«لملموا» التاريخ 

كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وعبد الحليم وسيد درويش
كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وعبد الحليم وسيد درويش

لله في خلقه شئون هناك من يصنع تاريخ وذكريات من لا شيء، آخرون  يهدموا التاريخ  ويسعوا إلى التخلص منه بكل الوسائل.

قبل أيام أقيم في بيفرلي هيلز مزاد على طقم من بنطلون وسترة من الجلد، كانت النجمة أوليفيا نيوتن جون قد ارتدتهما في الفيلم الشهير «جريس» الذي عرض عام 1978 وبيع الطقم بمبلغ 405700 دولار.  

صحيح أن النجمة ذات الأصول البريطانية، والتي نشأت في أستراليا، وتبلغ من العمر الآن 71 عاما تسعى إلى جمع مال لمركز «نيوتون - جون لعلاج السرطان» في أستراليا، حسب «رويترز». غير أنها تعاملت مع ذكرياتها مع الفن بأسلوب غير تقليدي وخارج الصندوق، وحولت تلك القطع من مجرد قطع من قماش إلى ثروة لمكافحة مرض السرطان.

وعلى الجانب الآخر نجد مثلا صرخات من أهالي كوم الدكة بالإسكندرية ومن المثقفين بتحويل منزل فنان الشعب «سيد درويش» قبل أن يندثر إلى متحف يحمل مقتنيات وذكريات هذا الفنان العظيم الذي طور الأغنية الشرقية في الوطن العربي لكن هيهات, فلماذا نستمع إلى صوت العقل ونحن نملك ثلث آثار العالم.

وأذكر جيدا كم بكت العيون عندما تم هدم فيلا الراحلة «أم كلثوم » بالزمالك وتهافت عشاقها من أقاصي الدول العربية للحصول على « شَأْفة » من حطام بيتها وتزيين بيوتهم بتلك الحجارة الصغيرة. وأتصور لو تم في يوم من الأيام العثور على فساتينها المعروفة للجميع والمصورة عبر حفلاتها، وبيعيها في مزاد خيري لسجلت أرقاما قياسية، ولكن لماذا نفكر خارج الصندوق.

وأعلم أن جانب من مقتنيات الراحلة ليلى مراد بيعت مع شقتها إلى المخرج خالد الحجر. والحمد لله أن تلك المقتنيات ذهبت لفنان يدرك قيمتها ومن قبلها قيمة صاحبة هذه المقتنيات.

وإن كان الراحل عبد الحليم حافظ الأكثر حظا من أبناء جيله، بعد ما حافظت عائلته على «الأثر» الذي خلفه من بعده، ويفتح منزله كل عام في ذكراه تخليدا له.   
 
وعندما ننظر للوحشية والاستهتار الذي يتعامل بها لصوص الآثار لتهريبها من أجل حفنة أموال لا تستغرب، لأننا لم نغرس بداخلهم قيمة التاريخ، فالتاريخ يعمق الانتماء داخل الإنسان، ويرسخ الحلم في النفس البشرية، ويزرع الأمل بالمستقبل ، ويغرس وهج دائم بالغد لندخل به التاريخ.