في مواجهة العنف والإرهاب والتطرف.. تجديد الخطاب الدينى نور «يقتل» الظلام

الرئيس-السيسى وشيخ الأزهر
الرئيس-السيسى وشيخ الأزهر

- الرئيس يطالب دائما بنبذ الأفكار المتشددة و«دينية البرلمان» تضع معايير للإصلاح

يعتقد الكثيرون أن «تجديد الخطاب الديني» أمراً حديثاً مستجداً، وأن المصلحين لم يظهروا إلا من بضع سنوات لمواجهة التطرف الفكري والأفكار المغلوطة المتشددة، لكن المتابع جيدا لتاريخ الأمة العربية بأكملها والمجتمع المصري على وجه التحديد يعى جيداً أن البلاد مرت بفترات من الظلام والانعزال نتيجة للهجمات المتتالية، التي أفرزت في نهاية الأمر «دعاة إصلاح» حملوا على عاتقهم تنقية وتجديد الخطاب الديني من الأفكار التي بثها الغزاة داخل صدور المجتمع، حتى استعادت عافيتها مرة أخرى.. إلا أن البلاد بعد أن مرت حديثا بفترات ظلام جديدة، أفرزت خطابات دينية معادية وأفكارا متشددة من قبل جماعات دموية، كان لابد من النهوض مرة أخرى وتدارك الأمر سريعاً، وهو ما دعا الرئيس السيسي إلى التأكيد في كل محفل على ضرورة تجديد الخطاب الدينى وتنقيته من تلك الأفكار المتشددة.. ومن هنا بدأت مرحلة جديدة يتقدمها الأزهر بكافة مؤسساته بمساندة المثقفين والمبدعين ومختلف المؤسسات لتلبية هذه الدعوات ومحاولة الوصول إلى خطاب ديني مستنير.. ووضعت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب بعض المعايير والأسس والقواعد التي يمكن العمل على أساسها لتجديد الخطاب الديني في البلاد.. وهى إعداد الأزهر الشريف والأوقاف موسوعة علمية للرد على الفكر المتطرف والتكفيري، وإعداد موسوعة أخرى لإبراز جوانب العظمة والرقى فى الحضارة الإسلامية، ودعوة الأزهر والأوقاف لبحث سبل تنقية الخطاب الديني مما علق به من فكر متطرف، بما يضمن ترسيخ الفهم الحقيقي للإسلام بمنهجه الوسطى المعتدل، ودور  الأزهر الشريف جوهري تجاه قضية تجديد الخطاب الديني والأفكار المتطرفة التي تشكل الأساس الفكري للجماعات الإرهابية، والتنسيق مع الدول الإسلامية والمؤسسات المعنية لمواجهة هذه الجماعات ، وضرورة رفع كفاءة الطلاب الأزهريين لتحصينهم ضد الفكر المتطرف وتدريبهم على مواجهته وتفكيكه ، وتعزيز دور مرصد الأزهر لمكافحة التطرف على شبكة الإنترنت فى مكافحة الإرهاب وتصحيح صورة الإسلام في الخارج ، وخطة وزارة الأوقاف فى منع غير المتخصصين من اعتلاء المنابر وتوفير الأئمة والخطباء أصحاب الفكر الوسطى لمواجهة التطرف،  وخطة دار الإفتاء ووزارة الأوقاف والأزهر الشريف لمواجهة فوضى الفتاوى الشاذة التي انتشرت في الفترة الأخيرة.

 

- الأزهر: التطوير مهمة متواصلة والإنجازات المتحققة يشهد لها العالم

 

جهد متواصل يبذله الأزهر الشريف في إطار مهمة تجديد الخطاب الديني، التي يقوم بها، بمنظور شامل يتضمن مواكبة هموم العالم الإسلامي وقضاياه، بل وهموم الانسانية من حوله، وجهود نشر السلام العالمي فى الوقت الذي لم يغب لحظة عن خاطره متابعة ومراعاة شئون البسطاء والفقراء وشتى شرائح المجتمع ومنهم أطفال الشوارع والمرضى خاصة من الأطفال ومعاهد الأورام والأرامل والأيتام والقرى الأكثر احتياجا عبر بيت الزكاة والصدقات المصري ايمانا بأن قضية التجديد لن تتحقق أهدافها دون توفير احتياجات الفقراء والفئات الأولى بالرعاية ودعما لجهود الدولة في هذا المجال، ولنا أن نطل طلة واحدة تشير إلى ذلك،خاصة مع تولى الإمام الأكبر د. احمد الطيب مهام مشيخة الأزهر،حيث شهدنا عودة هيئة كبار العلماء، وعودة الأروقة الأزهرية بأنشطتها المتعددة وبرامجها المتنوعة، إلى جانب إنشاء عدة مراكز ووحدات أساسية منها: مرصد الأزهر العالمي، ومركز الفتوى الالكتروني، وبيت العائلة المصرية، ومركز الترجمة ومركز الحوار، ومركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، وأكاديمية تدريب الدعاة والوعاظ، ومجلس حكماء المسلمين، والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر بفروعها في مختلف أنحاء العالم.وتتويج كل ذلك بوثيقة الإخوة الانسانية التي أعدها شباب الأزهر ووقعها الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان والتي شهد لها العالم بتفردها وتأكيدها على سماحة الإسلام،خاصة مع جهود الإمام الأكبر الذي ترجم ذلك فى جولاته الخارجية التي شملت العديد من دول العالم شرقا وغربا التي استقبلها رؤساؤها وكبار المسئولين فيها،فضلا عن زيارات كبار مسئولي العالم لمشيخة الأزهر.

ويواكب ذلك الاجتهاد الجماعي في العديد من القضايا التي لم تتقاعس هيئة كبار العلماء في الفصل فيها كما يقول د. نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء مؤكدا أن الأزهر الشريف يقوم بنشر رسالة الإسلام وعلومه الدينية والدنيوية على أكمل وجه في شتى بقاع العالم،وأوضح أن هيئة كبار العلماء فصلت في موضوعات ذات أهمية خاصة عرضت عليها كالنظر في المادة الثانية من دستور جمهورية مصر العربية حيث شارك الأزهر في لجنة إعداد مشروع الدستور بفريق من علمائه واطمأن إلى أنه ليس فى الدستور ما يخالف دين الله تعالى أو أحكام الشريعة الإسلامية.

 

كما أصدرت هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية العديد من المؤلفات حول القضايا الكبرى والتي يستغلها المتطرفون والمتشددون وقد ساهم في هذه الكتب كبار علماء الأزهر ومن بينهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر والذي أكد أهمية إعطاء الأولوية للقضايا التي شكلت مبادئ اعتقادية عند جماعات التكفير والعنف والإرهاب المسلح، ومنها قضايا: الجهاد - الخلافة - التكفير - الولاء والبراء - تقسيم المعمورة، فضلا عن تطوير المناهج في التعليم قبل الجامعي والجامعي وإصدار كتب جديدة منها كتاب الثقافة الإسلامية في التعليم قبل الجامعي ومناهج الفقه الجديدة لطلاب الكليات العملية لمواكبة القضايا الجديدة في كل كلية، ولا ننسى قوافل الأزهر الدعوية والطبية في المناطق المحرومة من هذه الخدمات مثل المدن الحدودية والساحلية خاصة جنوب مصر.

 

- «الأوقاف»: حولنا الأفكار إلى برامج عملية

 

أكد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف ان الوزارة قدمت مجهودا كبيرا فى مجال تجديد الخطاب الدينى على كافة المستويات، ووضعت خريطة عمل تنفيذية عن برنامج عملها الديني، مؤكدا أننا حولنا ذلك إلى برامج عملية ، مشددا على مواجهة الإرهاب والانحراف والتسيب بكل قوة وحسم باعتبارهما هما الخطر الحقيقى على الدين الإسلامي.. كما أن تجديد الخطاب الدينى له الأولوية القصوى فى برنامج وزارة الأوقاف من أجل تحصين المجتمع ضد الأفكار الهدامة والمتطرفة.. وأضاف طايع، أنه لابد من إعادة فهم النصوص الدينية وعدم التعسف فى تفسيرها وأن مهمة علماء الدين تحصين المجتمع ومواجهة اختطافهم من قبل الجماعات المتطرفة، لافتا إلى أن الخطوة الأولى لنجاح برنامج تجديد الخطاب الدينى هو تأهيل الدعاة بشكل جيد وتنمية مهاراتهم العلمية وأنه جار تدريب نحو 500 داعية على الأنظمة التكنولوجية.

 

وقال رئيس القطاع الدينى ان من أبرز ملامح ما قدمته الوزارة فى مجال تجديد الخطاب الدينى هو إصدار العديد من المؤلفات فى مجال تجديد الفكر الدينى وترجمة بعضها إلى أكثر من عشر لغات.

 

 ومن أهم هذه المؤلفات: الفهم المقاصدى للسنة النبوية. والكليات الست. وقواعد الفقه الكلية.وحماية الكنائس فى الإسلام ومفاهيم يجب أن تصحح. وضلالات الإرهابيين وتفنيدها. وفلسفة الحرب والسلم والحكم. وداعش والإخوان، إضافة إلى مئات المقالات في قضايا تجديد الفكر الدينى.. كما تم تحويل هذه الإصدارات إلى برامج تدريب وتأهيل نوعى تراكمى مستمر للأئمة والواعظات. وافتتاح أكاديمية الأوقاف لتأهيل وتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين بهدف تكوين إمام عصرى مستنير، وواعظة عصرية مستنيرة، علمًا بأن برامج الأكاديمية لا تقف عند حدود التأهيل الشرعى واللغوي، إنما تشمل إلى جانبها أساسيات علم المنطق وعلم النفس وعلم الاجتماع ومفاهيم الأمن القومى وحروب الجيل الخامس والتحديات المعاصرة، وعلوم الحاسب، ودراسة إحدى اللغات الأجنبية، وفنون التواصل إعلاميًا وتكنولوجيًا وإلكترونيًا، وفنون الدعوة والخطابة والتواصل المباشر على أيدى نخبة من خيرة العلماء المتخصصين فى كل مجال من هذه المجالات.. وأكمل طايع لم نغفل دور الخطب والدروس والقوافل والندوات والملتقيات الفكرية فى خطتنا لتجديد الخطاب الدينى فتم تخصيص أكثر من 40 خطبة لمواجهة الفكر المتطرف والتكفيرى وبيان خطورتهما وتصحيح المفاهيم الخاطئة والعمل على ترسيخ مفاهيم القيم والأخلاق وحقوق المواطنة ودعوة الإسلام إلى التسامح ونبذ العنف والتعايش السلمى، ومن أهم هذه الخطب : « خطورة الدعوات الهدامة وضرورة التصدى لها لتحقيق الأمن - مفهوم المواطنة المتكافئة حقوق وواجبات - لا للإرهاب والإفساد - جوهر الإسلام ورسالته السمحة «.. وتم تنفيذ أكثر من 700 قافلة دعوية كبرى خلال إلى المناطق النائية والمحافظات الحدودية بهدف التوسع فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى الصحيح، وتحصين النشء والشباب من الفكر المتطرف ومخاطره وتفكيك الأفكار المتطرفة.. وعن تحصين النشء والشباب كشف رئيس القطاع الدينى عن إنشاء 174 مدرسة علمية بالمساجد الكبرى بهدف نشر الفكر الإسلامى الوسطى المستنير، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وترسيخ القيم والأخلاق والتعايش السلمى ، وأكثر من 1000 مدرسة قرآنية بالمساجد الكبرى بهدف غرس القيم الأخلاقية، وتحصين النشء والشباب من الفكر المتطرف ومخاطره.

القوة الناعمة... الداعم الرئيسى

 

 

كانت ولا تزال القوة الناعمة الداعم الأول للأزهر ومؤسساته فى كل مرحلة من مراحل تجديد الخطاب الديني، فتعمل بمثقفيها ومبدعيها على إفراز خطوط أساسية تساند فى التخلص من الأفكار المغلوطة، فيشير د.شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق إلى أن دور القوة الناعمة فى تجديد الخطاب الدينى أمر لا يستهان به، فالفترة الحالية من عمر البلاد فى حاجة لتكاتف المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدنى بجانب التربية والتعليم ووزارة الخارجية وغيرها من الجهات، فلكل منهم دور مهم بجانب الأزهر ومؤسساته.

ويضيف أن وزارة الثقافة لطالما كان لها دور فى هذا الأمر لكن من الممكن أن يكون قد ظُلم اعلاميا، وأن هذه المرحلة فى حاجة إلى خريطة ثقافية لمصر يتم فيها الربط بين القصور الثقافية والمؤسسات والقطاعات المختلفة وبين الوسائل التكنولوجية الحديثة التى يتعرض لها قطاع كبير من الشباب، موضحاً ان يكون الأمر عن طريق مواقع تفاعلية حقيقية بها قدر من الحرية، وليس مجرد أخبار وبيانات واحصائيات منشورة.

ويضيف إلى أن الاذاعة والتليفزيون والكوادر العاملة بها لهم دور مؤثر على قطاع كبير من المواطنين خاصة البسطاء ممن يتعرضون لهذه الوسائل بشكل شبه يومي، وهنا من الممكن النظر لدول أخرى لها تجارب مثمرة، فيوضح ان المغرب على سبيل المثال لها قوانين تعاقد تحكم من يمكنه أن يفتى فى أمور الدين على هذه الوسائل بشكل محدد.

من جانبها تقول الكاتبة الصحفية، سكينة فؤاد، إن تجديد الخطاب الدينى يعد مسئولية مجتمع بأكمله بعلمائه ومثقفيه ومبدعيه فى كافة المجالات دون استثناء، فهى قضية بها الكثير من الطموحات والأفكار التى تنطلق أساسا من حديث النبى الشريف القائل فيه «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»، موضحة أن التجديد فى جوهره يعتمد فى الأساس على إحياء علاقة المسلم بالدين، وذلك من خلال معطيات الواقع الحالى ومن خلال لغة قادرة على الوصول للأجيال الجديدة.

وتضيف أن الحديث في هذه القضية ليس بالجديد بل إن هناك تحركات تمت بالفعل على مدار سنوات طويلة مثل وثيقة الأزهر التى وضعت من قبل، لكن الأمر الآن يحتاج إلى تفعيل كل ما تم التوصل إليه، وأن الخطوة الهامة هى تنقية كتب التراث من الأحاديث المشتبه بصحتها وغير المؤكدة، فمن الطبيعى أن يكون كل ما يتناقض مع العقل لا يتفق مع الدين، لإن التفكير والتدبر وإعمال العقل من أساسيات الدين.

تعد «لغة الخطاب» من الأساسيات التى لطالما نادى الكثيرون بتجديدها، فتؤكد سكينة أن الخطاب الدينى بلغته الأساسية من الصعب الآن وصوله إلى عقول الأجيال الجديدة التى تعتمد على السوشيال ميديا وعلى اللغة البسيطة القصيرة، ومن هنا فإن الأمر فى حاجة إلى تبسيط وتيسير غير مخل، حتى تعى هذه العقول ما يريد أصحاب العلم نقله لهم، موضحة أنه فى هذا الصدد يجب تغيير الصورة الذهنية عن الخطاب القيم المثقول، فهنا لا نحتاج إلى التضخيم وثقل الخطاب بتفاصيل كثيرة، بل من الممكن أن يكون خطابا سهلا وبسيطا فيه كافة المضمون ويصل بسرعة إلى صدور المواطنين قبل عقولهم دون تنفير.

أما الكاتب والروائي يوسف القعيد، فيوضح اننا في حاجة لمشروع نضع من خلاله خطابا دينيا جديدا، مؤكدا ان المثقفين لهم دور كبير في هذا المشروع فهم يقودون بالكتابة وبالسلوك أيضا، ومضيفا أن التجديد لا يعنى ان ألغى الثوابت القديمة، بل على الجميع التفرقة بين الثوابت التي لا خلاف عليها ولا اقتراب منها وبين معطيات الحياة المتغيرة.

ويضيف القعيد أن تجديد الخطاب الديني لا بد أن يكون بشقيه الاثنين، سواء الاسلامي أو المسيحي، فللكنيسة دور كبير بجانب الأزهر ومؤسساته، ثم بقية مؤسسات المجتمع مفكريه ومبدعيه كل في اختصاصه.

 

- فى عصر «الهاشتاج» و«التويتة».. استخدام كافة المنصات  ضرورة ملحة لتحقيق الهدف المنشود

 

«مرسل..رسالة.. وسيلة.. مستقبل» تعد هذه الكلمات الأربع هى ملخص أى عملية اتصال جماهيرية، وما الخطاب الدينى إلا رسالة يتم بثها عن طريق وسائل إعلام مختلفة كالكتب او التليفزيون والراديو او منصات التواصل المختلفة او حتى مباشرة وجها لوجه، لذا كان من الضرورى مناقشة اساتذة الإعلام فى دور هذا المجال فى عملية تجديد الخطاب الديني.. فى البداية تؤكد د. ليلى عبد المجيد، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة القاهرة، أن تجديد الخطاب الدينى ليست مهمة ومسئولية علماء الدين والأزهر فقط إنما هى مسئولية يشترك فيها الإعلام بالتعاون معهم، لأن الخطاب موجه للجماهير التى لا تتعامل فقط مع المنصات الدينية، لذلك لابد من مشاركة المنصات الإعلامية والثقافية، وهذا ما تحدث عنه الكثير من المفكرين والمثقفين ولكنه أثار غضب بعض المتشددين.. وتوضح أن فى تاريخ مصر فى العقود السابقة كان تجديد الخطاب الدينى مرتبطا دائمًا بالصحافة والمعارك الفكرية التى لها دور مهم وكبير فى إثارة النقاش والجدل والحوار المجتمعى حول القضايا المثارة، وأتاحت الفرصة لدى المؤيدين والمعارضين والتى تنتهى لبعض الأفكار الجديدة، التى تؤكد أن هناك أشياء جديدة يجب النظر إليها بمنظور العصر وكان ذلك بمجهود ظاهر من علماء الدين والمثقفين الذين شاركوا فى هذه القضايا، ومثال على ذلك معركة تحرير المرأة وغيرها من المعارك الفكرية التى ترتبط بتجديد الخطاب الديني.. وتضيف عبد المجيد أن الخطاب يجب ان ينقل عبر منصات إعلامية تكون مساندة ومؤازرة للنقاش والفكر المختلف الذي يُثار حول بعض القضايا التي نحتاج أن نجدد الخطاب الديني بشأنها، لافتة إلى أن هذا كله لابد أن يتم من خلال شروط وهى توافر السماحة والقدرة على تقبل اختلاف الآراء مع الأخذ في الاعتبار قدسية القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة المؤكدة.. وتشير عبد المجيد إلى أنه يجب التفرقة بين القضايا التي يتم مناقشتها ومدى انتشارها، فهناك بعض الموضوعات يتم مناقشتها بشكل علمي في الحلقات النقاشية الصغيرة والندوات في المحافل الثقافية المتخصصة لأنها من الممكن أن تثير لغط للعامة وتثير البلبلة، ولكن هناك موضوعات لابد من مناقشتها عبر وسائل الإعلام ومنصات الثقافة الجماهيرية الكبرى، والتى على رأسها منصات التواصل الحديثة التى تتناسب مع عصر «الهاشتاج» و»التويتة»، وليس الوسائل التقليدية القديمة.. مؤكدة انه يجب تطوير وسائل نقل الخطاب لسرعة الانتشار.. فى نفس السياق يوضح د. مرعى مدكور، عميد كلية الإعلام جامعة 6 أكتوبر، أن تجديد الخطاب الدينى يجب أن يتمثل فى البداية بتجديد فى فهم الدين نفسه، وتجديد الفكر الديني بما يواكب العصر لأن الدين لا يتغير على الإطلاق، ويعتبر الأزهر هو الحصن الواقي لنا، ولكن الأزهر لا يستطيع أن يقف وحده لذلك يلعب الإعلام والثقافة والمسرح وغيرها من القوة الناعمة دورًا كبيرًا في مساندة الأزهر في تجديد الخطاب، ومواجهة التشدد الخاطئ والتطرف الفكري الإرهابي عن طريق تنظيم ندوات ثقافية ومؤتمرات واجتماعات تجمع علماء الدين والمفكرين والإعلاميين والمثقفين وتساهم فيها أيضًا جميع الفنون الراقية.. ويؤكد مدكور أن هناك بعض الفتاوى الشاذة والتي لا يمكن اعتبارها تجديدًا وبالفعل يلفظها الجمهور ولا يهتمون بها وذلك للوعي الكامل بالدين فبعض تلك الفتاوى قد تؤدى إلى التشدد، لافتًا إلى أنه لابد للخطاب الديني أن يواكب العصر وتجديده لا أن نبدأ من الصفر ولكن بتكملة بنائه بفكر مستنير.