حكايات| جينات ونفسية وأكل.. جمال المصريات في خطر

جينات ونفسية وأكل.. جمال المصريات في خطر
جينات ونفسية وأكل.. جمال المصريات في خطر

هجرة غير محدودة لشباب مصريين أعطوا ظهورهم للزواج من مصريات؛ بحثًا عن «جمال غير محدود» فُتحت بوابته فجأة مع قدوم لاجئات سوريات إلى مصر، قبل سنوات، ثم انفجرت «ماسورة غزل» على مواقع التواصل الاجتماعي عن اللبنانيات مع اندلاع ثورة أكتوبر في بيروت وأخواتها.


بعيدًا عن السخرية الشبابية و«السخرية المضادة» لشابات مصريات، وبغض الطرف عن المثل الشعبي «ألف من تتمناك»، بات سؤالا علميًا وربما واقعيًا يفرض نفسه: هل انخفض مستوى جمال المصريات؟!


رحيل الأجانب


في ظل غياب خريطة جينية للمصريين واضحة المعالم استبعدت الدكتورة هدى العاصي مدرس الوراثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية تقديم تفسير جيني لهذه الظاهرة، غير أنها اعترفت بتراجع مستوى جمال المصريات على مدار السنوات.


«العاصي» قدمت رؤية للوضع العام في مصر بقولها: «منذ رحيل الأجانب تراجع مستوى الجمال بالفعل بين السيدات، فمع قلة الاختلاط (التزاوج) بين المصريين والأوروبيين وتحديدًا الفرنسيين تراجعت الملامح المصرية المتأثرة بنظيرتها الأوروبية».

اقرأ حكاية أخرى| فرعونية بسمار نوبي وروح بدوية.. الجمال المصري يكسب


«بحكم أن منطقة المنصورة كانت من أكثر المناطق المصرية احتكاكًا بالفرنسيين لا تزال محتفظة بملامح جمال خاصة للغاية، والدليل أن المصريين لم يحتكوا بالإنجليز خلال فترة احتلالهم لمصر، فلن تجد ملامح واسعة تربطهم بالإنجليز شكلا أو حتى مضمونًا على عكس شعوب البحر المتوسط التي تجمعها خصال نفسيه وشكلية مثل فوضويتهم جميعًا».. كلمات حاولت مدرس الوراثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية التدليل على حديثها.


ليس هذا فحسب؛ بل إن فنانات جيل الخمسينيات والستينيات مثل «مريم فخر الدين ونادية لطفي وسعاد حسني» وغيرهن من أبناء هذا الجيل تحتفظ جذورهم بأصول غير مصرية ربما أرمينية أو شامية ومنهن الأوروبية، ومع خروج الأجانب من مصر بشكل شبه تام تراجعت الملامح كما هو واضح الآن.


غذاء غير صحي


بنظرة أخرى وبفحص لما تلتهمه بطون المصريات، اعترفت أخصائية العلوم وتكنولوجيا الأغذية، رقية حسن، بأن شكل ومظهر السيدات حديثا اختلف عن الماضي، مرجعة ذلك إلى عدة أسباب، أهمها التغذية غير السليمة والتي تتسبب في تسارع شيخوخة خلايا الجسم للسيدات.


قبل عشرات السنوات، كانت سيدات مصر يعتمدن في غذائهن على الطبيعية الخالية من المواد المصنعة أو المعالجة، فكان «طعامهن الأساسي يشمل خضروات وفواكه الطبيعية حتى مع وجود الدقيق الكامل والزبد والسمن البلدي، وفي المشروبات اتسمت قهوتهن وأكواب الشاي بالبساطة»، بحسب «حسن». 

 

أما الآن فتحتل الوجبات الجاهزة المركز الأول عند ربات البيوت، مع اختفاء الخضروات والفاكهة من الوجبات اليومية واستبدالها بالحلويات والأطعمة المقلية التي تفقد الجسم مصادر مضادات الأكسدة الطبيعية الهامة للصحة والنضارة، حتى أن مصطلح الغذاء الصحي الذي يستخدم حديثا يخلو من هذه الأطعمة. 

 

اقرأ حكاية أخرى| «فياجرا» للسيدات فقط.. صرخات من داخل الغرف المغلقة


ولا يختلف اثنان على أن السمنة تختطف «جمال النساء» بشكل عام، وهنا تؤكد أخصائية العلوم وتكنولوجيا الأغذية أن السبب الرئيسي في حدوث السمنة وفقدان الجسم لرشاقته تناول أطعمة معينة يوميًا، تتمثل في السكر الأبيض والسمن النباتي المهدرج وبالطبع المقليات والوجبات الجاهزة التي تحتوي على نسبة عالية من الملح، وتسبب احتباس السوائل بالجسم، وكذلك أغذية مشبعة بالمواد الحافظة والألوان الصناعية والمعلبات التي تطلي من الداخل بمادة «بيسيفنول أ» التي تؤثر على الغدد الصماء. 


ففي 2017، كشفت دراسة طبية أجرها باحثون متخصصون في مجلة نيو إنجلاند الطبية، أن 19 مليون مصري يعانون من السمنة المفرطة. فيما تصطدم 39% من السيدات المصريات بالسمنة، أي 10 ملايين مصرية، بما يمثل نسبة 2.7% من معدلات السمنة العالمية، وللأسف تحل مصر في المركز الثاني عالميًا ضمن معدل سمنة النساء.


ويزداد حزن الأخصائية رقية حسن مع تسجيلها إقبال الفتيات بشدة على الأطعمة غير الصحية، يوميًا، رغم أضرارها اللاحقة؛ حيث وضعت منظمة الصحة العالمية اللحوم المصنعة والمعالجة في أعلى قائمة المسرطنات، إضافة إلى أن الإكثار من تناول القهوة والشاي ومصادر الكافيين والصودا يسبب جفاف البشرة والتوتر الدائم الذي يؤثر على جمال المرأة وشبابها.


وتمتد قائمة الأغذية الضارة إلى «الخبز الأبيض والمخبوزات»؛ إذ يتسبب في اختلال توازن الجسم وانتشار السمنة، وعادة ما تتناول سيدات مصر «الصودا» كبديل للماء وانتشر ذلك مؤخرا كنوع من أنواع الموضة، وهي عادة ضارة جدا.

 

اقرأ حكاية أخرى| جويرية «سوبر دوبليرة» مصرية.. الجرأة حلوة مفيش كلام


وتنصح أخصائية الغذاء السيدات بالعودة إلى الطبيعة في تناول غذائهن، وذلك بمنح الجسم ما لا يقل عن 350 جم من الفواكه والخضروات يوميا للحصول على قدر كافٍ من مضادات الأكسدة والعناصر الدقيقة الهامة لسلامة كل خلايا الجسم، والتي تحارب آثار الإجهاد التأكسدي، لإضافة إلى عدد ساعات نوم كافي لبشرة «رايقة».


وإلى جانب انتظام شرب المياه، تتمسك «رقية» بضرورة تناول المشروبات العشبية كالنعناع والكراوية والمريمية، لكونها تمنح بشرة مثالية وشعر قوي، والتقليل قدر الإمكان من الصودا والكافيين الزائدة عن الحد. 


النفسية «تحت الصفر»


بين رحلتي الجينات والتغذية، وقفت أخصائية الطب النفسي الدكتورة ولاء نبيل، كثيرًا أمام «راحة البال» كعنصر حاسم في الجمال الطبيعي للمرأة قديمًا، حين كان دور المصريات ينحصر في رعاية أفراد أسرهن فقط.


«أما في وقتنا الحالي فتتنوع أدوار كل أم وزوجة وأخت مصرية» - والكلام للدكتورة ولاء- مما يسبب لها ضغطًا نفسيًا هائلا لرغباتها في إنجاز كل مهامها مع تحقيق هويتها وذاتها في نفس الوقت. 

 

اقرأ حكاية أخرى| لبنات مصر.. روشتة الملكة «كليوباترا» للجمال باللبن والعنب


وفي أجواء مشحونة بالتوتر دخل موقع فيسبوك وأخوته إلى حياة المصريات ليستحوذ على النصيب الأكبر في التأثير على الصحة النفسية لهن، ولوحظ مؤخرا أن الاستخدام المفرط وكثرة تصفح مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على نفسيتهن سلبًا، ويصيبهن بالقلق والتوتر بشكل كبير، ما يفاقم المشكلة، ويتطور الأمر كثيرًا للإصابة بمرض الاكتئاب.


ومع سيطرة العاطفة على عقل المرأة تصبح حبيسة محتوى فيسبوك، لتزداد معه معدلات الانفعال الشديد والاحتراق النفسي؛ خوفا على أسرتها من حدوث أي أذى أو ضرر يلحق بهم كما تشاهد.

 

عمليات تجميل


في مصر أيضًا كان الجمال «رباني» فالبشرة مثلا كانت تتمتع بالنقاء بعيدًا وخالية من أي تدخل صناعي، ويظهر ذلك بوضوح عن مشاهدة أي صور قديمة للأمهات، أما هذه الأيام تعاني الفتيات من جفاف البشرة أو إحمرارها. 


ولعل كثرة استخدام مستحضرات التجميل التي تحتوي على أضرار كيميائية تضر البشرة مع التقدم في السن وتزيد من عوامل الشيخوخة لها كلمة السر في كل هذا، بحسب طبيبة الأمراض الجلدية الدكتورة نهى حلمي.

اقرأ حكاية أخرى| جمالهن «لعنة».. حسناوات يتعرضن لتكسير العظام والضرب مبرح


وتلعب موضة التجميل بالعمليات الجراحية، وأشهرها حقن الفيلر والبوتكس لتحديد ملامح الوجه، دور واضح في تدمير البشرة مع التقدم في العمر، وتضطر كثير من النساء إلى تجديدها كل فترة.


وفيما يرتبط بالفارق بينهما، تقول «حلمي»: «حقن الفيلر تستخدم لملء أماكن معينة أو ملء فراغ في الوجه، أما البوتكس فيركز على إرخاء عضلات الوجه لإزالة آثار الشيخوخة أو تحسين شكل الوجه». 

 

لكن هذين النوعين من الحقن يضعف مفعولهما، ولابد من تجديدهما كل فترة بخلاف العمليات الجراحية، لذلك مع مرور الوقت قد يحدث ترهلات أو تغير في الملامح بدون إجراء الحقن.