأفضل والظروف الملائمة التي يحلم بها وهذا ما حدث لـ« أسامة عبد الجواد» عندما مسك القلم والورقة.

في أحد شوارع المحروسة على رصيف ما يجلس رجل خمسيني بجانبه مجموعة من علب الحلوى؛ ولافتة صغيرة بخط اليد وهي عبارة صغيرة كانت سببًا كفيلًا في لفت الأنظار حول عم «أسامة» البالغ من العمر 54 عاما، واللافتة مكتوب عليها «أنا فاقد نعمة السمع أي قطعة بـ 2 جنيه.. عفوًا أنا لا أتسول ولكنن لا أجد عملًا أخر لعدم سمعي .. الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه».

 

محاولة بائسة

 لخص «عم أسامة» حكايته المأساوية في سطور، ليوضح من خلالها رضاه بالقدر وعزة نفسه وخوفه على أبنائه.

بدأ عم أسامة يمسك القلم ويسطر قصته بحسرة وآلم ويكتب: «أنا مش مولود أصم؛ بالعكس أنا كنت في صحة جيدة ولكن مع الوقت بدأ سمعي يقل تدريجيًا، وللبحث عن لقمة العيش أهملت في العلاج بالإضافة إلى أن هناك ظروف خاصة - رفض الإفصاح عنها- جعلتني أفقد حاسة السمع نهائيًا؛ ولكنني الآن أتكلم بصعوبة؛ ولكن إيه فايدة كلامي طالما مفيش حد هيسمع علشان كده بطلت أتكلم».

 

ويضيف في أوراقه: «ذهبت إلى طبيب الأذن وأخبرني بضرورة تركيب سماعة لتساعدني على السماع بوضوح؛ لكنني لم أهتم بذلك، فكل ما يدور بخلدي هو كيفية الاهتمام ببناتي دينا وهدير».

 

السر في الأزبكية

 يستيقظ عم أسامة من النوم ليطمئن على فتياته بعدها يقوم بشراء حلوى بقيمة 600 جنيه، ليبيعها بسعر موحد حتى لا يحتك مع الزبائن؛ ولأن "الجدعنة في دم المصريين" يدفع الزبون السعر مضاعف لمساعدته بطريقة غير مباشرة.

ويستكمل سطوره ويكتب: «منذ نعومة أظافري وعائلتي تهتم بأمري حتى التحقت بالمدرسة ولكن للآسف لم أكمل تعليمي وتركت المدرسة في الصف الخامس الابتدائي وكنت أعمل في العتبة وأحفز نفسي على القراءة في جميع المجالات من خلال الاطلاع على الكتب من سور الأزبكية و الآن أجيد الكتابة والقراءة».

 

 الكتابة فقط

لم يهتم أحد من أقارب عم أسامة بأمره، فجميعهم فقراء ويحتاجون ليد العون باستثناء أقارب والده الذين يقطنون في إحدى المحافظات ولم يهتموا لأمره.

 

يجلس عم أسامة 7 ساعات متواصلة؛ ليسترزق من خلال بيع الحلوى، ويحلم بوظيفة مرموقة لا تعتمد على الكلام ولكنها تقتصر على الكتابة بشكل أساسي.