حوار| أول واعظة يكرمها الرئيس.. أبو النصر: تلقيت الخبر بسجدة شكر.. وهذه رسالتي للمرأة

أول واعظة يكرمها الرئيس
أول واعظة يكرمها الرئيس

متفردة وسط عدد من النماذج المشرفة والمؤثرة من الرجال في تجديد الخطاب الديني، تطل بوجهها المبتسم والدموع في عينيها، كأول واعظة وأول امرأة تكرم من الرئيس عبدالفتاح السيسي في حفل المولد النبوي الشريف.

 

يمنى أبو النصر.. نموذج للمرأة المصرية التي تعبر عن ما ورثته من تقاليد الجدة والأم، وما درسته وتعلمته من القرآن الكريم والسنة، فاستطاعت أن تنتصر للمرأة بشكل مشرف كشمعة تنير الطريق لمن بعدها ليس فقط في مجال الخطاب الديني وإنما لكل امرأة في بداية الطريق.

 

وكان لـ«بوابة أخبار اليوم»، حوار خاص مع الواعظة المتطوعة بوزارة الأوقاف الدكتورة يمنى أبو النصر، حول تكريمها وأبرز المحطات في حياتها.


وإليكم نص الحوار..

- في البداية.. الوقوف أمام الرئيس ليس سهلا.. كيف كان شعورك؟

الوقوف أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان أمرًا صعب تصديقه وكأنني في حُلم، فرحة من الصعب وصفها بالكلمات، وخصوصًا أنه تكريم للمرأة في مجال لم يسبق لأحد أن كرمها فيه.

ومن الفخر أن لنا رئيسا وسط كل مشاغله وما يحاك للبلد، أن يهتم بنا وبالمبادرات والمجهودات التي تبذل لإقامة هذا البلد، ويجد لنفسه الفرصة للتحدث مع الأئمة والواعظات عن دورهم في تصليح سلوك الناس والاهتمام بالشأن العام.

 

- وماذا عن تكريمك كأول امرأة في هذا المجال؟

«مكنتش مصدقة نفسي»، ففي مناسبة نقول فيها «كل عام وأنتم بخير» بمناسبة ميلاد النبي عليه الصلاة والسلام، تُكرم امرأة كل أحلامها أن يأتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا، في يوم مولده وتقف أمام رئيس الجمهورية والإمام الأكبر شيخ الأزهر ووزير الأوقاف فرحة عظيمة، ومزيدًا من الثقة والعبء للمرأة في هذا المجال.

خرجنا إلى النور وتم إثبات أن هناك من عمل واجتهد فعلي جميع الواعظات العمل أكثر ووضع هدف رضا الله، ليس فقط عن طريق وعظ الناس، بل بأن يكون له عمل وله باع وله قدرة على أن يغير في سلوك الناس.

 

- هل توقعتِ التكريم؟

لم أتوقعه أبدًا، وقال وزير الأوقاف جملة أثرت في نفسي جدًا، فعندما أبلغني به ردد: «أعلم بأنه إن كان وقع الاختيار على أي واحدة من زميلاتك لكنتِ تسعدين وتفرحين لها من كل قلبك كما لو أنها أنتِ وكنتِ ستفهمين الرسالة من وراء هذا التكريم»، وهذه حقيقة لأني دائمًا أضع عيني على الهدف، فالتكريم الذي حصلت عليه ليس لشخصي فقط وإنما كأنه تم تفويضي من زميلاتي للصعود على المنصة واستلام وسام تكريمنا جميعا لأنه ليس مجهودي فقط وإنما مجهود كل واعظة أثرت وغيرت في التفكير.

 

- وكيف تلقيتِ خبر التكريم من الرئيس عبدالفتح السيسي؟

تلقيته بـ«سجدة شكر»، فدائمًا أردد: «يارب نيتي لك ولوجهك الكريم خالصة لك فتقبلها مني»، فعندما علمت بالتكريم سجدت له متسائلة: «أن يجعل كل ما أفعله خالصًا لوجهه الكريم لا أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة وأن يجعل هذه الأعمال في ميزان أبي وأمي وزوجي وأولادي».

 

- العمل كداعية.. هل جاء بالصدفة أم بالتخطيط؟


عملت في مجال الدعوة، وأنا في سن الثلاثين، حيث كنت أهتم قبل ذلك بحفظ القرآن الكريم وتفسيره وفهم معناه باعتبار التطبيق، وأكرمني الله فيما بعد وبدأت أتخصص في تعليم القرآن والتحقت بمعهد القراءات، وسبقه معهد الدعوة للتمكن من الحديث مع الناس.

 

- ماذا أضاف هذا التكريم للواعظات بشكل عام؟

التكريم يساهم في الارتقاء بشئون المرأة، فالاهتمام بعمل كل ما تنتظرين فيه هو أجر من الله، ولسنوات ترسخ في الأذهان أنه «ذكوري بحت»، فمرت علينا فترة نسأل الله ألا يعيدها مرة أخرى منها سنة لناس أرادوا أن نتحدث بلسانهم ومن وراء حجاب ونتحدث وهم يحللوا ويحرموا.

ففي أول مؤتمر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحدث معي أحد الأشخاص من الدول العربية فسألني ما سبب حضوري متسائلا: «دوركم إيه هنا؟»، واستكمل: «المرأة دورها الجلوس في المنزل وتربية الأطفال والاكتفاء بذلك، فلماذا تغيرن سنة الله الكونية؟»، وبعد عامين حضر نفس الشخص المؤتمر وأخبرني أن كل ما ردده كان كلام اعتاد على سماعه من الناس لكن بعد متابعة عمل الواعظات ودورهن اكتشف مدى أهمية ما يبذلن والفرق، وبالتالي تكريمنا يثبت تغيير الفكر بعد الجمود الذي كنا عليه.

 

- وما أهمية التدريب والتطوير للمرأة في المجال الدعوي وبشكل عام؟

إن كان مهما في كل المجالات ففي مجال الدعوة أشد وأهم ما يكون، فلا يمكن أن نخبر الناس بنفس الكلام الذي يقال من آلاف السنين بنفس الطريقة، بمجرد تحضير كلام معاد دون معرفة حال الناس الذين نخاطبهم، فهذا يحتاج إلى تدريب وتعليم.

فعندما دخلت مجال الدعوة استشعرت تمامًا أن الناس تريد من يفهمها ويتحدث معها، وكنت صادقة جدًا مع نفسي، ووجدت أن إقبال الناس يكون كبيرًا جدًا على الدرس لأنها تجد فيه ما هم بحاجة له، ليس الأمر مقتصر على المعلومة الدينية المقدمة وإنما هو أكبر من ذلك.

 

ما الدعم الذي تقدمه لكِ وزارة الأوقاف؟

قبل وضع الوزارة الواعظات تحت مظلتها، وهذا ما تم حديثًا منذ حوالي 4 سنوات، كنا نعمل ولكن لم يكن أحد يعرف عنا ومن يسمع منا لا يفهم كيف نتحدث عن الدين وأحيانًا كان يتم عدم تصديقنا.

ولكن إنجاز كبير جدًا عندما أولت الأوقاف دروس السيدات والواعظات رعاية خاصة، فالإمام كان يتحدث في الميكرفون ويمكن لأي شخص أن يرد عليه ويستمع إليه، وإنما مصلى السيدات كان بمعزل عن العالم كله، إنما الآن عندما يتم عمل اجتماع دوري وتدريبنا باستمرار كيف نتحدث وعن ماذا نتحدث ويتم وضع أطر معينة بالتأكيد فرق كثيرًا مع الواعظات.

 

- وما علاقة مجال الدعوة بإصرارك على دراسة لعلم النفس؟

قررت دخول مجال علم النفس والإرشاد لكي أتمكن من فهم الناس والتعامل معهم، ولأن المجال كان صعب جدًا إيجاده في مصر لأاني لست خريجة كلية علم نفس، فتوجهت إلى الدراسة في الخارج وردست علم النفس وحصلت فيه على شهادات عليا وحصلت على دكتوراة في العلاج النفسي والإرشاد السلوكي من إحدى الجامعات الشهيرة في أمريكا، وكان له بنية تيسير عملي في مجال الدعوة رغم أنه لم يُطلب مني لك، ولكن أكثر الأمور الرائعة التي تعلمتها أن فهم الدين وإيصال صورته الحقيقية للناس يحتاج إلى فهم طبيعة الناس أولا.


وعندما جاءت فرصة التدريب بأكاديمية الأوقاف شعرت بأن نجم يولد في السماء من جديد في مصر، وأن عندنا الأزهر الشريف ورواق الأزهر والمعاهد التابعة لوزارة الأوقاف وحاليا الأكاديمية الدولية لإعداد وتدريب الأئمة والوعاظ والواعظات، مما أشعرني بالفخر لأن كلنا يحتاج إلى التدريب.

 

- وما رسالتك للمرأة ؟

كوني قدر المسئولية التي تم وضعك فيها، وقدر المسئولية التي أهلك لها الله نفسيا وفيزيقيا، المرأة انتشرت وأثبتت نفسها في مجال، ولكن أصبحنا حجة على بعض إذا استطاعت امرأة أن تغير شيء أو أن تحدث فرق فكل الناسء قادرات على ذلك، فالله سبحانه وتعالى كرم المرأة بأمانات كثيرة جدًا يجب عدم اختزالها في تربية الأبناء فقط، فهناك هدف أعظم هو تغيير شكل المجتمع، فحتى وإن كان من نبع الأمومة فنحن نبني لمستقبلهم

وأوصي كل أم وكل امرأة في كل مجال بأن لا تلتفت لمن يشتتها عن طريقها وأهدافها، لأنها تترك أثر عميق جدًا لكل من تتعامل معهم، وهذا لا ينتقص من كونها زوجة أو أم،وعليها أن تعيش كل دور أهلها له الله بحب واستعداد وصدق.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي