بدء المرحلة الـ4 من تقليص إيران لالتزاماتها النووية... هل تتحرك «الترويكا الأوروبية»؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

دخلت مرحلة جديدة من مراحل تقليص إيران لالتزاماتها النووية حيز التنفيذ، بعد أن فشلت كل الجهود الأوروبية في رأب الصدع بين طهران وواشنطن، وإعادتهما إلى طاولة التفاوض من جديد.


المرحلة الإيرانية الرابعة، جاءت تزامنًا مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على شخصيات إيرانية، من بينها نجل المرشد الأعلى علي خامنئي.


وأعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اليوم الأربعاء 6 نوفمبر، بدء الخطوات الفعلية لخفض التزامات بلاده ضمن الاتفاق النووي الموقع مع القوى العالمية في 2015، وذلك بضخ الغاز لأكثر من 1000 جهاز طرد مركزي.


وطالب محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الدول الأوروبية بتنفيذ التزاماتها في إطار الاتفاق النووي.


وكتب ظريف في تغريدة له على "تويتر": "خطوتنا الرابعة (لخفض الالتزامات النووية) في تعليق أحد بنود الاتفاق النووي الواردة في الفقرة 36 منه، تأتي ردا على انتهاكات أمريكا والترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لتعهداتها".


وأضاف ظريف: طريق الحل السهل للولايات المتحدة والترويكا الأوروبية؛ التزموا بتعهداتكم ونحن بدورنا سنعود عن هذا المسار.
بدء المرحلة الرابعة


كتب روحاني عبر حسابه على "تويتر" يقول: "ستبدأ خطوة إيران الرابعة في تقليص الالتزامات النووية بضخ الغاز إلى 1044 جهاز طرد مركزي اليوم".


وأعلن روحاني، الثلاثاء 5 نوفمبر، أن طهران ستتخذ، الخطوة الرابعة في اتجاه تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الموقع في عام 2015، مؤكدا أن هذه الخطوة أيضا قابلة للتراجع في حال عودة أوروبا إلى التزاماتها.


وأوضح أن الخطوة الرابعة "متعلقة بضخ الغاز لتشغيل أجهزة الطرد المركزي بمحطة فوردو".


وحسب وكالة "إيسنا" الإيرانية: "تم نقل 2000 كيلو جرام من غاز سادس فلوريد اليورانيوم من محطة نطنز إلى محطة فوردو تحت رقابة مفتشي الوكالة الدولية لبدء تشغيل أجهزة الطرد المركزي في مفاعل فوردو".


وأضافت الوكالة أن "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية نقلت غاز "uf6" إلى منشأة فوردو جنوب طهران، تمهيدا للبدء بتنفيذ الخطوة الرابعة من تخفيض التزاماتها النووية"، موضحة أن "عملية نقل الغاز من منشأة نطنز إلى منشأة فوردو تمت بإشراف مندوبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية".


تدخل أوروبي
مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "دول الاتحاد الأوروبي تجد نفسها أمام باب مسدود، فهي يجب أن تجد معالجة سياسية اقتصادية لهذا التحدي، الذي تطرحه الإدارة الإيرانية على مدى شهور طويلة، متزامنًا مع تقليص التزاماتها تجاه الاتفاق النووي."


وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "القيادة الأوروبية منذ عدة أشهر كانت تعتقد في أهمية الحفاظ بكل الوسائل على الاتفاق النووي، لأنه يغطي فراغًا سياسيًا وعسكريًا، ويمنع المجموعة الدولية من الانزلاق في حرب مفتوحة، وانفجار شامل".


وتابع: «لكن التحديات والتهديدات التي تمارسها إيران تفرض على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ بعض القرارات التي من شأنها أن تعيد النظر في المقاربة التي يقترحها لحل هذه الأزمة.»


وعن الطرق المتاحة أمام الاتحاد الأوروبي لحل هذه الأزمة، قال: "إن السؤال المطروح حاليًا على الساحة، هو هل ستلتحق الدول الأوروبية بمنظومة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على طهران، أم ستجد حلًا يرضي الإدارة الإيرانية".

معالجة أوروبية جديدة
وأضاف: "لو كان بإمكان الاتحاد الأوروبي إيجاد حل لفعلوه منذ زمن بعيد، هناك تحدي واضح ينتظر الأوروبيين، لأن زعيمهم الدبلوماسي (إيمانويل ماكرون) فشل في وساطته، ولم يتمكن من جمع الفرقاء الإيرانيين والأمريكيين على طاولة المفاوضات".


وبسؤاله عن طريقة تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع المعطيات الجديدة، قال إن "الكل يشير إلى ضرورة أن لا تقع المجموعة الدولية فيما يسمى بالابتزاز الإيراني، لأن ذلك في نهاية المطاف يعطي مصداقية للانتقادات الأمريكية التي وجهها ترامب لطهران وفرض على أساسها عقوبات صارمة".


واستطرد: «كل البيانات التي صدرت عن دول الاتحاد الأوروبي تنصح إيران بالعدول عن القرارات الخطيرة، ولابد أن يكون هناك معالجة أوروبية جديدة، خصوصا وأن بعض الأوساط تراهن على فرض أوروبا عقوبات اقتصادية على إيران لردع تماديها في الابتزاز.»


وأنهى حديثه قائلًا: «لحد الساعة، دول الاتحاد الأوروبي تنتظر التقرير الذي ستصدره الوكالة الدولية للطاقة الذرية قريبًا، حيث سيوضح ما إذا كانت إيران تجاوزت الخطوط الحمراء، وهل يتوجب على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في مقاربتها بطريقة جذرية أم لا؟».


فرصة إيرانية أخيرة
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، عماد ابشناس، إن "في الظروف الحالية، وخاصة في ظل التعنت الأمريكي من المستبعد أن تنجح فرنسا في فرض حل سياسي بين إيران وأمريكا".


وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "مسبقًا أصرت فرنسا في المضي قدمًا لحلحلة الخلافات بين طهران وواشنطن، وضمان نجاح تلك المحاولات يكمن في عدم وقوف باريس تجاه طرف ضد الطرف الآخر".


وتابع: "المشكلة تكمن في أن فرنسا والدول الأوروبية عامة، على الرغم من أنهم يعلنون رسميًا الوساطة بين طهران وواشنطن، يتخذون خطوات تراها إيران بأنهم يقفون في صف أمريكا".


وعن تقليص إيران التزاماتها النووية مجددًا، قال ابشناس: "إيران بحسب الاتفاق النووي يحق لها أن توقف جميع التزاماتها تجاه الاتفاق، طالما لم تقم الأطراف الأخرى بتنفيذ تعهداتها، أمريكا وأوروبا لم يلتزموا، لذلك إيران تذكرهم بأنها تستطيع تقليص الالتزامات، والتخلي عنها".


ومضى قائلًا: "التصريحات الإيرانية الأخيرة تؤكد أن طهران تعطي فرصة للأوروبيين لاتخاذ خطوات، في الوقت نفسه تؤكد للمجتمع الدولي أن ما يحدث بسبب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، وأوروبا لا تستطيع الالتزام، لذا من حق إيران أن تقلص التزاماتها خطوة خطوة".


تنديد أوروبي
قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء 6 نوفمبر، إن مصير الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى العالمية في 2015، وانسحبت منه الولايات المتحدة العام الماضي، هو بيد طهران وواشنطن.


وقال ماكرون، خلال مؤتمر صحفي بالسفارة الفرنسية في بكين، خلال زيارته الجارية للصين، إن "إيران وأمريكا هما من تقرران اليوم مصير خطة العمل الشاملة المشتركة".


وتابع ماكرون: "خلال الأسابيع المقبلة سنمارس الضغوطات على إيران لكي تعود لالتزاماتها، كما سنعمل على تخفيف العقوبات عليها لكي نقيم توازنا".


ووصف ماكرون القرارات التي اتخذتها إيران أمس، والتي تتعلق باتخاذ خطوة رابعة لخفض التزاماتها بالاتفاق النووي، بأنها "خطيرة"، معلقا بأن "طهران قررت بشكل واضح الخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة".


وأضاف الرئيس الفرنسي أن "أمريكا أخطأت عندما تركت خطة العمل الشاملة المشتركة، مما أدى لمزيد من التصعيد"، مضيفا: "سأتطرق مع الرئيس [الأمريكي دونالد] ترامب خلال الأيام المقبلة لفكرة فتح أجندة ثقة بين أمريكا وإيران".


وذكر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، أمس، أن قرار إيران اتخاذ خطوة جديدة لتقليص التزاماتها باتفاق نووي تاريخي يعود لعام 2015 يشكل تهديداً للأمن القومي لبلاده.


وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في الثامن من مايو 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع طهران بشأن برنامجها النووي، عام 2015، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت فيها الإدارة الأمريكية تجفيف الموارد المالية الإيرانية، وفرض عقوبات على مشتري النفط الخام الإيراني ومنتجاته.


وردت إيران على ذلك بإعلانها مؤخرا عدم الالتزام بمجموعة أخرى من المعايير التي تم الاتفاق عليها عام 2015، واتخذت ثلاث خطوات في طريق تقليص تعهداتها النووية، كان آخرها في 7 سبتمبر الماضي، عندما رفعت القيود على أبحاث ومستوى تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي.