صدى الصوت

مؤلفون تافهون!

عمرو الديب
عمرو الديب

صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى، اسم لأديب قد يجهله الآلاف، وصاحبه هو أحد أعلام التأليف فى تاريخ أدبنا العربى، حيث أثرى المكتبة العربية بمؤلفات قيمة جدا، فى فنون عدة، وقد عاش فى القرن الثامن الهجرى، وما يعنينا فى هذا المقام انه يصلح كنموذج للمؤلفين فى كل عصر ومصر، حيث بلورت تجربته الثرية شتى الصفات التى يجب أن يتحلى بها كل من يتصدى للتأليف فى أى مجال، ومن هذه الصفات الثقافة الموسوعية، وامتلاك الأسلوب الرشيق الجذاب، والقدرة على التعبيير الدقيق عن المعانى والأحاسيس، وهذه المهارة العجيبة فى الإحاطة بموضوعه، والتمتع بطاقة هائلة على بذل جهود خارقة مذهلة فى عملية التأليف، وقد تبدى كل ذلك فى مؤلفاته الخالدة التى تركها للأجيال تنهل منها كيف شاءت، وفى مقدمة كتبه القيمة، موسوعته التراجمية، «الوافى بالوافيات» التى صدرت محققة فى ثلاثين مجلدا تشهد لمؤلفها بالنفس التأليفى العجيب والقدرة على استيعاب موضوعه، فقد ضم 14ألف ترجمة لأفذاذ مختلف العصور، وهكذا يكون التأليف، فلابد ان يستهدف كل من يمسك بقلم ليؤلف كتابا ان يضيف إلى من سبقه، لأن التأليف عملية شاقة مجهدة، تتطلب صفات لا تتوافر فى كثيرين يتصدون لتلك المهمة، بهدف التكسب والربح السريع، فينحدرون بمعنى التأليف ويهينون الكتاب، ولست أُثنى على الصفدى لانتمائه إلى عصور موالية قديمة نوعا، فلست من هؤلاء الذين يرون فى الماضى المثل الذهبى دائما، ويقدسون القدم على علاته، لأنه فى كل عصر، هناك مؤلفون حقيقيون وآخرون زائفون، مثل هذا المدعى الجاهل الذى سرق فكرة كتابه، وراح ينبش فى أوراق ووثائق أحد أفذاذنا الأعلام، وأخرج وريقات تافهة، لا تحمل أية إضافة حقيقية، والعجيب أن بعض مؤسساتنا الثقافية القومية احتفت بهذا الهراء، بصورة مشينة مبالغ فيها مجاملة للمؤلف الزائف الجاهل وكتبه التافهة، وقد أصدرت منه طبعتين فى فترة وجيزة من ميزانية البلاد، مجاملة - أقول- للكاتب المزعوم، والمجاملة - هاهنا- فساد ولا شك، وراحت تعقد لمناقشته الندوات، على الرغم من صدور عدة كتب تسلط الضوء على عالم الفذ موضوع الكتاب الوضيع، سابقة عليه ومواكبة له،ولكن المؤلف التافه استحوذ على اهتمام بعض مسئولينا الثقافيين، مجاملة له، والمجاملة فى كثير من الأحيان فساد مشين!